قصة قصيرة... مجلس العُراة |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
د. عبدالحسين علوان الدرويش عندما كان كسرى ملك الملوك ،عظيم الفرس ،جالسا على عرشه ،في اكبر قاعة لأيوان كسرى ،الذي يقع في المدائن ،حيث كان طاق كسرى مسقوفا بالأجر على شكل عقد دون استخدام دعامات، يتكون الإيوان من جزئين أساسيين ،المبنى نفسه والقوس الذي بجانبه ،الذي يربو ارتفاعه فوق الثلاثين مترا. كانت قاعة العرش محاطة بالجداريات المرسومة والمحفورة والمطعمة بالأحجار الكريمة والزمرد والفيروز النيشابوري الأزرق ،والذي يعتقد أن لونه يمثل رمزاً للجنة على الأرض ، ويسمى حجر الظفر والنصر، إضافة إلى المدونات والخرائط ،ومشجرات الانساب الملكية . كانت اللوحة الاولى ، معركة أنطاكية التي دارت بين الفرس والروم في عام 613،خارج مدينة أنطاكية في سوريا ،بين الجيش البيزنطي بقيادة هرقل والجيش الساساني الفارسي بقيادة(شهر براز) ،تمكن الفرس المنتصرون الحفاظ على الأراضي البيزنطية . أما اللوحة الثانية ،نقوش كسرى التي تعرف باسم الايفان العظيم تقع في قبو أسطواني منحوت في منحدر ،ينقسم الايفان إلى قسمين علوي وسفلي ،يصور القسم العلوي مشهد تنصيب آلهي ، حيث أعطى كل من الإلهين الزرداشتيين إكليلا لكسرى ، أما القسم الثاني من الايفان فيصور كسرى وهو يمتطي حصاناً مرتديا الدروع الواقية للبدن ويحمل رمحا ودرعا ورأسه محاط بهالة تمثل المجد الملكي . أما اللوحة الثالثة ، ومنذ اليوم الأول لتوليه عرش الإمبراطورية الساسانية ، عمل كسرى بمبدأ العصا والجزرة ، فقد كتب رسالة يؤكد فيها على حقه في اعتلاء العرش ،ويحذر قائلاً : من كسرى ملك الملوك ،الحاكم على العالم ،سيد الشعوب ،امير السلام ،الرجل الصالح بين البشر مثل الآلهة ، الحي إلى الأبد ، الإله الموقر ،المنتصر الذي يشرق مع الشمس وينير الليل ببصره ، هو الذي فاق ملوك الفرس ، بعدله ونصفته . وقد سجلت على اللوحة الجدارية ، العديد من القصص التي تحكي عدالة ملك كسرى باللغة البهلوية الساسانية والسريانية آلارامية . كانت القصة الاولى ، تتلخص في أن الملك كسرى قام بقطع جسد ابنه إلى نصفين متساويين ،وعلق كل نصف على جهة من بوابة القصر، لأنه طغى وظلم واستهتر مستغلاً موقعه كابن لكسرى !!!٠ أما القصة الثانية ،ان الملك كسرى أظهر يوما من أيام ملكه أنه مريض ، وانفذ ثقاته وأمناءه أن يطوفوا أقطار مملكته ،واكناف ولايته و أن يتطلبوا له لبنة عتيقة من قرية خربة ليتداوى بها . وقد ذكر لأصحابه أن الأطباء وصفوا له ذلك ، فمضوا وطافوا جميع ولايته وعادوا فقالوا: ما وجدنا مكاناً خرابا ولا لبنة عتيقة ...!!!! ففرح كسرى وشكر إلهه وقال : إنما أردت هذا لأجرب ولايتي ،واختبر مملكتي ،ولأعلم هل بقي في الولاية موضع خراب ،لأعمره ...!! ، فالأن لم يبق مكان إلا هو عامر ،فقد تمت أمور المملكة وانتظمت الأحوال ،ووصلت العمارة إلى درجة الكمال. أما القصة الثالثة ، في زمن الملك العادل كسرى ، ابتاع رجل من رجل أرضاً فوجد فيها كنزاً ، فمضى سريعا الى البائع وأخبره بذلك فقال : إنما بعتك ولم أعلم ما فيها ، والكنز الذي وجدته فهو لك ومبارك عليك ، فقال المشتري : لا أريده ولا أطمع في أموال الناس. فترافعا بهذه الدعوى إلى الملك كسرى ، ففرح الملك بذلك وقال : هل لكما اولاد فقال أحدهما لي أبن ،وقال الآخر لي بنت ،فقال الملك : أحب أن يكون بينكما قرابة ووصلة وإن تزوجا الولد والبنت ، وتنفقا هذا الكنز في جهازهما ليكون لكما ولولديكما ففعلا ما أمر به وتراضيا على ما رسم لهما . أما القصة الرابعة والتي من ضمن قصص العدالة عند الملك كسرى ،المدونة على الجدارية ، حدث ذات مرة أن ابن كسرى مر في السوق القريبة من قصره ، حيث البضاعة والأمتعة ، وما تنتجه الحيوانات الداجنة من بيض ولبن وغيرها من المشتقات ،فراقت له نفسه أن يرتوي لبنا سائغا شرابه ، من بعض البائعات القرويات ،اللواتي يبعن بضاعتهن بثمن بخس ، فعندما استقرت نفسه وطابت ،ترك البائعة دون أن يعطيها ثمن شربه اللبن ، الذي هو قوت عيالها ،وعند ذلك شكته إلى أبيه الملك كسرى ، فطالب كسرى منها برهان على ذلك ، لكي يقيم عليه الحد ، وبرهان صدقها من عدمه ،وعليه سوف يبقر بطن ابنه ليتبين له صدق البائعة من عدمه ،واشترط إذا كان الأمر غير ذلك فهو يشق بطن البائعة ....!!!!! و عندما بقر بطن ابنه وجد اللبن في بطنه !!! وبقي يردد الآن حصحص الحق !!!! كانت القاعة الملكية، صالة واسعة جداً ،وذلك لاستقبال الوفود والملوك من أرجاء الإمبراطورية الساسانية من أقصى الصين حتى مصر واليونان ،كذلك تعقد فيها الاجتماعات للقادة والجيوش والمستشارين ، وهناك إلى جانب العرش الملكي صورة كهلالين يحيطان به ، وبالقرب منه بيت النار الأزلية التقليدي ، يحيط به إثنان من الكهنة المجوس . وتغطي القاعة الملكية ، النقوش والفسيفساء والفضة والنحاس ،اضافة إلى التماثيل البرونزية التي تحاكي الأساطير الفارسية . كان الملك كسرى جالسا على العرش كرجل ملتح ،يرتدي تاجا مزركشا بالياقوت والزمرد والمرجان والعقيق الاحمر ،وكان التاج يزن أكثر من تسعين كيلو غراما فوق رأسه ، وكان ذلك التاج معلقاً بالسلاسل الذهبية المتدلية في قاعة العرش ، معلقة بسقف الايوان ، حيث تكون وزن الحلقة الواحدة من هذه السلسلة ،خمسة غرامات من الذهب الخالص ، وتغلف هذه السلاسل بالحرير والأقمشة الفاخرة ،وكانت أرضية الإيوان ، قد فرشت بسجادة كبيرة تغطي المساحة كلها ،تعرف بسجادة الربيع ،عليها اشكال نباتات متسلقة وزاحفة وزهور وثمار ،محاكة بخيوط الذهب والفضة والحرير الطبيعي. وكان للمك وشاح نادر وغريب ،بعد أن يأكل يمسح يده وفمه به ، وحينما يضعه في النار لا يحترق هذا الوشاح ،بل يتخلص مما علق به !!!!! في تلك الحقبة الزمنية ،عندما كان الملك كسرى في مجلسه المعتاد ،قائلا لحاشيته من وزراء ووجهاء : يجب أن نصاهر العرب ؟؟؟ فانتفض كل من حوله !!!!! وقالوا : كيف لنا نحن الفرس أن نصاهر الاجلاف الحفاة العراة رعاة الأبل!!!!!!! حيث كان للفرس نظرة تكبر واستعلاء، عندها سكت عنهم كسرى ،ولم يرد على جدالهم !!!! . وفي ذات يوم بينما كان كسرى في مجلسه ،جاء بصندوق وأخرج منه عقداً لم ير مثله من قبل ،مرصعا بالياقوت والزمرد وكل انواع الحلي ،تعلقت أبصار كل من في المجلس بالعقد الثمين ، وهنا قال لهم كسرى: هذا العقد لمن ينزع ثيابه كما ولدته أمه اولا !!!!!!!! وما هي إلا برهة من الزمن حتى صار كل من بالمجلس عراة كما ولدتهم امهاتهم ،من وزراء ومستشارين وعلية القوم والقادة ، وصاروا يجادلونه في من له الحق في العقد الثمين ، وكل منهم يقول أنا من نزعت ثيابي وتعريت اولا !!! أنفض الجدال ، وتحاكموا فيما بينهم على شخص لينال العقد الثمين وأعطاه كسرى ذلك العقد . وبعد مدة وجيزة من الزمن الذي يسير ببطء كما تسير السلحفاة ، قال كسرى في مجلسه لوزيره المقرب : سمعت عن حداد عربي في أقصى المدينة ،اتوني به طائعين ! وعندما جاء الحداد العربي ، وهو متوجس يتملكه القلق والحيرة ، ولما دخل على كسرى ، وكان مجلسه ممتلئا كالعادة ، فقال له كسرى : لا تخف وانما جلبتك لأمرا ينفعك ويسعدك ! وبذلك احضر كسرى ، نفس الصندوق وأخرج منه عقداًً لا يقل جمالا عن سابقه ، فظن من في المجلس أن كسرى سيعيد الكرة فوضع كل من كان في مجلس كسرى يده على ثيابه يتهيأ لنزعها طمعاً في العقد الثمين !! وهنا التفت كسرى للحداد العربي ، وقال له : هذا العقد ثمنه عشرون ألف دينار ذهبي هو لك لكن بشرط أن تنزع عنك ثيابك كما ولدتك امك ! فرد العربي بحزم واستنكار قائلا ً : والله لو أعطيتني ملك فارس كلها وجعلتني ملكاً عليها على أن انزع عمامتي هذه ما نزعتها! وهنا استغرب كل من في المجلس من رد الحداد العربي ، والتفت كسرى إلى وزرائه ونظر إليهم نظرة احتقار وازدراء ، وقال لهم : نحن الفرس نملك الملك والشجاعة .. ولكن ينقصنا الشرف الذي أردت مصاهرة العرب من أجله . |
المشـاهدات 113 تاريخ الإضافـة 08/12/2024 رقم المحتوى 56771 |
جنايات الكرخ: كشفنا ضباطاً اختلسوا 16 ملياراً من رواتب المنتسبين السجن 7 سنوات لمدان باغتصاب طفلة في ذي قار واخرى لمزور اختام منسوبة لمجلس القضاء |
هيئة الحشد الشعبي تسحب قانون تقاعد منتسبيها من مجلس النواب |
رئيس مجلس القضاء الأعلى يبحث مع محافظ الانبار التعاون بين القضاء وادارة المحافظة |
بعد انقطاع لأكثر من 30 عاماً العراق يفوز برئاسة المجلس التنفيذي للشركة العربية للاستثمارات |
ب حث مع برهم صالح الاوضاع العامة في البلاد السوداني يؤكد حرص الحكومة على إدامة العلاقات مع المجلس الأوروبي |