يحتفل العراقيون في العاشر من شهر تشرين الثاني كل عام بذكرى مولد عاصمتهم الحبيبة بغداد .. مدينة السلام ( وأم الدنيا ، وسرة العراق ) كما سماها المفكر البريطاني ( توينبي ) .. وقبل حلول موعد الاحتفال هذا العام ، بدأت تحضيرات مكثفة بإشراف ( أمينها ) الذي حرص على أن يكون الاحتفال مميزاً وتحت شعار (بغداد تحتضن ضيوفها من غزة إلى لبنان) ..

وسيتم الاحتفاء خلاله بنخبة من العاملين المبدعين في بلدياتها وعدد من رواد ( مجالس بغداد ) ومنتدياتها الأدبية والثقافية والمبدعين من عشاق هذه المدينة العريقة التي شيدها أبو جعفر المنصور عام ( 145هـ ) مدورة على ضفاف دجلة الخير ..

ولا بد من التذكير بأن بغداد قد تعرضت لمزيد من الخراب خلال العقود الثلاثة الماضية ، التي شهدت ثلاثة حروب مدمرة ومتعاقبة ودخول القوات المحتلة عام 2003 بآلياتها وأسلحتها المدمرة التي ضاعفت من جراحاتها وفسحت الطريق أمام زمر ( الحواسم ) والطفيليين والمتجاوزين والنازحين من الريف لينهشوا التصاميم الأساسية لأحيائها والبنى التحتية وشبكات المياه والمجاري والكهرباء . وامتدت عشوائياتهم غير النظامية بكل اتجاه ، وراحت تستنزف عافية الأحياء السكنية القريبة منها ..

ومن الظواهر السلبية وغير الحضارية المؤسفة التي أفرزتها تلك الأعوام ما تعرضت له النصب الفنية والتماثيل والأسواق والدور التراثية من نهب وتدمير وشملت معظم النافورات والسلالم الكهربائية الخاصة بعبور السابلة .. ولم تصمد أمام قسوة العقود المريرة الماضية سوى مجالس بغداد الأدبية والثقافية والتراثية العريقة التي حافظت على عافيتها ونكهتها وروادها من الأدباء والمفكرين .. وستبقى كما كانت حدائق للعلم والأدب وحاضنات للمبدعين والمثقفين ..

وقد واصلت أمانة بغداد منذ إعلان المنهاج الحكومي الجديد الذي أعده وأعلنه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورسم ملامحه الرصينة ، بمواجهة مخلفات الأعوام الماضية بصيغة جهد دؤوب ونشاط استثنائي لانتشال الأحياء السكنية المحيطة بمركز العاصمة من معاناتها وشحة خدماتها والاستعانة بجهود وخبرات المستثمرين والمتعهدين على وفق توجيهاته ومتابعاته الميدانية المتواصلة .. فعسى أن تثمر هذه الجهود .. وكل عام وبغدادنا الحبيبة بخير ..