النـص :
مهنة الطب مهنة إنسانية تتطلب أن يتحلى الطبيب ومع يعمل معه بأعلى درجات الإنسانية والرحمة والطيبة والتواضع والتعامل الحسن مع المريض ، فلا ينكر تأثير تلك الأمور على نفسية المريض وتعجل من شفائه من المرض، لذلك نجد أن المستشفيات الكبرى تراعي هذه الأمور، فعملية اختيار الأطباء والممرضين والفنيين والعاملين فيها تتم على أسس معينة لا تقتصر على توافر الكفاءة والخبرة العلمية والفنية في هؤلاء للعمل في هذه المستشفيات، وإنما ينبغي أن تتوفر فيهم شروطاً أخرى تتمثل بأن يكونوا ممن يجدون فن التعامل مع المرضى والمراجعين، من حيث الاستقبال الحسن وبشاشة الوجه وطلاقة المحيا والابتسامة اللطيفة في وجه المراجع والمريض، وسكرتير الطبيب في العيادات الخاصة هو واجهة العيادة والطبيب، وحلقة الوصل بينه وبين المرضى والمراجعين فلا بد أن يتحلى بالصفات المذكورة أعلاه، فالاهتمام بالمريض من خلال استقباله ومساعدته والتعامل معه، وتحديد وقت دخوله للطبيب، وجدولة مواعيد المرضى، واستقبال المكالمات الهاتفية والرد عليها، وتسجيل طلبات المرضى للحصول على مواعيد، وإعداد جداول المواعيد وتنظيمها، وفتح ملفات طبية جديدة للمرضى، وتسجيل المعلومات الطبية للمرضى في ملفاتهم، وارشفة تلك الملفات وضمان سريتها هي من صميم واجبات سكرتير الطبيب، لكل هذا لا بد أن يتحلى هذا السكرتير بمؤهلات علمية وصفات أخلاقية تمكنه من تأدية عمله بتسهيل عمليات استقبال المرضى والترحيب بهم من خلال ترحيب حار، وإيماءات جسدية مناسبة عند وصول المرضى، والتأكد من توفير بيئة مريحة وودية في منطقة الاستقبال، ومراعاة التنوع والاختلاف بين المرضى، فالسكرتير يتعامل مع مرضى من خلفيات ثقافية وشخصية متنوعة، ففيهم المتعلم والأمي، العصبي وغير ذلك، كبير السن والشاب، الرجل والأنثى وكل هذا يتطلب من السكرتير إجادة فن التعامل مع كل هؤلاء، والتحلي بالصبر وتحمل ضغط العمل والتوتر، أما أن يتعالى سكرتير الطبيب ويتكبر على المراجع، ويرفع خشمه كما يقال بالعامية على المريض والمراجع فهذا أمر غير مقبول، وللأسف الشديد هذا ما يمكن ملاحظته خلال المراجعات للعيادات الخاصة لكثير من الأطباء، وهذا ما يتحدث به المرضى ويعانون منه، حيث نجد أن أغلب سكرتارية الأطباء في كثير من هذه العيادات لا يجيدون فن التعامل مع المرضى والمراجعين، وإنما يتعاملون معهم بعنجهية وتكبر وتعالي، فترى السكرتير يرفع خشمه على المريض والمراجع فلا يتورع عن مخاطبة المريض بأسلوب غير لائق، فضلاً عن ذلك نجد الكثير منهم من يتعامل مع المرضى والمراجعين على أساس المحسوبية أو العلاقات أو الصداقات أو على ما يأخذه من إكرامية من المريض أو ذويه وعلى هذا يتلاعب بأوقات ومواعيد دخول المرضى على الأطباء، فيؤخر مواعيد دخول البعض ويقدم آخرين على أساس الاعتبارات المتقدمة دون مراعاة الأسبقية في الحجز أو الحضور على حسب نظام العيادة الخاصة أو مراعاة الحالات الحرجة أو الاضطرارية، وفي هذا مخالفة للحق والعدل والانصاف وإضرار بسمعة العيادة والطبيب، فهذه التصرفات وغيرها قد تسبب بلا شك نفور المراجع والمريض من هذه العيادة أو تلك، وهذا كله يرجع إلى سوء اختيار السكرتير، فالأطباء عندنا وخصوصاً في العراق يختارون السكرتير بطريقة مزاجية فتراه يعين السكرتير عنده لأنه من أقربائه أو جيرانه حتى وإن كان هذا الشخص شبه أمي، ودون مراعاة مؤهلات وكفاءات وصفات المفروض أن تتوفر في من يتولى هذا العمل، كأن يحمل شهادة في العلاقات العامة أو الإدارة، وأن يتحلى بالذكاء، والأخلاق الحسنة، ويجيد فن التعامل مع الآخرين؛ وهذا ما تعمل به كل المستشفيات والمؤسسات والعيادات الطبية في العالم؛ وذلك لأن السكرتير يتعامل مع فئة المرضى الذي يحضر الكثير منهم إلى المستشفى أو العيادة الخاصة وهو يعاني من آلام واوجاع تجعله عصبي ومتوتر مما يتطلب من السكرتير أن يكون على درجة كبيرة من الوعي والدراية والثقافة والانضباط كون التعامل مع هؤلاء المرضى يتطلب نوعاً من الصبر والتحمل والرعاية والمساعدة، لذا يجب على كل طبيب أن يُحسن اختياره سكرتيره فيختار من يجيد فن التعامل مع المراجعين، وأن يتحلى ببشاشة الوجه، وحسن المنطق، والقدرة على التحمل والصبر على المرضى والمراجعين الذين تختلف كما قلنا درجات ثقافاتهم ومؤهلاتهم وشخصياتهم، فالكفاءة، والأخلاق الفاضلة، وحسن التعامل مع الآخرين ينبغي أن تكون من أهم شروط العمل فيمن يتولى وظيفة سكرتير الطبيب، وهناك مثل من تراث أحد الشعوب يقول: "إن كنت لا تجيد الابتسامة فلا تفتح متجراً"، لذا أقول للطبيب إن كنت لا تُحسن اختيار من يكون حلقة الوصل بينك وبين المرضى فلا تفتح عيادة!!
|