
![]() |
على ورق الورد قدرات الفنان ...والممكنات الفنية |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
تعمل النصوص المكتوبة للمسرح أو للتلفزيون أو للسينما , على رسم شخصيّات لها أبعادها النفسيّة والاجتماعية والثقافية التي يريدها المؤلف , كي تساهم في إثراء تنامي نسيج الفعل الدرامي المتألف من مجموعة أحداث تبنى داخل إطار القصة أو الموضوع الخاص بالعمل المكتوب , وهذه الشخصيّات التي تنطلق من ذهن المؤلف كرؤية مبتكرة من المؤكد أن لها تقابلات في الواقع المعاش , تتم قراءتها من قبل المخرج , الذي يجسّم صورة كلّ شخصيّة ويضع لها الملامح المناسبة كي يختار الممثلين والممثلات القادرين على إملاء هذه الشخصيّات والتعبير عنها من خلال أداءٍ يتناسب وروح العمل وطاقة كلّ شخصية على المساهمة في بناء الفعل الدراميّ المجسّد فنيا .
وربما تختلف في بعض الأحيان رؤية المؤلف عن رؤية المخرج , لذلك نلاحظ في بعض المسلسلات , وعند انتهاء عرضها يطلّ علينا أحد المؤلفين ليقول , لقد قام المخرج الفلاني بتشويه ملامح المسلسل الذي كتبته , والواقع أن الأمر ليس تشويها مقصودا من قبل المخرج بل هو محاولة قراءة النص برؤية مختلفة عن رؤية المؤلف , وبذلك تحدث المفارقة , والتقاطع , والتشويه الذي يراه المؤلف , بينما لا يدركه المشاهد ولا يعرف عنه شيئا , لأنه أمر في غاية الخصوصيّة .
إن أداء الأدوار وتجسيد الشخصية في الدراما التلفزيونية , أو حتى في السينما والمسرح , يعتمد أولا على الاحساس بالشخصية المناطة للمثل , وهنا يجب أن يكون المخرج لماحا بارعا مبدعا , ليسند الأدوار لمن يتناسب معها من الممثلين وأن لا يبتعد عن الخطوط العامة للشخصية المرسومة من قبل المؤلف ودورها المنسوج ضمن نسق الأحداث , وإذا وقع الاختيار على الممثل أو الممثلة في أ داء دور معيّن , فإن عليه أن يعي وجوه الشخصية كافة , وأن يتقمّص الشخصيّة ويعيش تحولاتها الداخلية والخارجية , وأن يبدع في أدائه كي يحقق المطلوب منه في سياق الأحداث وتناميها وتصاعدها , وهذا الأمر يعتمد على موهبة الممثل وخبرته وثقافته واستعداده لتجسيد الدور المناسب لذاته وشخصيته , وأحيانا يسند لممثل معيّن دور ٌ غريب عن سياق تجربته , وهنا عليه أن يتحدى ويبدع ويبتكر لتقديم الأداء المقنع في دوره ذي الرؤية والفضاء الجديدين .
مناسبة حديثنا عن موضوعة الدور المكتوب والأداء المطلوب , هو حلول شهر رمضان المبارك , وهطول عدد كبير من المواد الدرامية التي أعد لها منذ مدة طويلة حتى صارت جاهزة للعرض , وأننا لا حظنا من خلال مشاهدة دراما الأعوام الماضية أن بعض الممثلين يؤدون أكثر من دور في وقت واحد , وفي أعمال درامية مختلفة , ففي مسلسل ما يظهر الممثل بشخصية شاب أنيق له حضوره الاجتماعي الباذخ الجذاب , في حين يظهر في مسلسل آخر , يعرض في قناة فضائية أخرى , وهو شاب فقير ضائع مشرّد يعيش مشاكل معقدة , وهكذا تضيع الرؤية على الكثير من المشاهدين وربما ترتبك صورة هذا الممثل في أذهانهم , عندها تؤثر هذه النظرة المزدوجة على رصد الحدث ومسار الحكاية , فيحدث القطع الذي يفقد هاجس المتعة لدى المشاهد .
أنا لست ُ ضد فكرة التنوّع لدى الممثل , ومع أدائه شخصيات متعددة , وأن لا يكتفي بنمط واحد , ولكنني لا أدعو لذلك حين تتداخل الشخصيات في وقت وحد , أن يرتدي الممثل أقنعة عدة في نفس الوقت , لأن ذلك سيؤثر حتما على عمق أدائه وكذلك على طبيعة إحساسه بالدور المرسوم له .
نتمنى من فنانينا جميعا أن يقدموا المزيد من العطاء الابداعي المتميز , وأن لا يكون هاجس المبدع متماشيا مع رغبة القنوات الفضائية وسعيها لسيول رمضان الدرامية كلّ عام , بل أن يتوزع الجهد على شهور السنة كلّها حتى لا يكون متعجلا سريعا يؤثر على قيمة العمل وقيمة الممثل , مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق .
|
المشـاهدات 73 تاريخ الإضافـة 02/03/2025 رقم المحتوى 60034 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |