الأحد 2025/1/12 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
ضباب
بغداد 11.95 مئويـة
نيوز بار
انهيار الدولة في المشرق العربي واستلحاقها بنيويا ...
انهيار الدولة في المشرق العربي واستلحاقها بنيويا ...
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د . محمد الكافي
النـص :

 

 

رغم التفسيرات والتأويلات المتعددة الا ان إجماعا يكاد ينعقد على ان الدولة العربية الحديثة وعلى الأخص في المشرق فقدت أسباب قدرتها على البقاء . ذلك لا يعني إنتفاء الحاجة اليها او مجرد شعور مواطنيها بالخذلان . فالأمر كما هو واضح لايعدو كونه تعبيرا عن قانون داخلي لأي دولة حديثة يشتمل على الإرتباط بقاعدتها الشعبية باي درجة من درجات المعيارية بإمكان القدرة على الاستمرار والعمل .علينا ان نقيم بعض الأدلة التي ينكرها دعاة ايديولوجيون او عقائديون هنا او هناك ، ان الأساس " السايكس بيكوي " للدولة المشرقية يعتبر أساسا في هذا التعطيل البنيوي لعمل الدولة المشرقية . أساس نشوء الدولة الحديثة هو شعور النخب في كل العالم تقريبا بالحاجة اليها بعد ان أصبح العمل من دونها غير ممكن للبقاء في العصر والمنافسة ووضع الشعب المعني على خارطة الحياة  . بالمحصلة فان ذلك يعني درجة من درجات استقلال النخبة السياسية عن الإرادة الخارجية " أي إرادة " قد تحدث قطيعة تعيق تفاهم هذه النخبة مع مجتمعها لانجاز مهمتها التاريخية لتطوير أسس الوجود الاجتماعي والثقافي والاقتصادي الى واقع قائم على خدمة الافراد باختيارهم عن طريق العملية الديمقراطية او اشكال التضامن الاجتماعي الأخرى اذا تراجعت الديموقراطية وأصبحت ليست ممكنة كتكنولوجية عددية بسحر صناديق الانتخاب  .ما جرى في المشرق العربي معاكسا لهذا الواقع العالمي والكوني لبزوغ الدولة الحديثة . فقد تم استلحاق المنطقة برمتها بنيويا بالغرب حتى أصبحت الصراعات بين دولها وحتى داخل الدولة الواحدة مرتهنة بهذا الاستلحاق الغربي . وليس ممكنا الخروج من هذه اللحظة التاريخية المأزقية عندما قررت الدول الغربية الكبرى تحديد جيواستراتيجية المنطقة على أساس مصالحها الاستعمارية وطموح هيمنتها على كل المنطقة . ومنذ ذلك التاريخ حتى الان تحملت المنطقة ودولها وشعوبها آلام وصعوبات ومشاكل هذا الاستلحاق البنيوي الذي لم يشهد له العالم المعاصر مثيلا حتى في افريقيا التي استعبدها الغرب واتخذ الكثير من سكانها عبيدا في دولهِ . يمكن الاستدلال على الكثير من الوقائع التي تثبت تطور الدولة المشرقية وقواها داخليا وكان مرتهنا بالكلية الى واقع التوزيع الاستلحاقي لدول المشرق بالغرب تحت راية سايكس بيكو . حتى جاء الانفجار الكبير " الربيع العربي " بنتائجه الهزيلة التي اعادت تأكيد الاستلحاق البنيوي للدولة المشرقية باساسها التقسيمي السايكس بيكوي . كان الربيع العربي فرصة لان تتثبت الذات العربية في المشرق خاصة تجديد ارادتها ورغبتها العميقة للخروج من اسر الاستلحاق الاستراتيجي والذي ارتهنت الى نتائجه . لكن ما حصل كان مخيبا للآمال وعبر بمجمله عن الفاقة والبؤس للوجود السياسي العربي " المشرقي والمغربي " . وعن عجز عميق للنخب بعلاقتها الإيجابية مع شعوبها او فهمها للتطورات العالمية وفي نكوصها عن اية قدرة لاعادة كتابة تاريخ إيجابي وانساني لشعوبها وللمنطقة . في اية محاولة لفهم هذه التداعيات الكئيبة لمستقبل المنطقة انطلاقا من حاضرها البائس لابد من المرور على وظيفة " إسرائيل " في المنطقة وسعي الغرب واميركا المحموم لضمانة هذه الشريحة التوراتية الشاذة وتقديم كل ما يمكن تقديمه وما لا يمكن لضمان واستمرار تفوقها الدائم على دول المنطقة كلها وهذا وضع يحمل في احشائه ومضامينه مزيدا من الشذوذ والغربية لسلم واسس العلاقات الدولية التي من المفترض ان تقوم على التعاون والتكامل خاصة في ظل ظروف الدولة المشرقية وثرواتها الهائلة . ما يترتب على هذه العلاقة المأزومة وغير المتوازنة هو استمرار ضمان الغرب للاقليات المستبدة الحاكمة التي تحولت بمرور الزمن الى مافيات اقتصادية تلقى كل الدعم من الغرب الذي لم يعد يهمه كثيرا تبادل أسس وقوانين الحرية والديموقراطية واحترام كرامة الشعوب التي نصت عليها مواثيق دولية ودساتير هذه الدول وعلى الأخص في قيم الثورة الفرنسية المؤسسة لاوربا الحديثة والدستور الأميركي وميثاق الأمم المتحدة الذي لم يعبا به احد ابدا . الرهان الان على النخب المشرقية وعموم العربية في إعادة التوازن لهذه المعادلة المازومة وهزيمة النخب بمواجهة الواقع بعد ان سقوط شعار :" تاويل المجتمع لصالح الدولة " .

المشـاهدات 35   تاريخ الإضافـة 11/01/2025   رقم المحتوى 57987
أضف تقييـم