
![]() |
قراءة في قصيدة الشاعر المغربي حسن أجبوه " تضاريس الخوف" |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : حبيبة المحرزي - تونس -
* عتبة العنوان : مركب اضافي .أضيف فيه المادي الجمع الى المعنوي المفرد. الخوف ثابت والتضاريس مستحدثة، والخوف مصدر مطلق لحالة نفسية تعيش اضطرابا أو تخشى وقوع الضر عليها . والتضاريس معجم جيولوجي من سجل الأرض وما تخبئه من تداخلات وتموجات مختلفة بفعل التغيرات المناخية والبيئية الطبيعية. لأن اعتماد الشاعر على الأنا كفاعل منه تنطلق الأحداث وإليه ترجع . هو سارد كل ما سيرد في القصيدة من أفعال وأحداث بعضها هو الفاعل فبها : "أخاف ..أستحي..قلت..انتبهت..أختلي.." أفعال وإن أسندت إلى الأنا الفاعل فهي رهينة أوضاع تراجيدية جراء تغيرات أو مواقف مختلفة قد تكون مسلطة على الأنا الخائف لتبرر فعل الخوف، خاصة بربط السبب بالنتيجة المرتبة للأحداث المتعاقبة بعضها سبب في الآخر: "فتدمي. فتتوشح فأخاف" والتعليل "لاقلدها" "تسحقني..تدمي..." وأمام تصدع الحاضر والخوف من المستقبل يجنح إلى تمني المستحيل طمعا في مساعد "يا ليت". والمتمنى قوة طبيعية مقترنة ب"تسطع" الدالة على القوة والفجئية والسيطرة رغبة في التّعافي وأملا في النجاة لكن سقف الانتظارات يمتد من طلب التعافي إلى الأمل في تحصيل فوائد مادية عينيّة "هداياهم الاغريقية وفانوسه الفرعوني". استناد الشاعر إلى محطات تاريخية ضاربة في العمق الإنساني الحضاري "الحضارة الاغريقية والفرعونية" فيه إقرار بالامتداد وإمكانية التأثير تناصا أو تشبًها. الأفعال :ممتدة أيضا بدلالة الاستمرار والتواصل وعدم الانقضاء، لتصوير وضعية مرتبكة لم تنقض ولم تنته، بعضها مثبت : "أخاف..أستلقي... وبعضها منفي : "لا أملك " والشاعر بجنح إلى النداء حثا وطلبا واستعطافا : "أيها الشحرور .. يا رمال .. يا رداء المنفيين..." هو شعور بالغربة والتوجس من وضع مرتبك يترجم عنه الخوف. والطلب بالنهي والأمر متمكن من مفاصل القصيدة دلالة على المؤمّل في المستقبل وطلبا للأجدى والأنفع. * الزمكان في القصيدة : الزمان: هو الحاضر المثقل بترسبات الماضي القريب والبعيد بدلالة التاثير "الجليد الاول بعدما... أخيرا أزمنة متوغلة في حاضر" الأنا " الحامل للأذى الثابت. المكان: متعدد متنوع بيّن من خلال الصفات أو الخصوصيات التاريخية الدينية والطبيعية "الجبل الابيض قمة الجبل الأبيض التلال البحيرة جنوبي برج بابل الصحراء كنيسة العذراء الامكنة المؤدلجة يسار يمين طريق البحر تضاريس... هذا التخبط بين الامكنة والازمنة حاضرها وماضيها يعكس توترا نفسيا صوّرته تلابيب القصيدة خوفا من المغول وفرعون وكل ما يشين في ماض شبيه بالحاضر المرتبك. لقد استطاع الشاعر أن يؤلف سنفونية بكم من الصمت النازف والذي يكون البديل عنه نقيق الضفادع ..شحرور يصدح.. القصيدة تخللتها مقاطع سردية تامة البناء والتقنية من أفعال وشخصيات ومكان وحوار إحالة على الإمكان في الواقع. ـالمعجم تفرع إلى قوى طبيعية كالجبل الأبيض والصحراء والبحر.. ومعجم من الاساطير وفرعون والمغول والخوف والسحق و "تدمي" ... معجم يغرق في العنف والخوف والغربة التي صار يتخبط فيها إنسان اليوم. فالشاعر وإن اعتمد على الأنا كذات حاملة لهموم الانسان في هذا العصر الذي لم يتحرر من مآسي الماضي ولم ينتبه إلى ضرورة البحث عن شفاء . قصيدة في سياق ملحمي تفجّعي دالّ على أن التاريخ يعيد نفسه وأن الأذى البشري مستمر متواصل.. تنتهي القصيدة بخاتمة "صدمة" ب"تضاريس جثتي" كتبرير للعنوان الدال على الخوف والمؤدي لنتيجة حتمية كارثية. فتصبح القصيدة كلها مقول قول "لجثة" توقعت استباقا للمصير الدامي الماساوي منذ البداية. اللغة سلسة مكتنزة بالصور الشعرية والمعاني الضاجة بهموم الإنسان المعاصر المرهق المشتت جراء الحروب والعنف المستشري في أنحاء كثيرة من الأرض التي صارت جثة . |
المشـاهدات 87 تاريخ الإضافـة 07/02/2025 رقم المحتوى 58947 |