لا يختلف اثنان على أن ظروف ما بعد الاحتلال أفرزت العديد من المشاهد السلبية والفوضوية وغير الحضارية التي راحت تشوه معالم العاصمة الحبيبة بغداد، وتحول دون حركة المرور والمتبضعين بشكل أنسيابي ، وتقطع السبيل أمام دخول آليات جمع القمامة وفرق الدفاع المدني لمكافحة ما قد يحصل من حرائق أو عمليات ارهابية .. وهذا ما حصل فعلاً في أسواق الشورجة وغيرها من الأسواق والشوارع التجارية اكثر من مرة ... وكانت الاكشاك والبسطيات قد حالت دون وصول رجال الأطفاء وآلياتهم إلى مواقع الحريق لمكافحتها قبل أن تتسع وتتضاعف الخسائر المادية والبشرية !

مشاهد تثير فينا مشاعر الحزن والأسى لهذه الظواهر غير الحضارية وتحرك في داخلنا غضب الاستنكار والاستهجان حين نرى بعض المفارز البلدية والأمنية وهي تقوم بإزالة ورفع الاكشاك والبسطيات والتجاوزات الأخرى بأسلوب قسري وغير انساني وبدون سابق انذار احياناً..

ولاشك أن الظاهرتين مرفوضتين تماماً .. لأن احتلال هذه المحرمات محرم أصلاً .. كما أن أزالة الاكشاك والجنابر والتجاوزات الاخرى بهذا الأسلوب المتشنج والمدمر وبدون توفير المواقع البديلة للباعة الجوالين (ومعظمهم من حملة الشهادات العاطلين وأصحاب عوائل) وتمكينهم من مواصلة العمل بشكل حضاري ومنظم ، أمر مرفوض أيضاً ، وقد يسبب الانحياز والتعاطف مع المتجاوزين بالرغم من عدم القناعة والقبول بهذه التجاوز الله !!

ليس من الأنصاف أن نضع اللوم كله على هؤلاء الباعة فحسب ، ولا تلوم الجهة المعنية في أمانة بغداد أو المحافظة التي أتاحت لهم منذ البداية فرصة اختلال هذه المحرمات واتساعها حتى أصبحت (ظاهرة) يتعذر مواجهتها بهذه الاساليب المتشنجة والقاسية.. وأن هذه الأجراءات الآنية والمفاجئة التي ينفذها المعنيون في الأمانة وبلدياتها أو في المحافظات و بدون توفير المواقع البديلة والنظامية طؤلاء الباعة ، تبقى مجرد (قطاعات) سرعان ما تنفجر، ثم تعود الحالة الى أسوأ مما كانت عليه .!!