الثلاثاء 2025/7/15 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 36.53 مئويـة
نيوز بار
وانتهت الحفلة التنكريّة
وانتهت الحفلة التنكريّة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. رائد الشرقي
النـص :

كانت ثورة تشرين العظيمة زلزالًا اجتاح عروش الفاسدين، حيث خرج الشباب إلى الساحات يهتفون بالوطن والكرامة، مطالبين بوطن حر من سلطة اللصوص والمتاجرين بدماء الأبرياء. كانت لحظة فارقة في تاريخ العراق، حين انتفض الشعب ضد الطبقة السياسية التي امتصت خيراته وجعلته غارقًا في الفقر والفساد.لكن كما هي العادة في كل ثورة، لم يكن جميع من انخرطوا فيها صادقين بنواياهم، ولم تكن الرايات التي رُفعت جميعها بيضاء نقية. كان بين الثوار من يحمل قضية، وكان بينهم أيضًا من لبس قناع الوطنية ليغطي على تاريخه الأسود. أفرادٌ وجدوا في الثورة فرصة لغسل ماضيهم الأغبر ، فاندسّوا بين الأحرار ورفعوا مجبرين شعارات لا يؤمنون بها، فقط ليخفوا جرائمهم السابقة، أو ليكسبوا موطئ قدم في المشهد الجديد الذي ظنوا أنه قادم لا محالة.هؤلاء الذين ظهروا كمناضلين، عندما تدقق في سيرهم الذاتية تجد أن أغلبهم مطلوبين للعدالة، إما بجرائم جنائية أو بقضايا مخلة بالشرف، ولكنهم تمكنوا من تحويل الثورة إلى ستار يحجب حقيقتهم المظلمة . كانوا أكثر ضجيجًا، ويحاولون النيل والتقسيط بالشرفاء ، وكانوا أكثر تشددًا في ادعاء الوطنية، حتى صدّقهم البعض، أو تغاضى عن حقيقتهم بحجة وحدة الصف.وبعد أن هدأت العاصفة، وانتهت الحفلة التنكرية، سقطت الأقنعة. ظهر أولئك الذين ادعوا الطهارة وهم يعقدون الصفقات مع الأحزاب الفاسدة التي خرجوا ضدها بالأمس، يمدّون أيديهم إلى ذات القتلة الذين تظاهروا بإسقاطهم، ويتقاسمون معهم الغنائم. هؤلاء الذين صرخوا “نريد وطنًا” عادوا ليبيعوا الوطن بأثمان بخسة، ليحصلوا على مناصب أو مكاسب شخصية، غير آبهين بدماء الشهداء الطاهرة التي سالت في الساحات دفاعاً عن وطن حر وعيش كريم .لقد كانت ثورة تشرين محطة فرز حقيقية، ميزت بين الأحرار والمأجورين، بين أصحاب القضية والباحثين عن مكاسب. أما من بقي صامدًا على مبادئه، فقد دفع الثمن غاليًا، بالدم أو بالنفي أو بالتهميش، بينما تصدّر المشهد أولئك الذين جعلوا من الثورة جسراً للعبور إلى مواقع السلطة والمال.لكن الحقيقة لا تموت، والذاكرة لا تُمحى. فكما انتهت الحفلة التنكرية وسقطت الأقنعة، سيأتي يوم يُحاسب فيه الشعب كل من تلاعب بمصيره، وسيدرك الجميع من كان ثائرًا حقيقيًا، ومن كان مجرد مهرجٍ في مسرحية الثورة.

 

المشـاهدات 156   تاريخ الإضافـة 25/02/2025   رقم المحتوى 59814
أضف تقييـم
أخبار مشـابهة
سقطتْ وانتهتْ