
![]() |
في الهواء الطلق الحرج الحكومي والحنكة السياسية |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
من المعروف في السياسة او ما يعرف بفن الممكن ان لا قواعد اساسية ثابتة في العلاقات بين الدول وان المشتركات بينها مهما بلغت وحتى لو كانت استراتيجية فهي علاقات قابلة للمتغيرات ، وقد تنقلب بعض المعادلات بتغير الظروف السياسية لهذا المتحالف او ذاك ومثال ذلك العلاقات الامريكية ـ الاوكرانية ومقاطع الفيديو الخاصة بلقاء ترامب ـ زيلينسكي الذي تعرض فيه الاخير الى اساءات متعددة وبان المتفضل الامريكي وهو يتبجح بعطايا امريكا وتجهيزاتها العسكرية لاوكرانية ولولاها لكانت سقطت باسبوعين امام الجيش الروسي رغم ان المساعدات الامريكية ليست هبة. نفس الحال لكن بوتيرة اقل بكثير حاول ترامب ان ينال من الرئيس الفرنسي ماكرون لكن الاخير قاطع ترامب ورده بحزم ان الخدمات المقدمة لفرنسا مدفوعة الثمن وهي ليست مساعدات امريكية . هذان الموقفان بين دول اوربية غربية متحالفة بدت مفاهيم العلاقة بينهما تتغير بمجرد تغير الرئيس الامريكي الذي حول (ظاهريا) الموقف الامريكي ـ الروسي لصالح روسيا ، فكيف الحال بالنسبة للعلاقات العربية ـ الغربية وتحديداً الامريكية ـ العربية؟ وبالرغم من صعوبة الكشف عن ما يخبئه ترامب لمنطقة الشرق الاوسط والدول العربية والعراق تحديداً الا ان بالامكان قراءة الخطوط العريضة التي يعلنها الرجل من دون حياء او مواربة فهو يذكرنا بزمن الاشقيائية والاتاوات لكن بحجم اكبر واوسع بكثيرومن الواضح ان الرجل ليس لديه محاذير ومعايير وتعاهدات واتفاقيات تلزمه وان لديه الاستطاعة على ان يغير السياسات الامريكية من اليسار الى اليمين ولا يوجد امامه رادع لتحقيق ما يطمح اليه بصرف النظر عن خسائر الجهة المقابلة لذلك ولاسباب اخرى استوجب على العراق ان يكون اكثر حذراً وحنكة وذكاء في التعامل مع سياسة ترامب ، وربما ستكون المرحلة المقبلة اكثر صعوبة وحساسية لوقوع الحكومة العراقية في حرج بين ما تفرضه السياسة الامريكية بحكم وصايتها على البلد سواء قبلنا بذلك ام لم نقبل ـ قد تكون وصاية اقتصادية اكثر من غيرها ـ وبين ما يتعارض مع مصالح الجوار والعلاقات المشتركة العربية وغير العربية ومع ما يتعارض مع موقف العراق من القضية الفلسطينية والاحتلال الصهيوني وغيرها من الملفات الضاغطة على العراق وحكومته. وقد نبه المفكر عزيز السيد جاسم في كتابه تأملات في الحضارة والاغتراب الصادر عن دار الشؤون الثقافية ببغداد عام 1985 الى ان من الواضح ان سبل الالتفاف على الاستقلال الوطني عديدة جداً ، ليس اقلها غزو الحضارة اللامنهجي للبلدان التي لا تزال تعاني من وطأة الديون الامبريالية ، ولم تصبح رموز الحكم اكثر من بيادق مسيرة بيد الهيئات السياسية للدول الامبريالية ، والبنك الدولي وغير ذلك من المؤسسات الدولية الفعالة. وهذا يذكرنا بما يمر به العراق قبل وبعد مرحلة احتلال 2003 لكن بطرق مختلف ، ومثلما كانت الدول الاستعمارية تنهب الدول المستضعفة ، وتسرق خيراتها المادية ، وتورطها معها في حروبها الاستعمارية (كما حصل في الحربين العالميتين) فان الدول الامبريالية تشد الدول المستقلة برباط الاستعمار الجديد شداً اكثر خطورة من الرباط الاستعماري التقليدي وتزجها في معاهدات ، او في حروب اقليمية لا مصلحة لها فيها. وتحرص الدولة الامبريالية على تشجيع عناصر التطور المشبوه للبلدان المشدودة الوثائق بها ، من خلال تعزيز التبعية الاقتصادية والسياسية ، التي ترافقها تبعية حضارية شكلية ، اي تبعية الفضلات الحضارية لا غير. وهو ما يجب التركيز عليه (تبعية الفضلات الحضارية) والتطور المشبوه. |
المشـاهدات 96 تاريخ الإضافـة 04/03/2025 رقم المحتوى 60045 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |