قصتان قصيرتان من المجموعة القصصية زنجار ابيض للسارد شوقي كريم حسن .. |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : السيميائية في قصة ( الاتي من الليل )
اياد خضير ـــ1 السارد شوقي كريم حسن يبدأ قصته ( الاتي من الليل ) بكلام موجوع .. ذاكراً العتمة التي تأتي وتعشعش في الصدور الموجعة جراء الايام التي عاشها الانسان وسط مخاوف الروح ، الليل الذي يقولون عنه هادئ وفيه تصرخ القلوب ، مناجاة موجعة فكانت الكلمات ذات شعرية تحمل طاقة تعبيرية هائلة أغنت مساحات السرد المباشر ، وهذا ما نراه في الكلمات المركزية التي كانت ذات سيميائية عالية من حيث التوهج والدفق الدلالي الذي تبثه كموجات في فضاءات التأمل القرائي .. ( لا شيء يأتي من الليل سوى تلك اللاهثات الموجعة للأفئدة يأخذك باستسلام ليرمي بك وسط دياجير عتمته ، التي ما تلبث ان تجلي الازمنة التي عشتها ، وتمنحك منبشا حادا لحواف ، طالبة رمي ما لا تريد الى بعيد روحك التي ترقب مخاوفها وهي ترفرف مثل فاخته مذبوحة ) ص60 اهتم السارد شوقي كريم حسن في هذه القصة الحفاظ على تماسك السرد الذي اختلى من الذهول كونه اعتمد على اسلوب التكثيف فجاءت قصته ( الاتي من الليل ) رسماً بالكلمات للشخصية المحورية تقول : (ـ اذا كنت ترغب بي خذني الى البعيد ؟!! ــ البعيد الذي ترغبين به اين يمكن ايجاده!! ـ نروح الى ما تعرف من الامكنة ، البقاء داخل هذه النيران المستعرة لا تسمى حياة11 ــ والفشل .. اخاف الفشل !! ـ نفشل هناك احسن من ان نموت هنا.. الايام التي تتشابه موت!! ــ انت تحسنين التوسل !! ـ دعينا نملا ليلنا بخيار ات عذوبتها ) ص61 في الوصف يتمتع القارئ بجمالية السرد نشاهد في هذه القصة الحدث يندمج مع الحوار، تكون النتيجة مقبولة لدى القارئ تجعله يشعر بنشوة السرد وتماسكه قد يكون واقعياً او خيالياً.. لقد كان الأسلوب هو الكاشف عن فكر صاحبه ونفسيته يقول (افلاطون ): كما تكون طبائع الشخص يكون أسلوبه . ( ــ لا ادري لقد أضاعتني دروب المدن التي لا اعرف كيفية اجتيازها ، ليتك تعرفين ما معنى وجود الانسان وحيدا ضائعا داخل دوامة لا تستقر .. تدور وادور معها دون انتظار لمنقذ او مخلص!! ــ روحك لا تبه هي من اخذك الى تيه الازقة وخيار النسيان.. لم اهملت نداءاتي لم تركتني ارقب الفراغ عنك تبزغ منه؟!! الاسئلة لا تمطر اجابات حقيقية مادام المحال يستحوذ على وجودها العاجز عن الخلاص ) ص63 ( ولعل ابرز ما يميز قصص هذه المرحلة انها تقدم نماذج غير مألوفة او تقليدية وانها تستدعي قارئاً واعياً ، يتفاعل معها ، وصولا الى امتلاك رؤيتها التعبيرية التي تتخذ شكل رؤيا تتداعي عبرها المفاهيم التقليدية للزمان والمكان والحبكة والمنظور والراوي ، كاشفة عن خصوصية الرؤية لدى القاص ومنظوره الحداثي ) *! القصة ( الاتي من الليل ) اسلوبها سلس فهي تشد القارئ الى احداثها وتجعله في حالة ترقب دائم وفي وضع ذهني ممتع متابعاً بشغف ، اما النهاية تختم كل الصراعات بعد تشابكها تنهي ما جاء بها من احداث او تفاصيل عوامل الحكي المراد ايصالها الى القارئ سواء كان سرداً مفرحاً او حزيناً .. يقول: مكسيم غوركي ( تبدو السعادة دائماً صغيرة عندما تمسكها في يدك، لكنك اذا تركتها ادركت فوراً كم كانت كبيرة وغالية .) ( تبعده المسافة رامية بنحول جسده المنحني مثل قصبة الى وسط ضجيج المارقين الى الليل، تخيط له الذاكرة ثيابا من الهواجس الفائحة بروائح تبث شذواتها عند زاوية الجدار الذي اختاره مختلا.. بتحسس ما بين فخذيه بارتباك تشوبه التنهدات . ينصت اليها تقول ــ جوادك لا يجيد الصهيل ..) ص 63 المسرودة لا تخلو من الرمزية فهي معبأة بالغرابة تجعل القارئ يستمر في القراءة لما تحتويه من افكار فتجعله يحلل ما يقرأ وهذا سر نجاح السارد شوقي كريم حسن بأسلوبه المتآلف يسيطر على افكار المتلقي ويجعله متابعا للأحداث بدون ان يشعر بالملل او الاكتئاب . ( الجياد التي لا تصهل اشكال ميته!! على مضض يغمض عينيه الغائرتين وسط ظلمة الشرود محاولا الفرار صوب حطام الوحدة التي ادمنها تتوسل الاصوات الرانة مثل اجراس الكنائس ان يعود لكنه يتوغل ، يتوغل محاولا اجتياز فضيحته التي ادمنتها الشفاه ..) ص63 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *1 لعبة النص د. صالح هويدي ص273 2ـــ مناجاة الروح في قصة ( مواقد قاحلة ) السارد شوقي كريم حسن اتخذ تقنية البوح بسرد القصة عبر ضمير المتكلم وكذلك طرق التقطيع في الحكي بدأ القصة ..تحكي عن المسكوت عنه مجيء المارينز الى قرية ( بير المكاريد ) واتخاذها مقرا لهم.. يتخلل السرد أهزوجة سومرية كون العبور الى الجهة الثانية من النهر صعب جداً وكانت الحياة متاهات تسلب من قبل الشياطين الكوانين ، اكاذيب ولغو والتي اصبحت مقدسة، مواويل حزينة تخترق الاجساد في حزنها المدمر . ( بعجلة واضحة وعلى غير عادتها ، خالتي العرجاء التي فقدت زوجها بعد ثمانية ايام من مجيء المارينز اصحاب السحنة السمراء الذين اتخذوا من قريتنا ( بير المكاريد ) مقرا متقدما لتحركاتهم المريبة ، اضرمت نار الموقد بحماسة غير مألوفة مطلقة حنجرتها صوب سماوات الارتياح ( يا معيبر ولك عبرني ، حس رجلي وصل عبرني ) ) ص135 القصة تصور الهموم الانسانية التي هي دائما المحور الاساسي في الاعمال الادبية التي تربط الانسان مع ذاته او صراعه مع الاخر او حتى الصراع من قوى الطبيعية. ( كلما ازدادت الاسئلة حدة وقساوة، تزايدت رهانات الخراب يحث الاول المغالي بجبروته بنية على ان لا يجعلوا الادمي الشكل يهنئون بما يعتقدونه ملكا خالصا لهم ، ابتكرت الكهنة وشياطينهم سبلا ما خطرت على بال من اجل جعل العبودية فعلا ساميا) ص137 القصة ( مواقد قاحلة !!) حافلة بمرارة الايام، اغلبها دخلت دوامة الصراعات النفسية التي عشناها وتذوقنا مرارتها، استطاع السارد شوقي كريم حسن ان يدون الارهاصات واجاد في رصد تلك الاوجاع التي ابتلى بها الانسان الفقير.. يقول تولستوي : ( اذا شعرت بالألم فانت حي، ولكن اذا شعرت بألم الاخرين فأنت انسان ) (عثوق المرايا تسقط سبات المواويل/ تلوح كاشفة عن تهدجات الخناجر / يا حلم خذنا معك .. موال تالي الليل .. خلينه نفرح بيك.. الحزن هد الحيل.. شمالك يا كلبي تون بطل ونين الليل /!! تتوقف شهقات الانفس الباحثة عن مخرج للهروب ، لم تعد الموقد بكل سعتها وتلون ازمنتها كافية لاستيعاب ما نهدره من آثام وقحة خالية من الاتزان مجردة من ثياب الطهر والعفاف ) ص 139 ففي الحقيقة سرديات شوقي كريم حسن تستحق القراءة لأنها متماسكة يسافر القارئ مع حالات انسانية وهموم اناس يعانون العوز والحرمان في حياة صعبة ، الحزن والالم موجع بعدها ينتقل بالقارئ الى فرح وامل دلالة على ان السارد يحمل ثقافة عالية كونه بن الهور وابن المناطق المنكوبة والتي جعلت منه سارداً ملتمعاً متنقلاً بين الغربة والامل من اجل توازن النص السردي .. ( حاولت مراراً فهم تلك المعادلة الصعبة التي ما وجدت لها درباً سوى درب الحيرة المعتم الرازح تحت اطمار من الهذيانات والغو واكاذيب التمجيد الذي اصبح مقدساً دون اهمية او فائدة تذكر ، قادتني خطواتي باستسلام العارف لألج المخفي من الحكايات التي اخذتنا منذ كنا صغاراً نتأمل العربات المرصعة بالذهب بعيون وسنانة نوفر آهات التعجب ) ص138 قصة ( مواقد قاحلة ) في طياتها الكثير من المواويل والكلام بالعامية الذي أضفى على السرد نكهة خاصة يتذوقها القارئ وخصوصاً الساكن جنوب العراق وفي مناطق الاهوار كونها لغته التي ينشدها دائما، في الافراح والاحزان وانه اكثر حساسية في كل الامور الموجعة التي ينشدها دائماً في الاحزان والافراح وانه اكثر حساسية في كل الامور الموجعة التي اعتاد عليها في سنين القحط الذي مزق اجسادهم وسلب راحتهم .. ( ــ كلما ابتعدت خطواتك عن دساسهم منحك العلو مسوح العفة وسمو الروح !! ــ لا تنظر الى غير ما تعرف وتجيد .. المواقد ملاعب الشياطين ومخابئ حكايات غواياتهم .. اطفئ الموقد ان قدرت وهدم جدار الكانون ؟!!) ص140 وهنا تنتهي القصة بقفلة سوداوية لان الحياة ما عادت كما في السابق فقد امتلات بمواقد الشياطين المحتلين لا احد يستطيع لان الحياة عصية ليس فيها ضحكات موت متربص في رغبة الاناث حتى تنتفض الخالة على لعنة الشياطين . ( مع لعلة الرصاص الذي أمطرته السماوات السبع فجأة ، همدت المواقد واستكانت الكوانين على غير ما هي عليه، انتفضت خالتي غاضبة لاعنة اقوام الشياطين التي بدأت باجتياز لازمة المحظورة التي لا تعرف عنها شيئاً ) ص140 |
المشـاهدات 74 تاريخ الإضافـة 29/11/2024 رقم المحتوى 56378 |