الأربعاء 2024/12/4 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 18.95 مئويـة
لم أفقه الدربَ لئلا أعود
لم أفقه الدربَ لئلا أعود
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

عادل المعيزي - تونس

 

شَعرتُ بِقَلبي يَسِيلُ كَمَاءٍ

وبَيْنَ ضُلوعي يَصِيرُ هَوَاءً

ودَارَتْ بِرَأسِي السَمَاءُ

وَدَارَتْ عَلى البَحْرِ إغْمَاءَةُ الذعْرِ

حَتَّى اسْتَكَنْتُ وكَانَتْ بُيُوتُ القَبيلَةِ كالجَمَرَاتِ

ولمَّا تَلَفتُّ حولي وجَدْتُ شَبيهِي مُسَجَّى

أمَامَ غُروبٍ صَغيرٍ

ولَمْ أسْأل البَحْرَ كيْفَ وَصَلتُ إلى مَا وَصَلتُ،

تَرَنَّحْتُ حينَ وَقَفْتُ وصَدَّعْتُ رأسي

ومازَال صَوتُ الصرَاخِ يُخَالِطُ مَوجًا

ويَمْلأُ إرْثَ الزمَانِ

وحِينَ انتَبَهتُ نَزَعْتُ الذي فَوقَ صَدْري

مُعَلَّقَةٌ رُوحُهُ

وصَلَبْتُ الذي يَنْحَني لالتِقَاطِ الخُطَى وَمَضَيتُ..

ومُبْتَعِدًا عَنْهُمُ، هَارِبًا مِنْهُمُ، سَاِئلاً :

- هل أعُودُ إلى مَقْصدِي؟

يَسْألُ الغَيْبُ :

- ما مَقْصدُكْ؟

- مقصدي أيُّها الغَيْبُ بَوَّابَة الشمس                  

 مادام ليلُ البِلادِ ثَقِيلُ السوَادِ !..

 

خَرَجْتُ كمثلِ اليهود، وكُنْتُ بِصَحْرَاء سينَاء

تيهٌ عَظِيمٌ وكَانَ الخِصَامُ وكَانَ النزَاعُ

يَسُودَانِ كلَّ مَكَانٍ ولمْ أسْتَغِثْ بالمَسيحِ

يَسُوع ولكنَّهُ لمْ يَغِثْني وضَلَّ مَعِي

وظَللتُ أمُرُّ بِكُثْبَانِ هذا السَوَادِ

إلى أنْ فَطِنْتُ بِأنِّي أنَا آخَرٌ

غَيْرُ هذا الذي بَانَ

فَأوْقَفْتُهُ ووَقَفْتُ أحَدِّقُ في النارِ

أطلالها خَمَدَتْ بَعْدَمَا التَهَمَتْ يَوْمَهَا

هائمًا كنْتُ في لجَّةِ النارِ حينَ

 شَبيهي بَكى

لمْ أشَأ أنْ أفَوّتَ عَنْهُ بَقَايَا التَطَهُّرِ

مِنْ رَهْبَةٍ ثمَّ أبْصَرْتُ أنّي أصَبْتُ

 

أفَقْتُ فَأدْرَكتُ أنَّ شَبيهي يُجَرّبُ

في لُعْبَةِ المَوتِ حَظًّا

ويَسْألُني مَنْ أنَا !..

يا لَهَذا الحَكيم الذي انْفَرَطَتْ مِنْ أصَابِعِهِ

حِكمَةُ الأوَّلينَ!...

 

في مَطعَمِ الفُندقِ الساحليِّ تَنَاوَلتُ كأسا

مِنَ النَّعْنَعِ الجَبَليِّ تَذَكَّرْتُ ما قالَ لي

في المَنامِ شَبيهي ضَحِكتُ إلى أن خَرَجْتُ

إلى رَعْشَة النورِ أسْألُ مَنْ مَرَّ بي، كلَّ مَنْ مَرَّ بِي

" مَنْ أنا يا أخي؟ مَنْ أنا يا صديقي؟"..

ولمْ أفْقَهِ الدرْبَ كيْ لا أعودَ...

 

 

 

صورة...صورتان

قصة قصيرة

د. انوار الخزرجي

 

نظرت في مرآتها بتفحص فكانت كأنها ترى شخصا لا تعرفه..

ما هذه التجاعيد؟ اهذه انا ؟

كانت قد اهملت نفسها بسبب انشغالاتها في الفترة القريبة الماضية  و سوء اوضاعها المادية بعد التهجير ، اهملت ما اعتادت عليه من صبغ شعرها الذي علاه بياض فضي واستخدام مرطبات البشرة التي كانت تختارها سابقا من أرقى الماركات العالمية.

فترة طويلة مرت على اخر نظر لها في المرآة، فهي لا تمتلك مرآة لانها ببساطة لا تمتلك ثمنها!

 خارطة التجاعيد التي رسمت على وجهها الذي لا يزال يحمل آثار الترف ببشرتها النقية البيضاء المائلة للحمرة رُسمت فيها خطوط السنوات العشرين الماضية.

خطوط تحت العينين ازدادت كثافتها كثيرا، وخطوط دقيقة بدأت تظهر أعلى شفتها العليا ، ربما كانت الأخيرة هي التي آلمتها واقضت مضاجعها بعنف، فبالامس القريب كان من يراها لا يعاملها كسيدة  كبيرة ، بل حتى انها كانت تتضايق من المعاكسات، فهي لم تكن تظهر عليها اعراض السن .

بين علينا الكبر  ...هكذا ...هكذا صارت تقول اذا..حدثت نفسها  ...

نظرت  مرة اخرى إلى مرآتها وهي تبتسم..لم تر التجاعيد هذه المرة...فقد تبدلت الخطوط فوق شفتها بخطين جميلين حول فمها وتلاشت معظم الخطوط تحت العينين بتورد وجنتيها واتساعها.

ااااه..كم للفرح من  تأثير علينا نحن القوارير.

المشـاهدات 31   تاريخ الإضافـة 29/11/2024   رقم المحتوى 56377
أضف تقييـم