
![]() |
تمثلات النقد الثقافي في الروائية الكركوكية النّسوية ,قراءة في نسق الهيمنة في رواية ( ابتسامة في دوامة الالم) للروائية مها عبد اللطيف علي |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
محمد كتوب المياحي – ذي قار لقد أشار الدّرس النقدي الأدبي في مفاصل عدّة لأهميّة وفاعليّة النسق الثقافي في نسيج النص وبناءه, ويرى أصحاب النقد الثقافي بأنّ هذا النقد قائم على مرتكز المخاتلة؛ فيتخذ من اللغة الفنية أنظمة ذات دلالات مؤسساتية معرفية مُمنهجة؛ وعليه وضمن هذا الطرح لابدّ من ربط النص بسياقاته الخارجية ( التأريخية, و الاجتماعية , و السويوكلوجية , و والثقافية...الخ), وهذا ما ذهب إليه (عبد الله غذامي), إذ يجد بأنّ النسق تُحدده الوظيفة على شريطة توفر الجمالية الجماهيرية , ومن الجدير بالإشارة يُعد ما تكتبه المرأة أدبياً تجسد لمفصلٍ لافتٍ في أطروحات هذا النقد, ومن جانب آخر أنّ مدينة كركوك العراقية تمتلك من الأقلام النّسوية ( سرداً , و شعراً ) مَنْ يُشار لها بالبنان. تأسيساً على ذلك جاءت هذه القراءة موسومة بـ(تمثّلات النقد الثقافي في الروائية الكركوكية النّسوية, قراءة في (نسق الهيمنة) لرواية ( ابتسامة في دوامة الالم) للروائية مها عبد اللطيف علي ) . فلو تصفّحنا هذه الرواية, لوجدنا أنّ الكاتبة حاولت جاهدة تمرير نسق مُصدّر للمتلقي كان يُشكّل هاجساً عند الكاتبة؛ بوصفه مشكلة اجتماعية ونفسية خطرة , وهو(نسق الهيمنة الذكورية) وما يترتب عليها من إشكالات مجتمعية, تمثل هذا التمرير عبر مستويين : الأول منها : سيميائية اسم الشخصية الذكورية أب الأسرة وأب الشخصية الرئيسة في النص (زهرة الأوركيد) , إذا ورد اسم الأب (سلطان) , يقول الراوي (سلطان , رجل ظالم وقاسي ولا يخاف الله وقام بتحطيم عائلته ...) , والمستوى الآخر : طبيعة الحدث وحواراته المرتبط بالشخصية (الذكر) , المتمثل بـ( الأب القاسي, و الزوج السلبي), ومما لا شك فيه التجربة الواسعة التي عاشتها صاحبة هذا النص هي من حفّزتها إلى كتابة الرواية بما تحمل من فكرة , ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الرواية الأولى البكر لها ؛ وقد أشارت المبدعة مها عبد اللطيف في مستهل النص عبر التعريف بنفسها , إذا ذكرت بأنّها ( ناشطة في حقوق المرأة والطفل) , وقد ذكرت في الورقة الأخيرة من الرواية ( قد يكون هنالك تشابه في الأحداث مع الواقع ... أم تجميل لواقع بعض القصص من هنا وهناك , وهي سيرة اجتماعية لزمن ما ولزمن آخر). أجهدت الروائية , بتناول الأنساق الاجتماعية بوساطة سرد أحداث عائلة تعاني القهر والاضطهاد من الأب بشكل منقطع النظير, ومن ثم تُكتشف الوظيفة النسقية للإشارة إلى هذه الظاهرة السلبية, المتمثلة بـ(بنسق الهيمنة الأبوية) القاسية على الأسرة , وهنا جسدت الكاتبة الرؤية التي طرحها (عبد الله غذامي) حول النص فيرى بأنّ ( النص نصاً جماهيرياً) بوساطة تأويل ما يكتبه المبدع, فما يُسرد في هذه الرواية رسالة تواصلية مضمرة , لم تصرح بها الكاتبة , بل نُقلت الدلالة من خلال طاقة اللغة السردية المتمظهر بأحداثها وحواراتها؛ وعليه نجد في العديد من المشاهد تتكرر دلالة (سلبية الأب) , تقول (زهرة الأوركيد) وهي تعاني مما مر بها من أحداث صعبة فلم تجد من ينصرها , تقول ( ثم هزمتني مواقف احتجت فيها إلى أبي , ونسيت أنّي يتيمة بوجود أبي ... لم تكن معي ولم أراك في حياتي ولا في نجاحاتي ولا في مستقبلي لدرجة تمنيت موتك...) , وفي نص آخر يصف السارد بيت الأسرة بالقلعة التي تدخلها الشرطة لتفتشها , فوجدت فيه غرفة لتعذيب العائلة , ففي نص تقول: (وقاموا في تفتيش القلعة بأكملها , ودخلوا غرفة التعذيب , فوجدوا فيها سلاسل من حديد وكلبشات وجميع وسائل التعذيب , وقاموا بسؤال السلطان ما هذه الغرفة , قال لهم أعذب بها أولادي) . ومن منطلق ما ذهب إليه (الغذامي) في النقد الثقافي , إنّ الدلالات النسقية هي الأصل النظري للكشف والتأويل – طبعاً- مع القول بوجود دلالات أخرى , هذه الأنساق الدلالية تلعب الدور الأكبر فيما يختبئ وراء النص؛ من هنا نجد هذا التعدد في رواية( ابتسامة في دوامة الالم), فسعت الروائية إلى توظيف الجانب النفسي للأنثى, فطرحت مشاهد و حوارات تحتوي على دلالات تُشير الى صفات الأنثى بوصفها كائناً الأكثر تحسساً من الذكر, فنجد أن زهرة الأوركيد تعاني نفسياً من هواجس الذكرى بعدما كبرت , ولا زالت مشاهد قسوة الأب وهيمنته الأبوية المتسلطة تلاحقها , تقول : ( كل البنات عدهم ذكريات جميلة مع آباءهم إلا أنا ذاكرتي كلها تعنيف و اهانة وكسر خاطر ما عندي شيء جميل أذكره) , ويستمر المنحى السويوكلوجي بالتمظهر في الرواية , وابراز شدة عاطفة البنت التي تحتاج الحنو والعطف؛ لأنّها كائن مرهف الحس, فترسم لنا الكاتبة صورة سردية عندما تكبر زهرة وتعمل في مجال طب النساء وتشاهد بعينيها معاناة الولاة , فما كان منها إلا أن تعيش حالات الوجع الذي تعانيها أمها عند انجابها لإخوتها , يقول السارد: ( وبكت من هول المنظر, وعندما رجعت للبيت عانقت أمها وهي تبكي , كيف تحملي هذا الوجع وأنت تنجبينا ), هذا نوع من الاحساس محاولة من الكاتبة لإيصال دلالات لمقدار تفاعل المرأة العاطفي من جزئيات الحياة موقفها الايجابي اتجاهها , لكن في الوقت ذاته ومع هذا الكم من العاطفة الأنثوية تصطدم بعملية ممارسة (الهيمنة الذكورية وسلطتها) اتجاها ؛ بوصفها نظام ثقافة مجتمع المؤسسة المتوارث كثقافة وتراث , هذا هو النسق المضمر الذي سعن الكاتبة (مها ) رسمه للمتلقي كفرة نص سردي يُجسد (نظرية الفن من أجل الحياة) . هذه الرواية شكلت مبدأ ما يعرف ما وراء جمالية النص , وهو طرح نسق ثقافي لمنتج موضوع الاصرار وكسر قيد الهيمنة الظالمة بكافة أشكالها ضمن منظومة الحياة المعيشة, وبما يرتبط بالمرأة العراقية , ومن هنا يمكن القول أنّ الكاتبة نجحت في تقديم فكرة لافتة اجتماعياً , وهي (هيمنة الرجل) السلبي , ورسم صورة لكفاح المهمش(الأنثى) في مجتمعات يسوها السلطة الذكورية. |
المشـاهدات 27 تاريخ الإضافـة 22/02/2025 رقم المحتوى 59586 |