لن أفتح الباب، غزّة تُغرق سيقان اللغة |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : عادل المعيزي
حتّى حين يَحْدُثُ زلزال غامضٌ بتسع درجات على مفتاح ريشتر في قرية في برهانبور تتهدّم البيوت على أهاليها أو تسقطُ المتاجرُ على ما فيها ويخرجُ الناسُ حُفاةً عُرَاةً نائحينَ بِأغنيات مبهمة وواقفين بعيدا مردّدين: " يا لها من غزة مفاجئة!"
حتَّى حينَ يَنْقَلِبُ قطار في ميدلين وتأتي سيارات الإسعاف في غير مواسمها لجمع بقايا لحم الجثث وكنس الدماء لأنَّ المشهد أضعف مِنْ أنْ تَتَحَمَّلُهُ أعْيُنُهم يُخرجُ الصحفي الميكرو من جيبهِ ويُحَدّقُ في أصوات الممرضين: " لقد حدثَ خطأٌ غزّة فانْقَلَبَ القِطَار !"
حتَّى عندما في إحدى الحروبِ يَنْدَلِعُ حريقٌ في ميناء جنوة تأتي عَلى آخِرِ الضَّحَكَاِت المُسْتَبْشِرَةِ بالصفحاتِ الأولَى مِنَ العَهْدِ الجديد وبين هياكلِ الجرَّاراتِ وبقايا الأمتعة تفترشُ النيرانُ حُطَامَ المَرَاكِبِ وتأتي على عَمَلَةِ الميناء حَتَّى تَتَفَحَّمَ أجسادهم بِوَصَايَا الوالدين في الباحة يصرخ رجال المطافي كلُّ هؤلاء شهداء وتقول مقدمة الأخبار واصفة الحادث "اندلعت صباح اليوم في ميناء جنوة غزّة أتَتْ على الأخضر واليابسِ فسقط ألف شهيد أغلبهم على شكل مزهريّاتٍ من النساء والأطفال
حتّى حين تسقطُ طَائِرَةُ رُكَّاب في رحلة عادية بين فرانكفورت وسيول على سبّورة قاعة العمليّات يشرَحُ الخبير المأساة في انتظار العثور على الصندوق صندوق غزّة
حتى عندما يعبرُ موكِبُ زَفَافٍ صَاخِب أمام البطحاء حيث اللَّعِبُ يُحَطِّمُ رتابة القلق يصرخُ الأطفال خلف العربات: "هيلا غزّة هيلا هُب !" ويلتقطون الحلوى من تحت فستان غزّة
حتى عندما يفيضُ النهر من القهر ويُغْرِقُ الظَّهِيرَةَ الفِضِّيَةَ...... تصرخ النسوة: "غزّة تتبعُ دائما مجراها"
حتَّى عندما تَنْقَلِبُ شَاحِنَةٌ تَحْمِلُ الفَلاَّحَات إلى حُقُولِ البَطَاطا ناثرةً نافورة مِنْ دِمَائِهِنَّ الساخنة على المسلك الفلاحي ومُلْقِيَةً احْتِضَارَهنّ عَلى أكْتَافِ الإقطاع وقُطَّاع الطرق على أسرَّةِ المستشفيات البعيدة تَسْتَذْكُرُ عاملة ما حدث: "كانت غزّة تمضي بنا ونحن ممدّدات في صندوقها الخلفي وفجأة انقلبتْ !"
حتى في المسيرة التي تُلاحِقُها الشرطة بالمتراك وبالقنابل المسيلة للدموع والمياه الحارة بجامعة ميشيغن يصرخ البوليس في مكبّر الصوت إياكم والغزّة
حتّى في حَالَةِ السقوط إلى الهاوية من وراء السدَّةِ العالية لا أحد يدري متى بدأتْ غزّة
حتى ذلك المجنون الذي يفكر وهو يمشي تائها في ظله يشرب السجائر بلا توقف ويطوي برجليه مدينة الشمال فتصبح جنوبا وعائدا محدودب الظهر من المقهى في آخرات المساء النحاسي يتمتم البسيكولوڨ المتقاعد: "مسكين ذاك المجنون لقد فقد غَزّته"
حتى في الأعياد الدينية تقف النسوة أمام الأبواب بأطباق الحلوى ويتهاتفن غَزَّتُكِ مُباركة
حتى عندما تحل بالقرية مصيبة الطاعون لا تسمع من شيوخ الدين سوى تكاتفوا وتعاونوا وتغاززوا
حتى عندما تُغَنِّي الأمُّ لرضيعها وهي تحمله بين ذراعيها كأنَّه غزّتها الوحيد تَمْسَحُ عَنْ خَدِّهِ السّخام
عَزْفٌ صامتٌ بلا قدمين في قَرْيَةٍ خَلْفَ جِبَالِ سَمّامَة بها بَيْتَانِ وَكَلْب ومَقْهَى تُزِيحُ المَجَانِين وجدتُ الإسمَ محفورًا فكّرتُ أن أنامَ في الأحافير ولمْ أَعُدْ أتَذَكَّرُ إنْ كُنْتُ نِمْتُ فعلا حتّى أنّي لا أعرفُ إن كنتُ أنا تلكَ الصُّورَةَ المَرْسُومَةَ عَلَى قُمْصان المتظاهرين السوداء وتَبْدُو مِنْ بَعِيد كَأَنَّها ندبَةٌ عميقَةٌ على خدِّ غَزّة |
المشـاهدات 27 تاريخ الإضافـة 26/11/2024 رقم المحتوى 56275 |
قتيبة النعيمي أحد أعضاء مسابقة الكلارينيت الدولية |
اصدار جديد باللغة الكوردية في طوز خورماتو |
استقبل وفدا من الكتلة النيابية التركمانية المشهداني يؤكد على عمق العلاقات الثنائية بين العراق والإمارات |
الخطوط الجوية العراقية تستعد لاستلام طائرة الأحلام الثالثة الكمارك تعلن المباشرة بعملية ترسيم المصوغات الذهبية في مطار بغداد الدولي |
اتفاق نيابي لعرض قانون حماية الاقليات للقراءة الاولى البنداوي يعلن جاهزية قانون المخابرات للتصويت ويكشف عن تعديلات جوهرية |