الدرامية التعبيرية المكتنزة بفحواها الانساني في(عقود النور في موشحات البدور) |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب علوان السلمان |
النـص :
النص الشعري تشكيل صوري نابض بالروح الوجداني والتفاعل الحركي عبر بنية اشارية قوامها اللغة التي هي(نظام من الاشارات التي تعبر عن الافكار...) على حد تعبير دي سوسير..
وفن الموشح الذي هو ضرب من ضروب الشعر العربي لا يختلف عن القصيدة التقليدية(العمودية) إلا في تعدد قوافيه وتنوع أوزانه ،وفي الخرجة التي يخرج بها الوشاح من الفصيح إلى العامي اكثر الاحيان كما عند الوشاحة كوكب البدري.. (كل الليالي سقيمة /في ظل حجر مقيمة/ما كنت يوما مليمة/فاشدوا معي(ياحريمة) /فالدرب حزنا تغني/(ياريل مالي اثر) ص43.. ولها ثانية...(هيا اسألوه متى يؤوب /هل تاه صبرا في الدروب/بين الرزايا والندوب /سلوا الغريب / هل كان في سر يناجينا /(ومنين نجيب الصبر يهل الله يداوينا) ص71.. اما بنائه الفني فيقوم على: المطلع الذي هو القفل الأول في الموشحة، ويتكون عادةً من شطرين أو أربعة...و الدور هو مجموعة من الأبيات التي تلي المطلع، ولا يجوز فيه أن يقل عن ثلاثة، في حين يجوز فيه الزيادة بشرط أن يتكرر بنفس العدد في بقية الموشح. والسّمط الاسم الذي يُطلق على كل شطر من أشطر الدور. والقفل يلي الدور وهو أجزاء مؤلفة يلزم أن يتفق كل قفل مع بقية الأقفال في الوزن والقوافي وعدد الأجزاء، وأقل ما يتركب منه القفل جزأين فصاعدًا. والبيت يختلف عن بيت القصيدة؛ فهو أجزاء مؤلفة مركبة أو مفردة، يلزم كل بيت منها الاتفاق مع بقية أبيات الموشح في الوزن وعدد الأجزاء لا القوافي. والغصن يُطلق على أشطر المطلع أو القفل أو الخرجة، وتتساوى الأغصان في العدد والترتيب والقوافي... واخيراالخرجة القفل الأخير في الموشحة... اضافة تميزه بخصوصية البناء واللغة واختلاف الإيقاع ،اما اغراضه فقد توزعت بين الغزل كقول عبادة بن ماء السماء.. أَنْـتَ قَد صيرتَ بالحسنِ من الرشْد غَي والوصف ويُعتبر عنصر أساسي من عناصر الموشحة، ومثال عليه موشحة الكميت: لاح للروضِ على غُــــرّ البِطاح زَهرٌ زاهرُ وثنا جيداً فنِعمَ الأقاحْ نَــــــورُه الناظــــــرُ زارني منه على وجه الصَّــباح أرجٌ عاطرُ ابلغ لغرناطة السلام وصِفْ لها عهديّ السليمْ أضاحِكُ الزهر في الكِمامِ مُباهياً روضَهُ الوسيمْ وأَفضحُ الغصنَ في القوامِ إِنْ هبَّ من جَوِّها نسيمْ اما ابرز شعراء الموشحات الأندلسية فيعد مقدم بن معافى القبري هو أول الشعراء العرب الذين نظموا الموشحات الأندلسية، تلاه الشاعر يوسف بن هارون الرمادي الذي رسخ أسس فن الموشحات الأندلسية بعد القبري ومعه كان الشاعر أبو بكر عبادة بن ماء السماء، تلاهم كل من أحمد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد الفريد وعبادة القزاز وابن سهل الأندلسي الذي يقول.. ما لِنَفسي وَحدَها ذَنبٌ سِوى مِنكُمُ الحُسنُ وَمِن عَيني النَظَر أَجتَني اللَذّاتِ مَكلومَ الجَوى وَاِلتِذاذي مِن حَبيبي بِالفِكَر وعبد الله بن الخطيب وزير بنى الأحمر صاحب موشح.. جادك الغيث إذا الغيث همى يازمان الوصل في الأندلسِ لم يكن وصلك إلا حُلما في الكرى أو خُلسة المختلسِ وهناك سهل الأندلسي صاحب موشح.. هَل دَرى ظَبيُ الحِمى أَن قَد حَمى قَلبَ صَبٍّ حَلَّهُ عَن مَكنَسِ فَهوَ في حَرٍّ وَخَفقٍ مِثلَما لَعِبَت ريحُ الصَبا بِالقَبَسِ يا بُدوراً أَطلَعَت يَومَ النَوى غُرَراً تَسلُكُ بي نَهجَ الغَرَر ما لِنَفسي وَحدَها ذَنبٌ سِوى مِنكُمُ الحُسنُ وَمِن عَيني النَظَر أَجتَني اللَذّاتِ مَكلومَ الجَوى وَاِلتِذاذي مِن حَبيبي بِالفِكَر وعبد الله بن الخطيب وزير بنى الأحمر ..الملقب بذي الوزارتين الأدب والسيف وكان شاعرًا وأديبًا وطبيبًا وفيلسوفًا ومؤرخًا..وله في الموشح... جادك الغيث إذا الغيث همى يازمان الوصل في الأندلسِ لم يكن وصلك إلا حُلما في الكرى أو خُلسة المختلسِ وقد ساعدت الطبيعة والحياة الناعمة التي تميزت بالبذخ والرفاهية في بلاد الأندلس على إضفاء ثراء خاص بمفردات الموشحات الأندلسية، وكانت سببًا رئيسا في كثرة (مجالس الطرب مما ترتب عليه السعي إلى التجديد الدائم ومواكبة التغيرات الإجتماعية في الأندلس، ومن ناحية أخرى جاء انتقال المغني زرياب الموصلي إلى الأندلس سببًا في إضافات متنوعة للموسيقى والغناء الأندلسي).. وبذلك كانت الموشحات الأندلسية استجابة لواقع فني وثقافي وطبيعي واجتماعي وفكري متجدد...اكمل مسيرته وطورها واضفى عليها ايقاعات مرخمة هادئة.. ووظف المفردات اليومية. سيد درويش وسلامة حجازي والوشاحة كوكب البدري التي امتازت موشحاتها بايحائية الفاظها وقدرتها التصويرية التي كشفت عنها في (عقود النور في موشحات البدور)..الذي نسجت عوالمه النصية.. واسهمت دار المرايا في نشرها وانتشارها/2032..كونها خطاب شعري ببناء توشيحي لواقع حضاري سوسيواجتماعي يرمي الى احداث تغيير يتجاوز حدود المقاسات بلغته التي تمنح متلقيها معنى جماليا محركا للذاكرة المستهلكة..اذ فيها تمزج ما بين الشعري والفلسفـي الصوفي للتعبير عن قضايا وجودية باسلوب خالق للاسئلة عبر حوار ذاتي يكشف عن ثنائية تسبح في فضاء شعري متنام وحبكة درامية متكئة على حقول دلالية(زمان ومكان وقدرة رؤيوية..)..مع تجريدية ذهنية تمنح الالفاظ معنى يسمو باللحظة الى عوالم التاويل التي يحددها استعمال الفعل الدال على الحركة.. ابتداء من العنوان بؤرة النص والدلالة السيميائية المؤطرة لحيثياته المتشكله من مقاطع والمعتمدة الانتقالات الظرفية الكاشفة عن دواخل الذات بصور مكثفة حاملة بين طياتها دلالات العمق الفكري التي تجر الى التاويلية في الرؤى والافكار..هذا يعني انه مكون نصي يحتفي بابعاده ودلالاته التي تجعل منه نصا له تاثيره المعرفي والجمالي.. مسافر لايعود فهل مضى وهل سلا ملامحي ونشيدي فوصله ما اريد وما قضى ان يعدلا رغم العدا والوعيد يا قلب ان الحكايا في حيرة من حبيبي /ص31
فالنص يجمع بين الدلالتين الحسية والمعنوية مع احتفاظه بمدلوله الزمني من خلال الصور التي شكلت كيان النص المنتزع من التجربة الذاتية والنظرة الكونية والوجودية المنحصرة بالمرئي والمتصور المتخيل..
غريب الحي لا يدري جميع الناس تهواه فكم ذابوا بضحكته وكم جنوا بسمرته وكم هاموا بنظرته وكم باتوا بلا صبر بعينيه سدى تاهوا /ص49
فالمنتجة(الشاعرة) تعبر عن لحظة شعورية مكثفة خالقة لحقلها الدلالي بوجدان شعري مقترن بوعي مؤسس على الاضاءة السريعة كونها تمتلك قدرة تعبيرية متجاوزة للمالوف بملفوظات نامية نمو الدال والمدلول والحركة في فضاء الجملة الشعرية التي تتشكل ببناء درامي مكتنز بالدلالة يسهم بتصاعد النص وفق الحالة الشعورية.. ضمن بناء متوازن في جملها وصورها التي تخلقها عبر لغة متميزة بابعادها السيميائية والعلاماتية الدالة على قيمتها الجمالية من جهة وعمق فكرتها المنطلقة من بين ثنايا الفاظها بفعل كوني من جهة اخرى..
يا يوسـف الحسن يالــــيتك القاضي قد حرت في ظني فارحم لانـــــقاذي فهل بــدا مــــني ما يجرح الماضي فمقلتي نـــدمانه وحيرتي تشــقيني (مدري الرحى ثكلانه لولا العشك راميني) ص73
فالمنتجة(الشاعرة) تحاول بناء كينونة متمردة عبر لغة متجاوزة ورمز دال محرك للخزانة الفكرية للمستهلك(المتلقي) لمتابعة عوالم النص..الواسع الخيال والمتسع الرؤى.. الذي يتحرك وفق منظومة صورية تقوم على الادراك والوعي وتعتمد التكثيف والايجاز مع (تشابك الدلالات الفكرية والعاطفية في لحظة من الزمن)على حد تعبير ازرا باوند..بالتقاط المحسوس وبناء الصور من الجزئيات بعمق معرفي وانساني مكتظ بالتساؤلات المستنطقة للذات والوجود في لحظة سابحة في عوالمها الحالمة عبر المجاز المحكي المعبر عن لحظة التوهج الروحي المتحققة على امتدادات النص المقطعية التي تجمعها وحدة موضوعية بدفقاتها الشعرية التي تتسم بالقصدية المتوقدة وحساسية مرهفة لخلق قدرة التاثير عبر جملها المعبرة عن لحظتها المتسمة بعمق المعنى..
سألوم القلب يوما ان هوى ومضى حكم الليالي والنوى فبعيني الف حلم قد ذوى والسعير نال غصني فاكتوى كل درب لست منه عائدا سيطول السهد فيه مـــرغما * * * هل غرامي كان حلما وانقضى في خبايا الدهر او غيـم الفــــــضا خبأ القلب الحكايا وارتــــــمى في ضلوعي مثل وشــم واحتــمى من غــــــياب يتــــقيه ذائــــدا عن حياض الورد من خوف الظـما /ص86
ففيض الشاعرة ينساب بحس شعري تعبيري يتكيء على صياغة دلالية تعتمد الانفعال في بناء ذاتي شكلت الصورة روحه وكيانه..فكان خطابه الشعري خطابا متحركا بالمفردات المضمرة المعاني..الدالة على التخيل والترميز الذي منح النص مسحة من الغموض الشفيف الذي يثير المتعة ويسهم في تحريك الذاكرة صوب التاويل باعتباره سمة جمالية تعبر عن محمولات فكرية عميقة ودلالات متعددة تنحو بالنص صوب التصوف الذي هو منظومة رمزية ذات دلالات عميقة تكشف عن تجربة ذهنية ترافقها تجربة حسية لا تشكل غايتها بل يهيئها الشاعر للوصول الى عوالمه المتخيلة.. وبذلك قدمت الشاعرة الوشاحة نصوصا تحمل رؤية تتجلى في مواقف فكرية وانسانية اثثت امتداداتها بالرؤى والتيمات المنبعثة من ارهاصات الواقع المتشظي.. عبر درامية تعبيرية مكتنزة بفحواها الانساني باسلوب ينسجم والمضمون الروحي القائم على تحقيق الفعل بما يشبه الحلم واليقظة..فضلا عن ممازجتها ما بين الشعري والفلسفي للتعبير عن قضايا وجودية بفيوضات من الصور المتلاحقة بلغة صافية متناغمة وفعلها الشعري الموشى بالرمز الحامل لثقافة كونية وهي تهبط من محرابها الصوفي لتحقق رؤاها الاخلاقية المعتمدة على قوة الفكر والمبدأ بتمجيد الانسان الاعلى.. دع انسكابي كالمطر على اغاني القمر على جنوني في الضجر على ظلال غصونك...على شذى القداح... والشجر وضمني بأنينك...كضمة الوشاح للوتر /ص90 |
المشـاهدات 55 تاريخ الإضافـة 15/12/2024 رقم المحتوى 57034 |