الإثنين 2025/3/10 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 20.95 مئويـة
نيوز بار
حين تتعثر الاساطير إينانا ..سردية الحلم والخراب!!
حين تتعثر الاساطير إينانا ..سردية الحلم والخراب!!
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

 اشارة معرفية/شوقي كريم حسن

 

رواية “إينانا” للكاتب سالم الزيدي تمثل مزيجًا فنيًا يعكس قدرة الكاتب على دمج الأسطورة بالواقع السياسي. من خلال هذه الرواية، يقدم الزيدي صورة مركبة من النضال السياسي في سياق إنساني عميق، حيث تتلاقى الرؤى الأسطورية مع التوترات الاجتماعية والسياسية التي تحدد مصير الفرد في المجتمع.بطل الرواية، مخلص، يمثل نموذجًا للإنسان الممزق بين الصراع الداخلي والخارجي. فهو ليس مجرد شخصية ضحية، بل هو مرآة للواقع الذي يعيش فيه، بين الإقدام والإحجام، والشجاعة والخوف، وهو في الوقت ذاته تمثل تفاعل الفرد مع الأزمات الاجتماعية والسياسية. شخصية مخلص ليست ثابتة بل هي متحركة في جميع أبعادها، مما يضيف عمقًا إنسانيًا لرواية تلامس الوجدان.يُظهر الزيدي في عمله هذا كيف يمكن للأدب أن يكون أداة فاعلة في معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية. في “إينانا”، يتداخل الأدب مع السياسة بشكل غير تقليدي، حيث تصبح الرواية مرآة لحالة الوعي الفكري والسياسي في المجتمع العربي. الكاتب ينجح في تقديم الشخصية الروائية كرمزٍ لتضحيات الإنسان في سبيل العدالة في ظل ظروف سياسية معقدة. مع أن مخلص يعيش في صراع دائم، إلا أن شخصيته تقدم صورة واضحة للقارئ عن التوترات التي تكتنف الفرد بين الطموح والألم.تأخذ الرواية بعدًا آخر عندما تربط بين الأسطورة والواقع، حيث لا تُقدّم “إينانا” فقط بوصفها شخصية أسطورية، بل هي تمثل أيضًا صراع الإنسان مع القوى القمعية التي تعوق تطوره. من خلال المزج بين الرمزية والتاريخ، يخلق الزيدي نسيجًا سرديًا فريدًا، يربط بين الماضي والحاضر، وتصبح الرواية بمثابة دعوة للتفكير في واقعنا السياسي والاجتماعي الراهن.، تمثل “إينانا” دراسة عميقة في العلاقة بين الأدب والسياسة. من خلال الأسطورة التي يعيد الزيدي خلقها ضمن سياق معاصر، يحاول الكاتب أن يُجسد معاناة الفرد في مواجهة الأنظمة القمعية. عمل الزيدي لا يُعتبر مجرد رواية بل هو رؤية فنية تجسد الصراع بين القيم الإنسانية في عالمٍ معقد، مما يجعله إسهامًا مهمًا في الأدب العربي المعاصر. تكمن أهمية رواية “إينانا” في قدرتها على المزج بين الأسطورة والواقع في إطار سردي ينبض بالحياة ويعكس معاناة الإنسان في مواجهة الظروف المتغيرة. من خلال شخصية مخلص، يسلط الزيدي الضوء على ملامح الصراع الفردي والجماعي، ما يعكس صورة واضحة للعلاقة بين الفرد والمجتمع في سياق اجتماعي وسياسي معقد. الشخصية التي يقدمها الزيدي ليست مجرد تمثيل للأفكار العليا عن العدالة والمساواة، بل هي تمثل الإنسان في صراعه اليومي مع قوى أكبر منه، سواء كانت سياسية أو اجتماعية.الحبكة التي يعتمدها الزيدي تعتمد على التفاعل بين الواقع الأسطوري والواقع المعاش. هذه الأسطورة ليست مجرد خلفية عاطفية، بل هي عنصر حيوي يمكّن الشخصية من فهم محيطها ومواجهته. في سعيه لتقديم مخلص كرمز للإنسان في مواجهة الظلم، ينجح الزيدي في تبسيط المفاهيم العميقة عن الكرامة والحرية في إطار سردي ممتع، يستهلك القارئ وينقله من عالم إلى آخر. ولكن لا يقتصر دور الأسطورة على البعد الرمزي فحسب، بل هي تقود الأحداث في سياقٍ يضيف للمجتمع السياسي والاجتماعي رؤى جديدة.إن “إينانا” ليست مجرد قصة عن النضال السياسي، بل هي دعوة لفهم أعمق لآلام الفرد والمجتمع. من خلال تسليط الضوء على مفهوم العدالة المفقودة، يثير الزيدي تساؤلات حول دور الإنسان في بناء أو هدم ما حوله. كما أن استخدامه للرمزية يفتح المجال أمام العديد من التفسيرات والتأويلات التي تظل حية في ذهن القارئ، ما يعزز من قيمة الرواية كعمل أدبي فني ذي دلالات سياسية وفكرية كبيرة.، تبقى “إينانا” علامة فارقة في الأدب العربي المعاصر. الزيدي لا يكتفي بالاستناد إلى التراث الأسطوري، بل يعيد تشكيله ليخدم غرضًا سياسيًا وفكريًا واضحًا، حيث تُصبح الأسطورة والأحداث التاريخية أدوات لفهم معاناة الإنسان في الحاضر. بتقديمه لهذه الرواية، يثبت الزيدي أن الأدب قادر على التعبير عن الواقع السياسي والإنساني بشكل يجمع بين العمق الفني والإبداعي، مما يجعل عمله قيمة فكرية لا تُقدر بثمن. في هذا السياق، يتجاوز الزيدي في روايته “إينانا” مفهوم الرواية التقليدية ليخلق نصًا يعكس حركة تاريخية وفكرية في مجتمعاتنا. تكمن خصوصية روايته في قدرتها على التفوق على سطحية السرديات المباشرة، مُظهرةً لنا الصراعات الداخلية للشخصية التي تمر عبر آلامٍ متعددة وتواجه خيارات متناقضة. مخلص، بطل الرواية، هو تعبير عن الشخص الذي يعيش في ظل السلطة الجائرة، حيث يتم تمثيل الاغتراب السياسي والاجتماعي على مستويين: الأول على المستوى الشخصي، من خلال الوجود المكبل بالقيود والألم؛ والثاني على المستوى الجماعي، عبر تجسيد القهر الذي يعانيه المجتمع ككل.من خلال الأسطورة، تُتيح الرواية للقراء إمكانية فهم الواقع السياسي بشكل غير مباشر، حيث يُعاد بناء الرمزية بطريقة تجعل من الصراع بين مخلص وعالمه، صراعًا بين الفرد وواقعه المرير، وبين القوة التي تُمثلها السلطة. هذه الرمزية تشكل وسيلة تعبير قوية تتيح للزيدي استكشاف الموضوعات الكبرى مثل الحرية والعدالة، ومن ثم، تبني من خلالها أفقًا للتأمل في حال الشعوب المقهورة.لكن الرواية ليست متشائمة، بل تقدم فرصة للتجدد والتغيير من خلال نضال بطلها. فمخلص على الرغم من الإحباط الذي يعتريه في مراحل عدة من الرواية، فإنه يمتلك القدرة على الفهم العميق لذاته، ومن خلال هذا الفهم تتشكل رؤيته للحرية، حتى وإن كانت هذه الرؤية غامضة أو متناقضة أحيانًا. إن هذه المعضلة النفسية تعكس الصراع المستمر بين الأمل واليأس، و بين التغيير والتكيف.المفارقة الكبرى التي يقدمها الزيدي هي أن مخلص لا يسعى فقط لتحقيق العدالة على المستوى السياسي، بل على مستوى النفس الإنسانية، ليُبرز بذلك البُعد الفلسفي العميق في الرواية. فالشخصية، في معاناتها، تطرح الأسئلة الوجودية الكبرى حول المعنى والمصير والحرية، وتعكس بشكل رمزي رحلة الإنسان في مواجهة القوى التي تتحكم

المشـاهدات 33   تاريخ الإضافـة 07/03/2025   رقم المحتوى 60218
أضف تقييـم