الثلاثاء 2024/11/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 10.95 مئويـة
جوزيان بولس: المسرح رسالة مقاومة يعبّر عن وجع الناس والوقت للعمل وليس اليأس
جوزيان بولس: المسرح رسالة مقاومة يعبّر عن وجع الناس والوقت للعمل وليس اليأس
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

بيروت: قد يجد البعض في عودة مسرح المونو للعمل ضرباً من الترف أو فيه بعض من الجنون. إنما اللقاء الذي خلُص منه عشرات الفنانين بضرورة العودة عبر أعمال تحاكي واقع العدوان الذي يعيشه لبنان جميعه، يحمل وجهة نظر إيجابية. القرار عودة بأعمال محدودة الإنتاج، من شأنها بث الأمل بدل اليأس بين الناس. وإخراج الفنانين من انعزالهم في منازلهم. إنها المقاومة بالفن. عروض غيّرت مواعيد المسرح القديمة، وبكّرت الإنطلاق في الخامسة والنصف مساء. توقيت من مفاعيل العدوان.هنا تحقيق يبدأ مع مديرة مسرح المونو جوزيان بولس:

أطلق مسرح المونو بالتعاون والتنسيق مع مجموعة من الفنانين مشروع المقاومة بالفن. كيف تمكنتم من هذا القرار والعدوان يطال كل لبنان؟

لم يكن قرار المقاومة بالفن في ظل هذا العدوان الذي يطال كل لبنان خياراً سهلاً بالتأكيد. لكننا ندرك قوة المسرح في إيصال صوت الناس وحمل أوجاعهم، والتعبير عن غضبهم وحبّهم للوطن. في مثل هذه الظروف يصبح المسرح برأيي أكثر من مجرّد فن، بل يصبح رسالة مقاومة، وصوتاً يشد العزيمة. رغم الصعوبات والمخاطر، شعرنا بواجب الاستمرار والمقاومة عبر المسرح. للمسرح امكانات تنقية قلوب الناس، وتشجيعهم كي يتذكروا قصصهم وهويتهم. ومن واجب الفنان خلال الحرب أن يرفع صوته ويعبّر عن وجع الناس، إنه وقت للعمل وليس لليأس أو الصمت، علينا أن نحكي ونكتب، فهكذا تُشفى الحضارات.

كيف للمسرح أن يخفف الوجع الذي يتسبب به العدوان؟

يملك المسرح امكانات بلسمة الوجع بأساليب متعدد، خاصة في ظروف العدوان، يكسر وحدة الناس عندما يجتمعون لمشاهدة من يُعبّر عن أوجاعهم ومخاوفهم على الخشبة، يشعرون بأن أحدهم يفهم مشاعرهم ويتمكن من إيصال صوتهم. يشكل المسرح مساحة للتعبير والتفريغ، ويساعد الناس على نسيان همومهم ولو لوقت قصير. وللمسرح مهمة منح الأمل للناس، وتذكيرهم بقدرتهم على الصمود، وبأن الحياة مستمرّة، وأن أشياء جميلة تستحق أن نكافح ومواصلة الحياة لأجلها.

 

تشاركين في فعاليات المقاومة بالفن بأمسية شعرية للفرنسي الراحل جاك بريفير. ما صلة شعره بواقعنا؟

 

أغنية «الأوراق الميتة» أو «Les Feuilles Mortes» تعنيني شخصياً، كانت المفضلة لوالدي رحمه الله، فوالدي يشغل تفكيري في هذه المرحلة التي نمر بها. تحمل قصائد بريفير إحساساً عالياً في تناولها لمواضيع الحب، والخسارة، والحرية، والظلم، ولهذا أراها قصائد تتلاءم مع ظروف الحرب التي نعيشها. يتناول بريفير في شعره هشاشة الحياة، وجمال اللحظات الصغيرة، وهذا يمنح كلماته معنى أعمق في مواجهة العنف والدمار. عندما يتناول بريفير معاناة البشر من الظلم، ومقاومتهم له، فهو بالتأكيد يُذكّرنا بكل ما تمحوه الحرب. فالحرب لا تمحوا فقط الأرواح والأماكن، بل كذلك الأحلام، والآمال، وكافة الروابط التي تشكل إنسانيتنا. إذاً قصائد جاك بريفير التي تمجّد الحب والتضامن، هي فعل مقاومة ضد اللاإنسانية التي تفرضها الحرب. يذكرنا شعره أنه ورغم الوحشية، الحاجة دائمة للعدالة والتذكّر والود. يتناول بريفير الحرب بأسلوب غير مباشر، وتصبح كلماته، ملجأ وصوت أمل للذين يعانون منها، وفي كلماته دعوة لنتخيل عالماً يعمّه السلام.

 

أدهم الدمشقي: نقرأ شعراً ونؤسس لمكتبة شعرية ممسرحة

 

الفنان المتعدد المواهب أدهم الدمشقي تولّى افتتاح أول لقاء في إطار المقاومة بالفن في السابع من تشرين الثاني، تولّى الإعداد والتوليف المسرحي. اختار البدء بقراءات من شعر نزار قباني بالتعاون مع مجموعة كبيرة من الفنانين، وبمرافقة موسيقية من الفنان طارق بشاشة. أمسية شعر ولدت قيصرياً لكنها جمعت جمهوراً مميزاً. نسأله:

ماذا عن اختياراتك شعراً وشعراء في ظل هذا العدوان الكبير لمحاكاة الواقع المعاش؟

كانت تلبية لافتة لدعوة مديرة مسرح المونو جوزيان بولس للبحث في إعادة تنشيط المسرح عبر عروض مقتصِدة بالإنتاج. كشخص يعمل في حقول فنية مختلفة كما المسرح والرسم والشعر، وجدت بلقاءات الشعر التي يمكنني إعدادها وتقديمها بسيطة الإنتاج، ووجدت عبرها تأسيساً لمكتبة شعرية ممسرحة بالتعاون مع مسرح المونو، وإعادة إحياء لقصائد نحبها جميعنا، وأخرى نعرف كتّابها لا نعرفها، وهم من رواد الشعر العربي الحديث. كانت البداية مع الشاعر نزار قباني، وسننتقل إلى شعراء آخرين ليست لديهم الشهرة التي حصدها نزار قباني ومحمود درويش وأدونيس، لأسباب متعددة.

كيف وقع خيارك على نزار قباني ليكون شعره ضيف البداية؟

خلال مراجعتي لمجموعة كبيرة من كتب الشعر التي تضمها مكتبتي، وجدتني أمام اختيار من ثلاثة أسماء كبيرة، وهم محمود درويش ونزار قباني وأدونيس. والأسماء الثلاثة لها وقعها في جذب الجمهور في الحال التي نعيشها. وعندما وقعت يدي على كتاب نزار قباني «إلى بيروت الأنثى مع حبي» أعدت قراءته رغم حفظي لأكثره، فوجدتني أمام شعر نُشر بالأمس في صحيفة لبنانية. نحن أمام شعراء كبار، وللشاعر قدرة استشراف المستقبل، والتاريخ يعيد نفسه في بلادنا، والمصائب التي حلّت علينا قبل مئتي عام تتكرر، والمتغير الوحيد أنها تتضاعف. تقرر وبعد أمسية نزار قباني تخصيص كل شاعر بأمسية.

هل وجدت تجاوباً سريعاً من الفنانين للمشاركة في القراءات الشعرية؟

كثيرون رغبوا بالمشاركة ولم يكن تاريخ 7 تشرين الثاني/نوفمبر مناسباً لهم. اجتمعنا في لقاء تعارف بين الممثلين المخضرمين، ومبتدئين، وطلاب مسرح. استمعت إلى أصواتهم، ووزعنا النصوص، وهكذا تحققت توليفة مسرحية أخذت بالاعتبار الممثلين المحترفين كأعمدة للعمل، والبناء على شغف الممثلين المبتدئين. استقطبت الأمسية جمهوراً كبيراً، وهذا ما يؤكد بأن للمسرح دوره في المقاومة الفنية، فأية ثورة تُبنى على أسس فكرية وثقافية واضحة، وإن لم تكن كذلك فهي لا تتعدى التظاهرات المطلبية والآنية، وتنتهي سريعاً، بخلاف الثورة المبنية على فكر وثقافة ورؤية استشرافية، وهذا هو حال المقاومة بالفن عندما يتعرّض بلدنا للاعتداء، وعندما تنتهي الحرب ستعود الحياة إلى مجراها الطبيعي، وستحتاج إلى فكر وثقافة للاستمرار. هناك دور للفنانين والمثقفين في طرحهم لسؤال الأهداف التي نقاوم ونقاتل من أجلها، وكذلك السؤال عن هويتنا. لهذا أجد المقاومة الفنية مهمة، والكلمة واللون والمسرح والشعر والفن الذي نعمل لفتح مساحة له على المسرح وكل منا بطريقته، أبرزها. وهنا أنوه بحضور الموسيقي طارق بشاشة الذي رافق القراءات الشعرية على الكلارينيت بخبرة الكبيرة على المسرح، وعزفه خلق تماسكاً بين النصوص، وندرك وقع تلازم الموسيقى والشعر. وكان جميلاً أن تجتمع تلك التوليفة بالوسائط المتعددة التي كانت على المسرح، من الكلمة والحضور المسرحي والإخراج والموسيقى، والجمهور مما أنتج عملاً فنياً متكاملاً وهذا شكل دليلاً على أننا جميعنا نتغذّى بالفن والثقافة.

وماذا عن برنامج أمسية 14 تشرين الثاني/نوفمبر بمرافقة عازفة التشيللو فيكتوريا مرقص؟

سأقرأ خلالها مختارات شعرية من كتبي الأربعة «حديقة غودو» و«لم يلد ذكراً لم يلد أنثى» و«سرير» و«بلا عنوان».

زياد نجّار: «عذراً يا وطن» زكاك وريحان ويمين وقراءة بكلمات النشيد

زياد مروان نجّار اخترت فتح نقاش حول النشيد الوطني اللبناني وقبل ذكرى الاستقلال بأيام في مسرح المونو. لماذا؟

في ظرفنا الحالي ليس متاحاً أن نقدم عرضاً يحتاج لإنتاج كبير، فمشاريعنا وضعت على الرف. لبيت دعوة مديرة مسرح المونو جوزيان بولس، وكان اجتماعاً مثمراً، بحثنا في كيفية الدفاع عن مسرح المونو ككيان فني يستحيل إقفاله لزمن طويل. شكل اللقاء حافزاً وتشجيعاً للعاملين في المسرح بأن لا يدفنوا ذاتهم في منازلهم في ظل هذا الوضع. لحركة الفنانين زرع الأمل والبسمة وإن لوقت محدود، ويمكننا مساعدة الجمهور الذي سيقصد مسرح المونو أن ينسى ولوقت قصير ما يحيط به. ولا شك بأن هذا الحراك الفني الجديد لا بدّ من أن يترك خلفه رسالة. خلال اللقاء إلى طاولة المسرح للتباحث توالت الأفكار من الحاضرين، وقدّمت فكرة لمناقشة مضمون النشيد الوطني اللبناني قبيل ذكرى الاستقلال.

وماذا في تفاصيلها؟

عرض يحمل عنوان «عذراً يا وطن» نقدّمه في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، وبعد خضوعه للمونتاج سيكون متوافراً على قناتي الخاصة على يوتيوب ومجّانا بدءاً من 22 تشرين الثاني/نوفمبر وهي ذكرى الاستقلال. الدخول إلى مسرح المونو مجّاني، ومن يرغب بالدعم له أن يضع في الصندوق المخصص ما يناسبه، والحصيلة ستوزع على العاملين في المسرح، والمشاركين في إعادة إحيائه.

ولماذا عنوان «عذرنا يا وطن»؟

بظني أننا أخطأنا بحق وطننا، وكل له تبريره. «عذرنا يا وطن» له تتمة ستظهر خلال العرض.

كشاب من الجيل الجديد هل حرّضك مضمون النشيد الوطني لتقديم هذه الفكرة؟

حرّضني إيجاباً. أحب هذا النشيد، وأجد كلامه جيد جداً، وكنت أتمنى لو طبقه النظام في لبنان، لكنّا تفادينا ما نحن عليه في هذه الحرب. ما سنقوم به في مسرح المونو عشية 19 تشرين الثاني/نوفمبر تحية لهذا النشيد الرائع، وفي الوقت نفسه صرخة توعية. يبدو أن اللبنانيين يرددون النشيد من دون فهم معانيه، وبدون سعي لتطبيق مضمونه، وهنا السؤال هل نحن كاذبون أم غافلون فيما نقوم به؟

كل لبناني يطمح بوطن على مقاسه ورغباته ويقرأ النشيد من هذا المنطلق؟

هذا صحيح ولأجل ذلك سنناقشه لنسأل هل فهمناه بغير حقيقته؟ عندما نهتف «كلنا للوطن» فكم هذا حقيقي؟ وهل الوطن أولاً؟ أم لكل أولوياته التي تسبق الوطن؟ هل علاقتنا مباشرة بوطننا أم الوسيط حاضر بيننا دائماً؟

ستناقش كلمات النشيد مع هادي زكاك وأنجو ريحان وفؤاد يمين. لماذا وقع الخيار عليهم؟

المرشحون لتقديم «عذراً يا وطن» كانوا كثراً، وتوافقنا بأن يجسدّه المخرج هادي زكاك، والممثلة أنجو ريحان، والفنان فؤاد يمين. مع احترامي لجميع المرشحين ومواقفهم الوطنية، يمكنني القول إن زكاك وريحان ويمين جميعهم أكدوا وطنيتهم في مواقف كثيرة، وخاصة من خلال أعمالهم المعروفة من قبل الجمهور. حضور فؤاد يمين على المسرح والرسالة التي يعمل لإيصالها للناس تسمح لنا القول أنه بكليته للوطن، لم يدعم فريقاً ضد آخر في هذا الوطن، ولدى حدوث التهجير من مناطق الخطر في لبنان فتح مع مجموعة الشباب الذين يتعاون معهم والمعروفة بـ«ع كعبا» مكاتبهم، وقرروا جمع التبرعات للنازحين. وكان لأنجو ريحان نشاطات متعددة دعماً للنازحين، وتأمين الدواء لمن يحتاجه، وكذلك المساعدة في إسكان بعضهم وتأمين ما يحتاجونه. وهادي زكاك غني عن التعريف وهو كرّس حياته كمخرج في محاولة شرح الواقع اللبناني لأبناء وطنه ومن خلال السينما، وهدفه أن يفهم كل منا تاريخه ولماذا نحن بهذا الحال، علّهم يسعون لفتح صفحة جديدة. عمل هادي زكاك في توثيق هذه المآسي اللبنانية لعلّنا نتعلّم للمستقبل. إذاً نحن حيال أسماء معروفة من اللبنانيين وجميعهم تظللهم جملة النشيد «كلنا للوطن». وأحد منهم لم ينتم يوماً لحزب، والأمر ينسحب على ذاتي، فمنذ ولادتي أنتمي للبنان ولم أنتم لحزب أو طائفة.

وأخيراً؟

أضيف بأن مسرحية «عريسين مدري من وين» لمروان نجّار والتي عُرضت على مسرح البيكاديللي سنة 1986 وصوّرت VHS ستُعرض في الصالة الكبيرة لمسرح المونو في 15 تشرين الثاني/نوفمبر. ومن ثم في 19 منه تُعرض «عذرنا يا وطن» وحضورهما مجّاني، ومن يرغب بالتبرّع تشجيعاً للمسرح والمسرحيين الصندوق ظاهر.

المشـاهدات 27   تاريخ الإضافـة 25/11/2024   رقم المحتوى 56236
أضف تقييـم