جمال الدين بوزيان

أصبح من الواضح لمن يتابع سينمات الهند بمختلف لغتها وأقاليمها، أن موليوود أو السينما الهندية التجارية الناطقة بلغة المالايالام في الجنوب الهندي، تتميز عن بقية سينمات الهند بتوجهها الكبير نحو اقتباس قصص الأفلام من أحداث وقضايا واقعية، سواء قديمة وجديدة، وهو ما أصبحت تبرع فيه وتتصدر عبره البوكس أوفيس المحلي في الإقليم، رغم أنه في بقية سينمات الهند الشهيرة مثل بوليوود والتيلوغو والتاميل، نجد السيطرة في البوكس أوفيس لأفلام الأكشن والرعب والخيال والملحمي.

في الغالب ميزانيات أفلام المالايالام لا تكون ضخمة كثيرا وكذلك الإيرادات، لكن هذه الأخيرة تكون متناسبة مع الميزانية الصغيرة لأي فيلم، وتجعل منه ناجحا، رغم أننا لو قمنا بمقارنتها مع الأرقام الكبيرة التي يتم تداولها فيما يخص ميزانيات وأرباح أفلام بوليوود وتوليوود (التيلوغو) خاصة، سوف تبدو صغيرة فعلا، لكن بالمقابل الأفلام ذات الميزانية الكبيرة تكون في سباق صعب مع الأفلام الأخرى على البوكس أوفيس، وتكون قبل أي شيء في تحدٍ مع الرقم الضخم لميزانيتها، الذي يجب أن يتم استرجاعه عبر الإيرادات وتخطيه بنسبة معينة، حتى يعتبر الفيلم ناجحا.

مثلا، العام الماضي (2024) في ترتيبات وتصنيفات البوكس أوفيس الخاصة بكل سينما في الهند، الفيلم المالايالامي Manjummel Boys الذي احتل المركز الأول كانت ميزانيته ميزانية لا تتعدى 20 كرور (ما يقارب 2 مليون ونصف المليون دولار أمريكي)، وإيراداته الإجمالية إجمالية بلغت 242 كرور (أكثر من 29 مليون دولار أمريكي)، وهو فيلم مُستَوحى مِن أحداثٍ واقِعِيَة، مُصَنَفٌ مع ما يُسَمَى "أفلامُ البقاءِ على قيدِ الحياة"، عن قصة 10 شبان هنود يذهبون سنة 2006 في رحلة لإحدى غابات وكهوف التاميل الهندية، ويسقط أحدهم في حفرة كهف معروفة بإسم "مطبخ الشيطان".

أخرج الفيلم السينمائي الشاب Chidambaram ، الذي يخوض تجربته الإخراجية الثانية مع هذا العمل، ويعلب أدوار البطولة المشتركة عدد من ممثلي المالايالام: سوبين شاهير، الذي شارك في الإنتاج أيضا، وهو أشهر أبطال هذا الفيلم، سريناث باسي، ديباك بارامبول، بالو فارغيزي، غاناباتي بودوفال، لال جونيور، خالد رحمان، أرون كوريان.

تضمن الفيلم بعض الأغاني التي تم توظيفها حسب السابق الدرامي للأحداث، وكخلفية موسيقية في الغالب، وكانت متجانسة مع طبيعة الفيلم وقصته الواقعية، سواء من حيث نوعية الألحان وأداء البلاي باك، أو من حيث المشاهد التي تم توظيفها فيها.

الفيلم المصنف في المركز الثاني في موليوود لعام 2024، مستوحى هو أيضا من أحداث واقعية حسب صناعه، غني عن التعريف لدى الجمهور العربي والصحافة العربية أيضا، حياة الماعز أو The Goat Life – Aadujeevitham ، الذي أثار الكثير من الجدل حول تفاصيل قصته التي تحكي عن عامل هندي مغترب في المملكة العربية السعودية.

حققَ الفيلمُ إيراداتٍ إجمالية بلغت 160 كرور (أكثر من 19 مليون دولار أمريكي)، مع ميزانيةٍ قُدِرَت بـ 82 كرور (ما يقارب 10 ملايين دولار أمريكي).

الإخراج للسينمائي الجنوبي "بليسي" الذي شارك في الإنتاج مع ثلاثة منتجين آخر، أما البطولة فهي للسينمائي المالايالامي المعروف "بريتـفيراج سوكوماران"، وبعيدا عن المشاكل والحساسيات التي أثارها الفيلم، بطل العمل "بريتـفيراج سوكوماران" من السينمائيين الهنود متعددي المواهب، الذين يحاولون النجاح في التمثيل والإنتاج والإخراج وكذلك الغناء، عبر أعمال مختلفة، كثير منها غير نمطي، بعيدا عن نهج نجوم الصف الأول في بوليوود والتيلوغو والتاميل.

فيلم آخر لافت جدا العام الماضي، من موليوود، لم يتصدر المراكز الخمسة الأولى في التصنيف السنوي، لكنه نجح في شباك التذاكر، ونالَ الفيلمُ تقييماتٍ إيجابية وحَظِيَ بِمقالاتٍ نَقدِيَة محلية كثيرةٍ تُشِيدُ بِهِ، فيلم Anweshippin Kandethum، المُستَوحى مِن قِصصٍ واقعية مِن ملفاتِ التحقيقاتِ البوليسية الخاصة بالشرطة في إقليمِ المالايالام، ميزانيتُهُ صغيرةٌ جدًا، 8 كرور فقط (أقل من مليون دولار أمريكي)، وجمعَ أرباحًا إجمالية قُدِرَت بـ 17 كرور (حوالي 2 مليون دولار أمريكي).

الفيلم من إخراج "داروين كورياكوز"، الذي شارك في الإنتاج رفقة منتجين آخرين، أما البطولة فهي للنجم الشاب "توفينو توماس"، وعدد من ممثلي موليوود مثل: صيديقي، بابوراج، صاديق، شامي تيلاكان.

الفيلم غير نمطي أبدا بالمقاييس الهندية المعروفة لدى عامة الجمهور، غير استعراضي وخال من الأكشن والأغاني، وطبعا من المبالغات، بحكم أن أحداثه مستوحاة من تحقيقات الشرطة الهندية، وبطل الفيلم هو ضابط هندي عادي، بارع في التحقيق والبحث، لكنه ليس بطلا خارقا أو مصارعا بعضلات مفتولة، وكان الممثل "توفينو توماس" هو الأنسب لهذا الدور