هوس عمليات التجميل في العراق |
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب د. رائد الشرقي |
النـص : شهد العراق في السنوات الأخيرة ظاهرة متزايدة تتعلق بجنون عمليات التجميل والاتجاه نحو معايير جمال موحدة، ما أدى إلى تشابه كبير بين النساء. هذه الظاهرة لم تعد مقتصرة على النخبة أو المشاهير، بل انتشرت بين مختلف الفئات الاجتماعية، مدفوعة بوسائل التواصل الاجتماعي وتأثير مشاهير الجمال.إذ لعبت النساء دورًا أساسيًا وتزايد نفوذهن بشكل ملحوظ في مختلف المجالات، سواء في السياسة، الاقتصاد، أو حتى الثقافة. مع ازدياد الوعي بحقوق المرأة وانخراطها في الحياة العامة، أصبح للجمال والظهور بمظهر مثالي تأثير متزايد على المكانة الاجتماعية، ما دفع كثيرات إلى اللجوء لعمليات التجميل كوسيلة لتعزيز الثقة بالنفس أو لمجاراة معايير الجمال السائدة.تشير الإحصائيات إلى ارتفاع كبير في عدد عمليات التجميل في العراق خلال السنوات الأخيرة، حيث باتت مراكز التجميل والعيادات الطبية تزدهر في المدن الكبرى مثل بغداد وأربيل والبصرة .ويعود السبب في انتشار هذه الظاهرة الى التأثر بالإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية حيث تعرض النساء بشكل مكثف لنماذج جمال معينة يُروَّج لها على منصات مثل إنستغرام وسناب شات. ومع انتشار صور الفاشينيستات والمؤثرات اللواتي خضعن لعمليات التجميل، تسعى العديد من النساء لمطابقة مظهرهن مع هذه الشخصيات. العديد من النساء أصبحن يشبهن بعضهن البعض، وكأن هناك “قالبًا جماليًا” موحدًا يعتمد على ملامح محددة مثل الشفاه الممتلئة والخدود البارزة والأنف الصغير المرفوع. هذا الأمر جعل الجمال يبدو وكأنه نسخة مكررة، مما أدى إلى فقدان التنوع الطبيعي في الملامح العراقية التي تتميز بتنوعها العرقي والجغرافي.رغم أن عمليات التجميل قد تمنح الثقة للبعض، إلا أن لها تأثيرات سلبية حيث أصبحت المرأة تشعر بضغط مستمر لمواكبة معايير الجمال المتغيرة وزيادة المشكلات النفسية مثل اضطراب تشوه الجسم حيث تعتاد بعض النساء على التعديلات التجميلية بشكل مفرط، مما يجعلهن غير راضيات أبدًا عن مظهرهن.وقد تؤدي بعض العمليات غير المضمونة أو التي تُجرى في أماكن غير مرخصة إلى مضاعفات خطيرة، مثل الالتهابات والتشوهات الدائمة.في ظل هذا الهوس المتزايد، يبرز تساؤل مهم: هل فقدنا مفهوم الجمال الطبيعي؟ ربما يكون الوقت قد حان لإعادة التفكير في معايير الجمال والابتعاد عن الهوس بالمثالية المصطنعة. الجمال الحقيقي لا يكمن في الامتثال لمعايير موحدة، بل في إبراز التفرد والتميز لكل امرأة، وهو ما يجب أن تعكسه وسائل الإعلام والمجتمع. |
المشـاهدات 22 تاريخ الإضافـة 03/02/2025 رقم المحتوى 58806 |