نافذة سيلفيا بلاث تعود من انتحارها وتيد هيوز يروي الحكاية |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
وجدت الروائية الهولندية كوني بالمن في الحياة المثيرة والمفجعة التي جمعت بين الشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث والشاعر تيد هيوز مادة دسمة لبناء رواية محكمة محمولة على لغة شعرية صافية فكانت روايتها«أنت قلت» التي نقلتها إلى العربية لمياء مقدم ضمن منشورات «الهيئة العامة المصرية للكتاب». الروائية هنا تتضامن مع الشاعر لتقديم حججه فتمنحه حرية السرد لتوضيح علاقته بالشاعرة التي انتحرت باكراً بسبب خيانته لها، حسبما أشيع، لكنه هنا ينفي بمرارة مثل هذه الاتهامات التي طالته في معظم ما كُتب عن هذه العلاقة الملغزة. « بالنسبة للكثيرين نحن غير موجودين إلا في الكتب أنا وزوجتي تابعت على مدى الأعوام الخمسة والثلاثين الأخيرة، .بكثير من العجز والاستنكار، كيف تعفنت حياتها وحياتي تحت طبقة من المغالطات والشائعات، والقصص الملفقة والشهادات الكاذبة والأساطير والخرافات والهراء ورأيت بعينيّ كيف تم تحوير شخصيتينا المركبتين إلى شخصيتين عاديتين، بملامح باهتة وبسيطة صُنِعت خصيصاً .لإرضاء نوع معين من القراء الطامحين للإثارة : هي المقدسة الهشة، وأنا الخائن القبيح ». تتناول الرواية سيره حياة أشهر زوجين شاعرين في الأدب الحديث التي انتهت بوضع سيلفيا بلاث حداً لها بالانتحار في ١١ شباط ١٩٦٣، وعزلة زوجها تيد هيوز. قرّر هيوز بعد موت زوجته عدم مواجهة التهم الموجهة له، بالمشاركة في قتلها، وبقي ملتزماً الصمت إلى ما قبل وفاته بقليل، حين أصدر مجموعته الشهيرة: «رسائل أعياد الميلاد». بعد انتحارها، تحوّلت سيلفيا بلاث إلى أيقونة، كتبت عنها مئات الدراسات، وألّفت حولها البحوث والقصص. ويبدو واضحاً من الرواية، أن الكاتبة أجرت بحثاً موسّعاً عن حياه الشاعرين، مستعينة بالأخص، بمجموعه تيد هيوز الاخيره: «رسائل أعياد الميلاد» للاقتراب من أدقّ التفاصيل التي تخصّ حياتهما. كل التواريخ والشخصيات والأسماء والأماكن والأحداث الواردة في الرواية حقيقية، ولم تفعل الكاتبة سوى تغيير الإضاءة من سيلفيا بلاث إلى زوجها تيد هيوز. وحسب قراءة الروائية منصورة عز الدين للرواية، فإن المؤلفة تعمل على نزع العادية عن هاتين الشخصيتين الفريدتين وإلباسهما ما يستحقان من تعقيد وتركيب وثراء، كما تطمح في الأساس إلى وضع الثنائيات الضدية جانباً والبعد عن الأبيض والأسود للغرق في المساحات الرمادية المخاتلة حيث يوجد الفن . «أنت قلت» أشبه برحلة قطعها هيوز كشخصية فنية من رفض لأدب الاعتراف حتى جرؤ على تعرية كاملة للأنا المفردة التي أخفاها دائماً .خلف التعبيرات الرمزية والاستعارات, لذا كان من الطبيعي أن تنتهي الرواية بكلمة : «أنا ». هكذا اتكأت الروائية الهولندية على قصائد عيد الميلاد الثماني والثمانين التي نشرها تيد هيوز قبل وفاته عام 1998 بأشهر قليلة، وعلى أعماله الشعرية الأخرى، كما استنتجت وقائع اللقاء الأخير بين هيوز وبلاث من قصيدته غير المنشورة «الرسالة الأخيرة » التي اطلعت عليها حين عُرِض أرشيفه الموجود في جامعة « إيموري» بأتلانتا للعموم. تكمن أهمية هذه الرواية في ذلك الوعي الحاد من الكاتبة بدواخل الشخصيتين الرئيستين، .وفي عدم اكتفائها بتقديم سيرتهما معاً فقط، إنما طرحها أفكاراً .فلسفية عن الفن وعلاقته بالذات والحياة والأسطوري والغيبي انطلاقاً من رؤية هيوز بالأساس للشعر والفن في تقابلها مع رؤية بلاث لهما . كل هذا بشكل خافت ومتوارٍ لا يثقل على إيقاع الرواية ولا .يعوق خيطها السردي , تصوّر الرواية سيلفيا بلاث على أنها شاعرة مبتدئة، وشخصية هشّة، منفعلة، مهزوزة، غيورة، مكتئبة، على عكس هيوز الذي كان شاعراً ناجحاً، وتحلّى بالكثير من الصبر والحكمة في مواجهة بلاث، لأنه كان متأكداً من أنها أعظم حب في حياته. وعندما في النهاية يتحول إلى حب امرأة أخرى، يبدو متفهماً لمشاعر زوجته التي عانت كثيراً من هذه الخيانة، ودفعتها في النهاية إلى الانتحار: فوق النصب التذكاري وقفنا، كشاعرَين، لنحيي وليام باتلر ييتس، قرأنا أبياته مرات ومرات، واستمعت بشقاء بالغ إلى زوجتي وهي تردّد بصوت مؤلم، صافٍ: «لا تعطِ، ابداً، قلبك كله». وكما كل علاقة تجمع بين زوجين شهيرين، .ثمة صراع مضمر أو معلن بين روايتين للأحداث نفسها في حالة زواج بلاث وهيوز كانت الغلبة لرواية بلاث التي خلّدها انتحارها، أو بالأحرى للرواية التي صاغتها الحركة النسوية عنها بعد وفاتها انطلاقاً .من كتابتها وحياتها القصيرة، .وبكتابته قصائد «رسائل عيد الميلاد» بدا هيوز كأنما .يرغب في منح روايته الخاصة لما جرى فرصة في الخلود، أو كما تكتب كوني بالمن على لسانه عن هذه القصائد : «كانت تعكس روايتي للحب الذي جمعني بها، .استعدت ذكرياتي معها كما لو كانت من حقي وحدي، كما لو أنها ميراث شرعي لا يشاركني أحد فيه، وكنت كالصدى أردد ظلال قصتها داخل أشعاري ». «أنت قلت» رواية تحقق فضول القارئ ورغبته في التلصص على حياتيّ .شاعرين مهمين كانت قصتهما معاً .أقرب لتراجيديا إغريقية محكومة منذ البداية بالفجيعة، غير أن التشويق هنا ليس التشويق المألوف في روايات أخرى إنما التشويق القائم على النبش في حياة شخصيتين حقيقيتين وتعريتهما حتى العظم، .لذا فالتشويق هنا مغلف بالألم أو بذلك الأسى الناجم عن متابعة مأساة نوقن أنها جرت فعلاً .لشخصيات حقيقية وخلّفت ضحايا رحلوا وآخرين بقوا على قيد الحياة مطاردين بأشباح الماضي. «أنت قلت» رواية مثيرة مكتوبة بفرادة، تضيء أفكاراً ومخاوف وتعاويذ تيد هيوز وعلاقته التراجيدية العميقة مع سيلفيا بلاث. |
المشـاهدات 41 تاريخ الإضافـة 23/11/2024 رقم المحتوى 56081 |
الفريق العراقي للموهوبين يحصد الميدالية البرونزية للمركز الثالث ضمن منافسات أولمبياد الرياضيات العربي الرابع بقطر |
من ضمنها العراق .. جائزة الشيخ زايد للكتاب تستقبل 4 الاف ترشيح من 75 دولة عربية واجنبية |
الولايات المتحدة..من الديمقراطية إلى الدراما الكوميدية مع ترامب..! |
عبد الاله : منتخبنا اقترب من المونديال |
الداخلية تنفي انباء بشان اعتقال أكثر من 320 ضابطاً ومنتسباً من سيطرات كركوك سلفه يخضع للتحقيق.. تكليف مدير جديد لشؤون السيطرات في كركوك |