![](images/logo2.png)
![]() |
طفولة سرجون الأكدي والنبي موسى بين الأسطورة والدين |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
يبقى تاريخ بلاد ما بين النهرين بأساطيره وملاحمه وقصصه منهلا معرفيا لكل البشرية في مشارق الارض ومغاربها، من هذا التاريخ نُهلت العلوم والقوانين من قبل كل الشعوب والديانات ونفذ ما دوّن في الألواح الطينية الى نصوص الديانات الأرضية والابراهيمية وهذا ما أجبر العلماء والباحثين الى التأمل والبحث في التشابة الذي جاء في تلك الأساطير والملاحم وما تناقلته الشعوب من أساطير وحكايا وما وجد من نصوص مقدسة في الديانات الابراهيمية علما بأن الأساطير والقصص السومرية والبابلية والاكدية تسبق ما نشرته تلك الشعوب وما دوّن في الاديان بما يزيد عن الألف عام، وهذا ما يؤكد أن الآخرين قد استنسخوا الأساطير وأخذوا العلوم من بلاد ما بين النهرين الذي يدعى العراق اليوم. من بين القصص المثيرة التي مازلنا نتداولها تأريخيا ودينيا قصة ولادة سرجون الاكدي والشبه الكبير بينها وبين ولادة النبي موسى وما تعرض له الولدان من عنف ونجاتهما من القتل رغم اختلاف الزمن وبُعده بينهما. تنص ولادة سرجون الاكدي، مؤسس الامبراطورية الأكدية وعاصمتها أكد، أنها حصلت في كيش على الضفة اليسرى من نهر الفرات وقيام أمه بتهريبه طفلا في النهر خوفا عليه من بطش الملك اورزبابا الذي قرر قتل الأطفال الرضع الى استيلاء سرجون على الحكم الذي دام خمسة وخمسون عاما من 2234 ق. م _ 2279 ق. م. لقد دون تأريخ هذه الولادة وتأسيسه الامبراطورية الأكدية على أحد الألواح الطينية في المكتبة الآشورية يعود الى أوائل الألفية الثانية ق:م ، هذا اللوح كتب فيه.. ( أنا سرجون / ملك الكاديين / ملك القوة/ أمي قديسة/ أبي لم أعرفه/ أعمامي أحبوا التلال/ لقد حملتني أمي في الخفاء/ لقد أنجبتني في الخفاء/ وضعتني في سلة فقيرة من الحلفاء/ أغلقت الغطاء بالقطران/ القت بي في النهر/ حملني الماء الى آكي / يعمل ساقيا في قصر الملك اورزبابا /درج الماء/ حملني للخارج وهو يحمل جرته في النهر/ وأخذني كأبن له/ ورفعني / وجعلني بستانيا/ أصبح سرجون ساقيا عند الملك اورزبابا/ أصبح بعدها خادم يجلب النبيذ للملك / خدمه أيضا مستشارا موثوقا / ولاسباب مجهولة شعر الملك بالتهديد من سرجون وحاول التخلص منه/ الالهة عشتار هي من تولت رعايته وهي من أخذت تحميه وتناصره حتى استطاع توحيد البلاد..) سرجون أول ملك في بلاد الرافدين يظهر في الألواح والجداريات يحمل عصا مثلت قوته وجبروته وقد إمتد حكمه من عيلام حيث غسل أسلحته بالخليج العربي ثم اجتاز غرب آسيا ووصل الى البحر المتوسط وقد هزم الملك السومري لوكال زاغيزي وجاء به مقيدا بالأغلال الى نيبور..) ولادة النبي موسى حصلت في عام 1605 ق.م وهي تشبه في دلالاتها ومضامينها وفي الكثير من أحداثها ولادة الملك سرجون الأكدي الذي يسبقه بأكثر من سبعمئة عام. كان الفرعون المصري يسرف في قتل الأطفال الرضع حتى لا تتحقق نبوءة الكهنة ويأتي من بين هؤلاء من يكون على يديه نهاية حكمه، لقد دونت هذه الولادة في سفر الخروج اليهودي وقد نص هذا السفر على .. ( وذهب رجل من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي/ فحبلت المرأة وولدت ابنا ولما رأته أنه حسن خبأته ثلاثة أشهر/ ولما لم يمكنها أن تخبئه بعد أخذت له سفطا من البردي وطلته بالحمرة والزفت ووضعت الولد فيه ووضعته بين الحلفاء على حافة النهر / ووقفت أخته من بعيد لتعرف ماذا يفعل به/ فنزلت ابنة فرعون الى نهر النيل لتغتسل وكانت جواريها ماشيات على جانب النهر فرأت السفط بين الحلفاء فأرسلت أمَتها وأخذته/ ولما فتحته رأت الولد واذا هو صبي يبكي فرقت له وقالت هذا من أولاد العبرانيين / فقالت أخته لابنة فرعون هل أذهب وأدعو لك امرأة مرضعة من العبرانيات لترضع لك الولد/ فقالت لها ابنة فرعون اذهبي فذهبت الفتاة ودعت أم الولد/ فقالت لها ابنة فرعون اذهبي بهذا الولد وارضعيه لي وأنا أعطي أجرتك فأخذت المرأة الولد وأرضعته/ ولما كبر الولد جاءت به الى ابنة فرعون فصار لها ابنا ودعت اسمه موسى وقالت إني انتشلته من الماء..) سفر الخروج 2: 10 كان للنبي موسى عصا وتعتبر من أعظم معجزاته، هذه العصا التي شق بها البحر وتكون جداران عظيمان من الماء بينهما أرض يابسة استطاع مع أتباعه من بني اسرائيل الهروب من فرعون مصر وما أن حاول موسى وأتباعه عبور البحر حتى أغرق الماء فرعون وجيشه بعد أن اتصل جدارا الماء.. في الديانة المسيحية نقلت ذكرت ولادة النبي موسى في هذه الديانة من خلال كتاب السنكسار وهو كتاب يحوي سير القديسين والشهداء وتذكارات الأعياد وأيام الصوم، في هذا الكتاب تذكر ولادة النبي موسى عام 1605 من أب اسمه عمرام وأم اسمها يوكابد وكلاهما من سبط لاوي أيام الملك أمينوفيس فرعون مصرالذي أمر بقتل كل طفل يولد من العبرانيين حتى لا يكون على يد أحد هؤلاء الاطفال نهاية حكمه. الحكاية نفسها تبدأ بوضع موسى في سفط من البردي في نهر النيل وتم سرد نفس الأحداث وكيف أن الأم هي من أرضعته وأرجعته الى ابنة فرعون الذي اسمته موسى وهو الذي قاد شعب اسرائيل في سيناء أربعين عاما وأنزل لهم المن وأنبع لهم الماء من الصخرة ثم سلمه الله لوحي العهد والوصايا.. القرآن الكريم ذكر قصة النبي موسى والقائه في النهر في سورة القصص وتقترب مما تأكد وماذكر في سفر الخروج اليهودي وقد تم تناول هذه القصة في العديد من آيات هذه السورة الكريمة. لقد كانت منزلة النبي موسى عند الله كبيرة حيث خصه الله بمحبة خاصة ( وألقيت عليك محبة مني ).. ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين، وقالت لأخته قصية بصرت به عن جنب وهم لا يشعرون / وحرمنا عليه المراضع من قبل، هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه وهم له ناصحون ، فرددناه الى أمه كي تقر عينها ولتعلم أن وعد الله حق ولكن اكثرهم لا يعلمون ) ( وأوحينا الى أم موسى ان أرضعيه فاذا خفت عليه فألقيه في اليم لا تخافي ولا تحزني إنا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين، فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين، وقالت امرأة فرعون قرت لي عين ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ..) القصص 7 _ 9 .. هناك أساطير في الهند وروما وبعض البلدان تبين أن هناك تشايها مع الأسطورية الأكدية القديمة وموضوعها إنقاذ طفل من بطش ملك جلاد كما في أسطورة جاءت في ملحمة ( مهابهارتا ) الهندية والتي حصلت قبل ثمانية قرون ق.م وتتحدث عن أن اله الشمس أحب ابنة الملك وتدعى أوبريت وأنجبا طفلا جميلا ولد متنطقا بالسلاح ولابسا قرطا ذهبيا وله عينا أسد وكتفا بقرة ولما خافت الأم من الفضيحة وضعته في سلة لا تتسرب اليها المياه وسلمته الى نهر ( أسفا ) فقاده التيار ورآه رجل كان يسير على الشاطىء مع زوجته فاجتذباه وتبنياه وأسمياه كارثا. وهناك أسطورة أخرى تدور حول رومولوس مؤسس مدينة روما حيث تقول أن اله الحرب مارس قد تزوج من سيلفيا ابنة الملك نوميتر الذي نفاه أخوه اموليوس وقتل ابنه واستولى على المُلك وحرّم على ابنة أخيه سيلفيا الزواج حتى لا يطالب أبناؤها بالملك. سيلفيا أنجبت طفلين من اله الحرب مارس وهما رومولوس وريموس وعندما علم الملك بالأمر جن جنونه وقرر أن يقتلهما لكن سيلفيا وضعتهما في سلة في نهر التايبر وأنقذتهما أنثى ذئب وحين شب الرجلان قام رومولوس بلقاء جده المنفي نوميتر وجهزا جيشا قضى على اموليوس واستولى رومولوس على الحكم. عند قراءة كل الأساطير والملاحم والقصص عبر التأريخ سيجد القارىء أن إلقاء سرجون الاكدي في نهر الفرات لإنقاذه هي الأقدم في التأريخ الأنساني، هذه القصة التي دونت على لوح طيني تسللت الى كل الشعوب والأديان بعد أن تمت إضافة وحذف البعض من أحداثها بما يتلاءم مع واقع تلك البلدان أو تضمينها الكثير النصائح والعبر والمواعظ الدينية.. |
المشـاهدات 16 تاريخ الإضافـة 11/02/2025 رقم المحتوى 59178 |
![](images/logo2.png)
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |