النـص : تحدثنا كثيرا , كما تحدثت وسائل إعلام عديدة غيرنا عن تواضع وانحدار الأغنية العراقية الجديدة ولأسباب مختلفة , تتوزع مسؤولياتها على جميع المعنيين بأمر صناعة الأغنية وبثها على مسامع الناس , وقد ظلّت الأغنية الوطنية وكذلك أغنية الرياضة بعيدة عن هذا المرض , والسبب هو الانفعال المباشر الذي تتعامل معه مثل هذه الأغنيات , ولعل شعراءها لا يركنون إلى مفردات باردة باهتة بعيدة عن هواجس الانسان العراقي وهمومه , ولا يمكن لها إلا أن تصعّد الفعل الحماسي لدى المتلقي فيتفاعل معها وفي الغالب ينتمي إليها هازجا متفاعلا معبّرا عن موقفه الوطني من الحدث الذي تصعّد توتره مثل هذه الأغنيات .
وربّما ظلّت الأغنيات التي تتحدث عن كرة القدم تحديدا , ومنذ أول أغنية انتشرت كالنار في الهشيم في الأوساط الشعبية الرياضية وهي "إلعب يا حبيبي " للفنانة المتوارية سريعا هناء , وحتى آخر أغنية تصاعدت أنغامها مع غيرة لاعبي منتخب العراق لكرة القدم وهم يحققون ما أعجب المعنيين وأذهل القائمين على الفرق والمنتخبات النظيرة ذات الإستقرار العالي وكثرة الملاعب والمبالغة في تقديم الدعم وجلال الخدمات , بل وصل الأمر إلى تجنيس لاعبين أجانب كي تحقق النتائج المتمناة لمنتخباتهم , لكنهم لا يحصلون على جزء بسيط مما يصل إليه منتخب العراق الفقير لوجستيا , والذي لا يلعب على أرضه ولا جمهور له سوى القليل المتواجد في الملعب والغزير جدا والمتابع والمتواجد أمام الشاشات مراقبا منفعلا مشجعا من شمال العراق إلى جنوبه , بلدا واحدا ومصيرا واحدا وفوزا ثمينا باسم العراق , تتبعه الأغنيات المتحمّسة والفرح الكبير الذي يعم شوارع العراق من جباله حتى مياهه ومن بساتينه حتى صحرائه , ليجد الشعراء أنفسهم معبأين بحماس يولّد كلمات ٍ صادقة ً سرعان ما تقترن بألحان تسنفر الهمم وتحرّك المشاعر , ويشوبها حزن خفي لذيذ "شفتو لاعب بالملاعب يلعب وإيده عله جرحه ...هذا لاعبنه العراقي من المآسي جاب فرحه " وهكذا ينطلق معها اللحن لينتج أغنية وطنية رياضيّة تتناغم مع الحس الشعبي والجماهيري وتؤشر المنجز الوطني الثمين لأبنائنا الغيارى الذين لعبوا بغيرة وحرص تحت راية واحدة ومسمّى واحد هو العراق من أجل تحقيق الفوز والتفوق والتقدّم إلى الأمام .
إن الأغنية الصادقة المرتبطة بهواجس الناس وبعفوية الفرح التي تنطلق بعد توتّر وشد وحسرات وتداخل الانفعالات , وبعد حسابات مختلفة وحساب احتمالات وخيارات الفوز أو الخسارة أو التعادل وما يترتب على كل نتيجة محتملة من معطيات تؤدي إلى وضع معيّن في سياق المراكز التي تحددها النتائج في المجموعات المتنافسة , نقول أن هذه الأغنيات تحقق حضورا جماهيريا أرسخ وأعمق من الأغنيات العائمة في الأحداث وهي لا تقدم موقفا أو رؤية جمالية أو حتى رؤية فنية مبدعة .
بوركت أغنياتنا الوطنية , وبوركت فرقنا المحفزة على العطاء الوطني .
|