النـص : يعاني المواطن العراقي خلال مراجعته لبعض الدوائر لإنجاز معاملته الورقية إلى معاناة كبيرة، وإرهاب نفسي، وضغط عصبي، حيث يتطلب انجاز معامتله أن يتحلى بقدرة تحمل غير طبيعية لمواجهة الروتين القاتل والبيروقراطية المقينة، والفساد المستشري في بعض تلك الدوائر، فأساليب عرقلة إنجاز المعاملات أو تأخيرها أو وضع العصي في الدواليب من خلال الطلبات التعجيزية والشروط غير المنطقية التي يطلبها هؤلاء الموظفين من المواطنين لغرض انجاز معاملاتهم أبرز الأساليب المستخدمة لإجبار المواطن على دفع الرشى لإنجاز معاملته، وحتى يتخلص المواطن من التعب البدني والضغط النفسي والعصبي نتيجة كثرة المراجعات لمعاملته التي قد لا يتطلب انجازها سوى ساعات محدودة أو أيام قليلة تأخذ من المواطن أسابيع أو شهور. ويلجأ هؤلاء الفاسدين من الموظفين إلى التعاون مع بعض السماسرة والمعقبين لابتزاز المراجعين والحصول على الأموال منهم مقابل إنجاز المعاملات، حيث يكون هؤلاء السماسرة والمعقبين واجهة لهذا الموظف أو ذاك أو مفتاح لهم، فبالاتفاق معهم تنجز المعاملات وتحل المشاكل والمعضلات، لذا فالحل الوحيد للتخلص من هذا الفساد المستشري والروتين أو البيروقراطية يكمن في الاعتماد على الأتمتة بشكل كامل وإحلال النظام الإلكتروني لغرض انجاز المعاملات محل النظام الورقي الذي هجرته الكثير من الدول المتقدمة لا وبل حتى الكثير من الدول النامية ومنها بعض دول الجوار، والأتمتة هي استخدام الكومبيوتر والأجهزة المبنية على المعالجات أو المتحكمات والبرمجيات في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية من أجل تأمين سير الإجراءات والأعمال بشكل تلقائي وآلي دقيق وسليم وبأقل خطأ ممكن، وتُعنى الأتمتة بإحداث تغيير إجراءات وعمل المؤسسات والدوائر الحكومية، تتمثل في نقلها من الإجراءات اليومية المعتمدة على الورق إلى إجراءات وآليات تعتمد على التقنية في تنفيذ أعمالها، وبهذا تختصر وقت التنفيذ مع جهد أقل. إن الاعتماد على الأتمتة والنظام الإلكتروني لغرض انجاز المعاملات ليس بالأمر الصعب والدليل على ذلك أنه خلال جائحة كورونا تمت تمشية المعاملات وإنجاز المهام عن طريق النظام الالكتروني حتى التعليم استخدم هذا النظام لإلقاء المحاضرات وإجراء الامتحانات، إن الاعتماد الكلي على الأتمتة والنظام الإلكتروني له فوائد كثيرة جداً فهو يجعل انجاز المعاملات يجري بكل شفافية وسلاسة، كما يبسط الإجراءات، ويوفر الجهد والوقت والمال الذي يتطلبه مراجعة الدوائر لإنجاز المعاملة ورقياً، كما يقضي على الروتين القاتل والغاء الكثير من الحلقات الزائدة في عملية انجاز المعاملات، ويجعل المواطن غير خاضع لمزاجية هذا الموظف أو ذاك، حيث طالماً يتم إعادة مواطن جاء من أماكن بعيدة، وقطع مسافات كبيرة، وأنفق أموال، فيتفاجأ هذا المواطن بعدم دوام الموظف المعني في الدائرة بسبب سفره أو تمتعه بإجازة فيُطلب من هذا المواطن بالعودة مرة أخرى للدائرة حتى يتكرم الموظف المعني بأن يضع توقيعه أو هامشه على هذه المعاملة، لهذا فواجب الدولة التحول الفعلي إلى النظام الإلكتروني والأتمتة وليس الحديث عنه في كثير من المناسبات والاجتماعات والمؤتمرات للقضاء على الفساد الإداري والمالي ودفن الروتين القاتل والبيروقراطية المقيتة، وهذا الأمر كما قلنا ليس بالأمر الصعب إذا ما توفرت النية الصادقة، والإرادة الحقيقة للوصول إلى هذا الهدف وتحقيقه.
|