مائدة صوفيا .. |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
الكاتب محمود ال جمعة المياحي
اعتادت جلوس الأصدقاء حول الطاولة المدورة عند مطبخ بيتها الجميل في محلة الناظمية ببغداد فهي ماهرة في اعداد الطعام ورائعة في اناقة الكلام وجذابة في الملابس والهندام .. صوفيا .. التي يحبها الجميع الأصدقاء والجيران والنسايب والاخوان تستقبلك بابتسامة رائعة وتودعك باروع منها ، رشاقة جسمها الطويل يزيد من جمال انوثتها ، جربت الحب في الزواج فانسحب المحبوب مُبكرا وسكن دار الخلود ! لا ادري كيف يموت الأزواج وعندهم زوجات رائعات مثل صوفيا ..! تركها المرحوم زوجها لتصبح ارملة ذات مواصفات يحلم بها كل رجل! كل صباح تستقبل جارتها اشواق بعد ان يذهب ابنها الى المدرسة تجلس حول الطاولة ،هذه الطاولة المبتسمة دائما والتي اطلقت عليها صوفي ( بالمحبوبة ) ،لانها تُحب الجميع، يجلس حولها الجميع ! فقد تعرفت على همومهم المتروكة في فناجين القهوة واستمعت الى احاديثهم المكررة و المطروقة وهم يرتشفون الشاي ويشربون الماي ويأكلون الزاد ويأتون بغير ميعاد ، يمر احد الأصدقاء وهو طلال موظف البلدية يُسلم على صوفي ويجلس على احد كراسي الطاولة كعادته يبدأ الحديث عن مشاكله مع زوجته وأولاده ، صوفيا مستمعة جيدة مع أجوبة مناسبة ، يضع كوب الشاي على الطاولة ، تشعر محبوبة بحرارة الحديث وسخونة الكلام وهو يفضفض لها عن ما دّار ويدور في بيته ، يشعر كلما تحدث اكثر شعر بالراحة اكثر ، أولاده يثقلون عليه بالمصروفات والمطلوبات ، وهي تطلب منه الطلاق وتتهمه انه ( نسونجي )! يفكر طويلا اذا طلقها هل سيجد امراة تتقاسم معه الفراش ! وتبتعد عن المُلاسنة والنقاش ، لايستطيع الرجل ان يعيش بدون امراة ! هكذا هم الرجال ! ولكن هل المرأة تستطيع العيش بدون رجل !! في يوم الاحد تذهب صوفيا الى كنيسة مريم العذراء في الكرادة الشرقية لتقيم القداس وتلتقي بالمصلين من كل الاجناس ، الصلاة هي صلة الانسان بالله وصلة الانسان بأخيه الانسان ، يجلس احد المصلين بجانبها ، بعد عِضة ابونا بطرس يتبارك المصلون فيما بينهم بحركة تشبه المصافحة بالأيدي ، جرت المُباركة بين صوفيا وجليسها بانسيابية دون حدوث أي امر سوى انه نظر اليها ونظرت اليه ، انه تجمع ايماني جميل لاوجود للشك فيه لانه تحت ظل الله ، ينتهي مع ايقاد الشموع وطلب النذور من العذرا ويسوع ، وجدته امامها يشعل شمعة ثم القى عليها تحية الوداع ! تقفل صوفي راجعة الى وطنها الجميل البيت الذي يحتضن كل مشاعرها ويحتفظ بكل ذكرياتها مع رفيق حياتها، وللمساء نكهات أخرى وأصدقاء آخرون ، سهير التي ادمنت الحضور بعد انتهاء دوامها الليلي في معرض للأثاث تتحدث مع محبوبة وكانها تسمعها ..إيييه يامحبوبة لشوكت ابقه بدون زواج !! كَليلي مو مليت من العنوسة والانتظار ! تسمعها صوفي تتعاطف معها وهي تربت على كتفها وتتذكر صورة ذلك الرجل الذي جانبها الجلوس في الكنيسة، تكرر لقاء صوفيا مع الرجل الوسيم في الكنيسة، الاجواء الايمانية داخل الكنيسة تجعل الانسان شفافا يتقبل فكرة الحديث مع الاخر بوضوح وببساطة دون تكليف اوشك ، اما خارج الكنيسة فله تأويلات أخرى!! الوقت اصبح مناسبا ، قّـَدم نفسه لها.. انا غسان عندي شركة سياحة وسفر.! اجابته .. تشرفنا انا صوفيا ربة بيت، ومن حُسن اخلاقها وصفاء نيتها دعته لشرب فنجان قهوة في بيتها ، في المساء جلست اشواق وسهير وصوفي يفضفضن لبعضهن ،انظم الى المجموعة مودي موظف المصرف وهو صديق لصوفي ولأصدقائها ، ومن عادته عندما يدخل يُـقبّل الجميع نساءً ورجالاً ويُـقبّل ( محبوبة ) التي يعشقها ، يبتسم الجميع فيعلق مودي ويقول .. هاي المحبوبة الهه فضل علينه كُـلنا ! ياما جمعتنا و شكَـد اكلنا عليهه اكلات وشربنا كَهوة وچايات وعصاير ومايات ما تعبت يوم من حمل مواعين الدنيه وما ضاجت من السوالف والكرزات ، وماملت من سوابيط القشبة والحـچايات ، تستاهل الف بوسه وبوسة ، وعلى اعناد اللي غارون !! يقهقه الجميع ..! لاتزال صورة غسان حاضرة في مخيلة صوفي وتتساءل بصمت هل سياتي لزيارتي ؟! .. احدهم يطرق الباب يدخل طلال وينفجر بالكلام عن زوجته ..تريد مني اطلكَه هسه هسه وهددتني بعد ما تبات يمنه بالبيت ! حضرت سهير واشواق وسمعوا ماقاله طلال حاولا تهدئته ولكن لم يهدأ الا مع رشفة الشاي الأولى ! ، انه خمر صوفي الذي يُسكر الجميع و يهدأ الاعصاب ! الباب مازال مفتوحا تنبهت صوفي لوجود شخص يقف عند الباب ، هلهل وجهها فرحا ..تفضل أستاذ غسان اعرفك على أصدقائي .. سهير واشواق وطلال، سَّلم غسان وجلس على الطاولة ، تفاجئت محبوبة بالرجل الخمسيني الوسيم الاشيب، سالته صوفي ..اشتـشرب شاي لو كَهوة لو عصييــ .. أجاب..لا لا ..كَهوة ..كَهوة سادة ..لم يتاخر غسان في جلوسه اكثر من نصف ساعة ثم غادر وهو يقلب فنجان القهوة ليترك المجال لاشواق تستمتع بقراءة الطالع . في صباح اليوم التالي لم تحضر اشواق عند صوفي تكرر غيابها ليومين ، من عادة صوفيا ان تسأل وتطمئن على الأصدقاء عند غيابهم خصوصا اذا لم يرسلوا بوست الصباح على الواتساب ، الود نعمة والقطيعة نقمة !! فالنعمة ان يجعل الله لك شخصا يسال عنك في غيابك! وهذه النعمة تتحلى بها صوفيا دون غيرها من الأصدقاء! آلو اشواق ظل بالي عليـچ!! ردت عليها بصوت واهن ..مريضة يا صوفي صدري يوجعني والكَحة متعبتني !! ثم اتصلت بطلال لتطمئن عليه و لتعرف اخباره .. أني إبيت اخويه !! تكرر جلوس غسان واشواق وصوفي حول المائدة المحبوبة ولا احد يملئ الجلسة غير مودي الذي تعّرف على غسان في حضرة صوفي وهم يشربون الشاي والقهوة ، هناك علاقة بين المصارف والسياحة تلتقي عند تحويل المسافر للعملة ، اشواق تشعل سكارتها وتلهو مع فنجان قهوتها ، صوفي توزع ابتسامتها على الحضور مع تقديم المعجنات وسط تجاذبات الاحاديث المتفرقة حتى حان وقت المغادرة، القى غسان واشواق التحية على صوفي ، بينما مودي قَـَبّل المحبوبة ثم سّلم على صوفي وانصرف ، هاجس يراود صوفي ان المحبوبة تشعر ودمرات عروقها تتشاور.. تخيلتها تهمس بصمت ولكن صوفي تسمعها هسيسها..ايه يادنيه ما اتذكر شكَد اكواب الشاي وفناجين الكَهوة ومواعين الاكل وطوس النمنمات الي خلوها على ظهري، بس أذكر شكم بوسه وبوسة الي خلاها مودي على وجهي !! الشعورالجميل لا ينسى ولا يستحدث !! استمر تواصل غسان مع صوفيا واقترب منها اكثر واكثر حتى حان وقت تفتح الازهار بعد تلاقح الأفكار، غسان رجل خمسيني لم يتزوج في حياته وصوفيا ارملة في العقد الرابع من عمرها ،هو يبحث عن امراة تتقاسم معه الحب والحياة والحلوة والمرة وان تنجب له الولد الذي يحمل اسمه ، وفي لحظة مباركة اتفقا على الاقتران ، طلال طلّق زوجته ولم يجد امامه أمراة للزواج غير سهير ، ولكنها رفضته !! اشواق تعاني من البون الواسع في المستوى الفكري مع زوجها فتستعين بالتدخين للهروب من واقعها ، مودي يطمئن الجميع بان الدنيا مازالت بخير !! الكل يأتي هنا كي يستمتع بالوقت خارج الزمن، لا اعرف ماذا يحدث لطلال عندما يجلس في حضرة صوفي ويشرب الشاي وكانه الترياق الذي يمتص غضبه ! غسان يتحدث عن آخر مسافر مشاكس في رحلة الالف ميل! اشواق الهاربة من تناقضات زوجها تملئ المكان بدخان سكائرها! سهير التائهة في بحر العنوسة تبحث عن بداية حلوة تجّمل حياتها! محبوبة لم تضجر من حمل اطباق الحياة ودوران ملاعق الكلام وتكتمت على سوالف الأيام!!، وبعد مضي تسعة اشهر على زواج غسان وصوفيا استبشرت العائلة بولادة (شاهان)، فحضر الأصدقاء سهير وطلال واشواق ليباركوا لصوفيا مولودها، اما مودي عند حضوره فذهب لتقبيل المولود ونسى ان يقبل محبوبة .. فزعلت عليه!!!! |
المشـاهدات 30 تاريخ الإضافـة 15/01/2025 رقم المحتوى 58065 |
بيطرة كركوك توجه بفحص بيض المائدة ومنع التدخل بعمل المنافذ والسيطرات وزارة الزراعة تفتح وجهة جديدة لاستيراد المواشي من جورجيا |
صوفيا فيراغارا تفوز بشطيرة برغر في حفل إيمي |
صوفيا فيرغارا تقع في حب طبيبها الخاص |
العراق يتجاوز رومانيا باستيراد زيتون المائدة التركي |
الشعر و الأدب الموريتاني مع الشاعر الدكتور خالد عبدالودود على مائدة الغجر |