الاشتغال على ادوات مغايرة في كتابة قصصه . فلسفة القص عند القاص والروائي " موسى الهاشمي " |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
قاسم ماضي -ديترويت
ان تتبنى مفاهيم مختلفة ، وتحاول ايصالها إلى النخبة أو القارئ فهي محاولة ليست سهلة .وضمن نسق معرفي .والنسقية تأتي من خزين القاص وفق قراءة معرفية . و يتألف النسق من عدد من النظريات الفلسفية، تحتوي كل نظرية منها على موقف معين من مشكلة معينة. بحيث تكون كل نظريات النسق مترابطة ومتماسكة البناء. إنه – أي النسق- الإطار الفكري الكامل . الذي يربط أفكار الكاتب بعضها ببعض في وحدة عضوية دون أن يحتويها تناقض أو تقاطع. بل شرط النسق الفلسفي تحقيق الوحدة والانسجام بين عناصره التي يتكون منها هذا النسق...! وهذا يحسب للكاتب الذي غاص في الأدب القديم والحديث حتى يكتب بلغة ممتعة ويخوص في أعماقنا . وتندرج في اطار البحث عن كل ما هو مدهش ومثير ، وتلك مهمة شاقة لأي كاتب مجتهد يحاول ايصال صوته عبر هذه المجسات التي انطلق منها لإيصال رسالته . فكان القاص والروائي " الهاشمي " يدين العديد من المظاهر والحالات التي عاشها قبل سقوط النظام السابق بأسلوب يرتدي حلة الادهاش عبر طرحه السردي المتميز الذي أخذ طابعا يثير التأمل والاستفهام . وكذلك يرسم لذاته المولعة بما شاهده من عذابات ومعاناة لهذا " الضيم والقهر " الذي حمله في صيرورته وفق جرعة كثافة من القنطازيا التي اشتغل عليها بصورة معبرة من خلال سرد هادر . فظل يشتغل عبر شخوص تنامت في مخيلته بعد ان كانت حبيسة في مخيلة حالمة تحاول التفتيش عن الحياة وعنفوانها وسر هذا الغموض الذي انتشر في مكامن وعيه . ففي قصة " ذئاب الصحراء " يقول " أما اليوم فلم يبق من الماضي سوى الأحلام ،وما أكثر الأحلام بل ما اقبح الأنتظار " ص20 وهنا نؤكد مقولة الناقد والكتاب الأستاذ " علي الفواز " لعبة الكتابة فهي متوالية كما القراءة " ولو تأملنا جميع هذه القصص في هذه المجموعة القصصية المعنونة " عش الغراب " لوجدنا بهذا العنوان المستفز للقارئ كلمة " غراب " والتي تعني " غراب " اسم " والجمع " غربان ، واغرب ، واغربة " وهو جنس طير من الجواثم ، يطلق على أنواع كثيرة ، منها الأسود ، والابقع ، والزاغ ، والأعصم ، والعرب عادة يعتريهم التشاؤم حينما يسمعونه عنه أو يرونه ، وخاصة اذا نعق قبل الرحيل " والعش هو المكان الجامع لهم . والعنوان فيه رمزية كبيرة لهذا الوحش الساكن والمهيمن على دواخل عديدة من البشر . وهنا يقول في قصة " منتصف الليل " " الحرية تلقى في قصر زنزانة قميئة ، الظلام المشاع يفترش الصدر " ص85 حتى أنه سلط الجزء الأكبر من ذاته في تلك الأوراق البيضاء التي تحولت إلى السواد ، وأصبحت نقطة التقاء بين البياض والسواد ، والتي استشعرها كاتبنا إلى عوالمه المؤلمة والتي كانت مخزنة ومكبوتة قبل سقوط النظام عام 2003. وهنا يؤكد لنا الكاتب ليقول لنا عبر أكثر من عشر روايات وثلاث مجاميع قصصية . " كنت اتعامل مع القيود مع حرية التعبير التي واجهها العديد من. الكتاب العراقيين في زمن النظام السابق ، والتي لا تزال بعض اشكالها باقية ، الا انه اضطر في العام 2000 ومع شعوره بتقدم الزمن وتقدم عمره ، وخشية ان يضيع حلمه الأدبي تماما ، باشر بالكتابة و حول قلمه الى أداة للغوص في عوالم حياتية جديدة تشتغل في اذهاننا تلك الصور التي حركها لتكون شاهدة على عصره المظلم . ففي قصة " قرية عشتار " " الذات وانشطارها وألبوح عبر الخلجات التي حبسها نتيجة هذا الهم الذي اوصله إلى مرحلة " الجنون " ثم دخوله إلى أقسام الأمن " ص15 وكانت هذه الحكايات التي اشتغل عليها في سرديته القصصية التي أخذت مساحات واسعة من منظومة وعيه إزاء مفردات الواقع الى جانب خزينه المعرفي المتنوع ، وظلت مجموعته تحمل الكثير من الالغاز والعبر المتروكة لدى القارئ الذي يملك حرية قراءة النص بموضوعية تمكنه من فك شفرة هذه الالغاز والعبر عبر مقاربته للواقع وأحداثه ضمن السقف الزمني التي وقعت خلاله .مستخدما لغة مكثفة وتحمل دلالاتها العميقة .حيث يقول في قصة " الخمار الاسود " " فأجتاحني شعور بالاحباط والتعاسة والوحدة والضيق " ص41 وبالتالي نقول هذه القصص كتبت في فترات متفاوتة قبل عام 2003 و ما بعدها ، الأمر الذي أبرز تلك الاختلافات في هذه القصص حيث انعكس مزاج الحقبتين على أجواء القص وعلى بين ثيمات النص ، فمنها سوداوية الأجواء ومنها فيها امل وحياة . " إمست الهجرة ضرورة ملحة لا غنى لنا عنها " بقي أن نقول إن هذه المجموعة قد صدرت عن دار شركة حوراء بالتعاون مع الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق لعام ٢٠٠٧. |
المشـاهدات 27 تاريخ الإضافـة 23/11/2024 رقم المحتوى 56078 |