النـص : مرت قبل أيام مناسبة عيد المرأة، ومن ثم عيد الأم.. واحتفل العراقيون جميعا بهاتين المناسبتين تكريما لهذه الانسانة الرائعة التي تعتبر (مدرسة) إذا ما أعدت اعداداً سليماً وصحيحا، وهي التي منحها الإسلام أشرف منزلة وأعظم صفة حين جعل الجنة تحت أقدامها وهي التي تشكل نصف المجتمع الذي يعني الكفاءة والعمل وبناء الأسرة الكريمة... ولكن.. تعالوا نتحدث عما تعانيه الأرامل والمطلقات والعاطلات منهن وعلى المكشوف، وعن بعض المشاهد المأساوية والمحزنة التي راحت تتكرر أمام أعيننا كل يوم منذ بدء الاحتلال والسقوط عام 2003 وحتى اليوم، وتحدق مليا في واحد من هذه المشاهد التي تمارس فيها هذه الشرائح من النساء عملا غير الذي جبلت عليه في البيت أو في حقول الانتاج بعد أن بقيت مهمشة وبعيدة عن الرعاية والاهتمام. لقد أصبحت آلاف النسوة في زمن العولمة والديمقراطية الجديدة الوافدة والربيع الذي لا نكهة فيه يمارسن اعمالاً لا تليق بهن من أجل أن يوفرن لقمة العيش الصغار من.. فهناك من تشحذ وتخدم في بيوت المترفين والميسورين وهناك من تبيع علب المناديل الورقية وقطع الحلوى في تقاطعات الشوارع وفي زحام السيطرات وغيرها من الممارسات التي لا تليق بها مطلقا .. وليس هذا فحسب، فهناك من استوطنت محطات تجمع القمامة وتربعت بين ركام الانقاض والنفايات لتملأ عبوات الصفيح المستهلكة بالتراب لتبني بها عشا صغيراً في المساحات العشوائية التي شوهت تصاميم الأحياء السكنية في معظم المدن العراقية بعد أن فقدت معيلها بواحدة من العمليات الارهابية وترك لها يتامى بلا مردود ولا ماوی! معظم الأمهات في بلدي اليوم يجبن في الشوارع ويمارسن اعمالا شاقة وبعضها مذلة ومهيئة .. فهل من العدالة والانصاف أن يغمض القائمون بشؤون هذا البلد عيونهم وهم ينعمون بخيراته ويمتصون اثداء خزانته وموازنته عن هذه المخلوقة الحنونة والعطوفة لتنتهي بهذه النهاية دون أن تجني سوى الوعود والتصريحات الرنانة والقرارات التي لم تترجم إلى حقيقة على أرض الواقع.. هذه الأم التي جعل الله سبحانه وتعالى الجنة بكل سعتها وجمالها وروعة خلقها تحت القدامها إجلالاً وتقدير المنزلتها، أصبحت مجرد شبح أسود) يجوب في الشوارع ومحطات تجميع القمامة بحثا عن لقمة العيش والمأوى .. أنها محنة هذا الزمن الكتيب!
|