البيروقراطية عرقلة للعمل، وصورة من صور الفساد الإداري! |
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب أ.م.د. صدام العبيدي |
النـص :
مصطلح البيروقراطية مكون من نصفين، نصفه الأول من جذر لغوي فرنسي معروف (Bureau) وتعني المكتب، ونصفه الآخر مشتق من كلمة (Kratos) وتعني السلطة، فالبيروقراطيـة هي (سلطة المكتب) المترادفـة بالإجراءات والقوانين الفوقية الواجبـة التنفيذ، حيث يغيب مفهوم الانتخاب أمام مفهوم التعيين، وتغيب مشاركة الشعب - أو الموظفين في حالة الشركات- في اتخاذ القرارات أو وضـع الإجراءات. ومصطلح البيروقراطية يرتبط في أذهان الناس بالبط والتعقيد في الإجراءات لأمور لا تحتاج ولا تتطلب كل هذا البطء وكل ذلك التعقيد، فالمداولة والاستعلام وأخذ الموافقات ورأي المسؤول ومعرفة الرأي القانوني أو الفني لكل شاردة أو واردة للمسألة مع أن الأمر لا يتطلب كل هذا وغير ذلك مما قد يتحجج به الموظف المعروض أمامه الطلب أو العريضة، فاتباع هذه الاجراءات هي من البيروقراطية المقيتة في دولنا النامية ومنها العراق، فتعقيد الإجراءات التي من الممكن أن تنتهي بأسرع وقت وأقل جهد وأبسط كلفة من أسباب تعثر الدول وإعاقة تقدمها وتطورها، وهي السبب وراء كل دولة فاشلة ومشروع متهالك، فالبيروقراطية العائق الأول لانسيابية العمل وتعطل المشاريع وتلكئ الإدارة في تقديم الخدمات للمواطنين، وهي أبرز سمات الإدارة الفاشلة؛ كون تحقيق النجاح الإداري يتطلب الحزم والشجاعة والجد والسرعة في الحسم وعدم التردد طبعاً مع عدم الخروج على القوانين والأنظمة والتعليمات، فالبيروقراطية عائق أمام حصول أي تنمية أو تقدم أو انجاز، والتريث في اتخاذ القرارات والبطء في الإجراءات مشكلة المشاكل، وهذا يذكرنا بحلقة من حلقات المسلسل السوري الهادف مرايا للمثل المبدع ياسر العظمة ففي حلقة من حلقات هذا المسلسل والتي جاءت بعنون (تريث)، وعندما كان الممثل ياسر العظمة مديراً لقسم المبيعات ولجان الشراء في الشركة ينتقد المدير العام للشركة؛ لأنه متردد ونظامي وروتيني أكثر من اللازم، لكن عندما أصبح هو مديراً عاماً للشركة خلفاً للمدير السابق فاقه في التمسك بالروتين والنظام والبيروقراطية فأصبح كل طلب يعرض عليه يحيله للشؤون القانونية أو الشؤون المالية أو الفنية لإبداء الرأي فيه، حتى يتهرب من المسؤولية واتخاذ القرار. لهذا يعد الخوف من خرق الضوابط والأنظمة والتعليمات إلى الحد الذي يعيق سير عمل الدوائر والمؤسسات ويؤخر تقديمها الخدمات للمواطنين - والتي المفترض أنها تقدم لهم بكل يسر وسهولة دونما تأخير- بلا أدنى شك صورة من صور الفساد الإداري يساهم مع التجاوز على المال العام والاختلاس والتقصير والإهمال واستغلال المنصب في تأخر الدول ويعتبر عائق كبير من عوائق التطور والتقدم والتنمية والنهوض الاقتصادي لأي دولة من دول العالم.
|
المشـاهدات 163 تاريخ الإضافـة 15/12/2024 رقم المحتوى 56999 |