
![]() |
الانتقائية في الخطاب السياسي والإعلامي: استهداف الإطار التنسيقي إنموذجاً |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
كاتب وسياسي مستقل
في المشهد السياسي العراقي، لا يخفى على أحد أن هناك حملة إعلامية منظمة تستهدف الإطار التنسيقي دون غيره، وكأن القوى السياسية الأخرى بريئة من أي مسؤولية، أو كأن المشهد السياسي يختزل في طرف واحد فقط. هذا الأسلوب الانتقائي ليس جديداً، لكنه بلغ في الآونة الأخيرة حدوداً غير مسبوقة، حيث أصبح بعض الإعلاميين والسياسيين يمارسون التحريض العلني ضد قوى الإطار، متناسين أن الجميع شريك في السلطة وصناعة القرار.
شيطنة طرف وتقديس آخر: ازدواجية مكشوفة
المثير في الأمر أن هذه الحملات تقدم قوى الإطار وكأنها المشكلة الوحيدة في العراق، بينما تصمت تماماً عن أخطاء وإخفاقات القوى الأخرى، سواء كانت الكردية أو السنية أو حتى بعض القوى الشيعية الأخرى. وكأن هذه القوى منزّهة عن الفشل، بينما الإطار وحده يتحمل إرثاً طويلاً من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية.هذا الخطاب الموجه لا يخدم الحقيقة، بل يخدم أجندات محددة، سواء كانت داخلية تسعى لإعادة تشكيل المشهد السياسي وفق مصالحها، أو خارجية تريد إضعاف جهة سياسية معينة لحساب قوى أخرى.
الإعلام الموجّه.. أداة لضرب التوازنات
لا يمكن إنكار أن للإطار التنسيقي أخطاءه، فهو كيان سياسي يحمل مسؤولية إدارة البلاد مع شركائه، لكن لماذا يتم التركيز فقط على هذه الأخطاء، بينما يتم التغطية على غيره؟لماذا لا يتم تسليط الضوء على الفساد في بعض الأحزاب الكردية، أو الصفقات المشبوهة لبعض الشخصيات السنية، أو حتى الملفات السوداء لقوى أخرى داخل البيت الشيعي نفسه؟الإعلاميون الذين يفترض أن يكونوا صوت الحقيقة، أصبح بعضهم أدوات في حملات التسقيط السياسي، يروجون لنظرية أن العراق سيصبح “جنة” بمجرد إزاحة الإطار، وكأن المشاكل التي يعانيها البلد ستنتهي بسحرٍ غريب لو خرج هذا الطرف من المشهد!ومن أكثر الملاحظات المثيرة للدهشة هي التركيز الإعلامي على مجيء مصطفى الكاظمي إلى بغداد, الذي تم تقديمه كـ “المنقذ” و”البديل” الذي سيتخلص من فشل الأحزاب التقليدية، ومن بينها الإطار التنسيقي. كان تصوير الكاظمي بهذه الهالة الإعلامية يعكس صورة مثالية لرجل الدولة الذي يملك الحلول السحرية، في حين يتم تجاهل الحقيقة المتمثلة في أن حكومته من أسوء الحكومات التي مرت على تاريخ العراق, لانها خلفت المزيد من التحديات والأزمات، بل أنها كانت جزءاً من المعادلة السياسية التي شملت القوى الأخرى. هذا التضخيم والتسويق الإعلامي للكاظمي كمخلص او بديل يشير إلى أن هناك نية خفية لخلق تصور غير واقعي عن الحلول، او تسقيط سياسي مقصود ضد طرف معين على حساب آخر.
هل المطلوب إسقاط الإطار أم إعادة التوازنات؟
السؤال الحقيقي الذي يجب طرحه: هل هذه الحملات تهدف حقاً إلى الإصلاح، أم أنها مجرد أدوات لإعادة ترتيب السلطة وفق مصالح جهات معينة؟لو كان الهدف هو تصحيح المسار السياسي، لكان النقد موجهاً للجميع دون استثناء، لكن الواقع يقول إن هناك أجندة واضحة لضرب الإطار وإضعافه، دون المساس بغيره.وهذا يعني أن القضية ليست محاربة الفشل أو الفساد، وإنما إزاحة طرف سياسي محدد لصالح آخر، ربما يكون بنفس العيوب والأخطاء، لكنه أكثر قبولاً لدى أصحاب هذه الحملات الإعلامية.اخيراً: قد تنجح هذه الحملات المغرضة في التأثير على بعض الشرائح، لكنها لن تغيّر الحقيقة: العراق يدار من قبل منظومة سياسية متكاملة، والجميع يتحمل المسؤولية، وليس طرفاً واحداً فقط.أما الشعب العراقي، فقد أصبح أكثر وعياً بهذه الألاعيب، ولم يعد من السهل خداعه بشعارات براقة، فالواقع أثبت أن التغيير الحقيقي لا يأتي عبر تصفية الحسابات السياسية، بل من خلال إصلاح حقيقي يشمل الجميع بلا استثناء.وإلى أولئك الذين يحاولون رسم صورة ملائكية للبعض وشيطانية للبعض الآخر، نقول: الشعب يرى، والتاريخ لا ينسى، ولن يستطيع الإعلام الموجّه طمس الحقائق إلى الأبد.
|
المشـاهدات 46 تاريخ الإضافـة 08/03/2025 رقم المحتوى 60280 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |