
![]() |
صراع العروش |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : في بغداد حيث تدور عجلة السياسة بلا رحمة وحيث تتبدل التحالفات كما تتبدل الفصول نشهد اليوم حلقة جديدة من مسلسل الصراع الذي لا ينتهي ، صراع لم يكن على الأرض ولا بالسلاح لكنه كان أكثر فتكًا لأن ساحة المعركة هذه المرة كانت القانون نفسه.كان الاتفاق داخل البرلمان قد بدا كأنه هدنة مؤقتة أشبه باتفاق ملوك متخاصمين على تقاسم الأرض بعد معركة طاحنة ، النواب الذين اعتادوا على التفاوض فوق حافة الهاوية توصلوا إلى صيغة تقاسم لا يمكن أن تستمر طويلًا قانون العفو العام للسنة ، قانون الأحوال الشخصية للشيعة ، وقانون عقارات الدولة للأكراد.وبدا وكأن الجميع قد حصل على ما يريد على الأقل في الظاهر لكن كما هو الحال دائمًا في بغداد لا شيء يسير كما هو متفق عليه تمامًا.لم تكد تمر أيام قليلة حتى هوت أولى الضربات على الاتفاق السياسي ، المحكمة الاتحادية أصدرت قرارها بإيقاف تنفيذ القوانين الثلاثة (قوانين السلة الواحدة) كان القرار مفاجئًا لكنه لم يكن مستغربًا فهذه المحكمة التي يُفترض أن تكون خارج اللعبة السياسية لطالما كانت لاعبًا غير معلن تتدخل حيث تشاء وتنسحب حيث تريد.البرلمان غاضب السنة يشعرون بالخيانة ، الشيعة يتصرفون وكأن الأمر لا يعنيهم ، هنا تدخل فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي أرسل إشارة واضحة نصها ( إن القانون يجب أن يطبق ) وبقرار شجاع وجه المحاكم بالإستمرار بالعمل بدا الأمر وكأنه إعلان مواجهة مباشرة مع المحكمة الاتحادية، وكأن الرجل يرفض أن يكون جزءًا من لعبة تعطيل القرارات البرلمانية ، فائق زيدان لم يكن مجرد قاضٍ ، بل كان جزءًا من منظومة تحاول الصمود وسط أمواج السياسة العاتية.لكن المشهد ليس بهذه البساطة فالقرار الذي أصدرته المحكمة الاتحادية لم يكن مجرد مسألة قانونية بحتة كان هناك من يرى أن إيقاف قانون العفو العام كان جزءاً من مناورات أكبر هدفها الحقيقي منع تمرير التفاهمات السياسية .نرجع قليلاً إلى الوراء فحينما واجهت الكتل السياسية “الانسداد السياسي” بدا واضحًا أن سياسيي السنة لن يقبلوا بأي رئيس حكومة دون ضمانات وكان قانون العفو العام أحد أهم هذه الضمانات ، اضطر سياسيي الشيعة حينها إلى الموافقة رغم أنهم كانوا يضمرون في أنفسهم نية المناورة لاحقًا. وعندما حان وقت تنفيذ الوعود تغيرت القواعد وتغيرت الأولويات.وأحتدم صراع السلطة والنفوذ والثأر السياسي.لكن وسط هذا الصراع أين يقف المواطن العراقي العادي؟ ذلك الذي استمع لأخبار تمرير القوانين بتفاؤل قبل أن يُصدم بإيقاف تنفيذها أين يقف ذلك السجين الذي كان ينتظر قانون العفو العام ليعود إلى عائلته، لكنه وجد نفسه عالقًا في لعبة قوى أكبر من أن يفهمها!!!بالإضافة إلى قانون الأحوال الشخصية الذي يمس المجتمع والعائلة العراقية بصورة مباشرة ،الجواب محبط منذ عقدين وسنتين من الزمن لم يرَ العراقيون الخير من هذه الطبقة السياسية كل شيء يُدار بحسابات المصالح الشخصية الضيقة ، وكل قرار يخضع لمعادلة الربح والخسارة بين الأطراف المتصارعة القانون الذي يُمرر اليوم قد يُلغى غدًا والحكم القضائي الذي يُنفذ في قضية قد يُعطل في قضية أخرى وفقًا لما تقتضيه اللعبة.ليس هناك نهاية واضحة لهذا الصراع. المحكمة الاتحادية لن تتراجع عن مراجعة القوانين ، ومجلس القضاء الأعلى لن يصمت. وبينما يستمر هذا الصراع، سيبقى البرلمان حلبة مفتوحة للمزيد من الصفقات والتفاهمات التي قد تُولد قوانين جديدة، وقد تقتل قوانين قديمة.لكن الحقيقة الوحيدة التي يعرفها الجميع هي أن السياسة في العراق ليست لعبة عادلة والقضاء لم يعد بعيدًا عن ساحتها حسب ما نعتقد . |
المشـاهدات 73 تاريخ الإضافـة 12/02/2025 رقم المحتوى 59239 |