الأربعاء 2025/3/12 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 12.95 مئويـة
نيوز بار
وجه الجولاني الحقيقيّ
وجه الجولاني الحقيقيّ
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.د. عماد مكلف البدران
النـص :

 

 

 

(ربّما) هذه الكلمة الوظيفية، قد نستعملها اليوم أداة لتبرير ما قامتْ به حكومة أحمد الشّرع(الجولاني) الرئيس السّوري المؤقّت من استعمال للقوة المفرطة ، فقد قدّم نفسه على أنّه يمثّل اتجاهاً معتدلاً يقبل الآخر في ظل ادارة حرة ديمقراطية تستوعب الجميع، وقد اقنع الكثير من السياسيين في الداخل السّوري بذلك ،وكان سبباً باجتذاب توافد دولي وعربي من أجل الاعتراف بحكومته ،التي يعلم الجميع انها صنيعة تركيا ،الا أنّ الوافدين على ما يبدو ، اقنعوا انفسهم على انها كانت من ضمن الاتجاهات التي انتجت الثورة السّورية ضد الدكتاتور بشّار ،وانه اتجاه ولد متطرّفاً من رحم التنظيمات التكفيرية القاعدة والنصرة وداعش ثم اختار بفعل التهذيب التركي أنْ يكون معتدلاً ،ولهذا يمكن أنْ يُقبل دولياً ويكون افضل بكثير من استمرار حكم بشّار وداعميه الايرانيين ،ثم أنّ خطابه وهيئته الجديدة في ملبسه العصري البذلة والكرفته، قدّمت املاً للآخرين، على أنّه قد يصبح مدنياً ويسير باتجاه امكانية اقامة حكومة تؤمن بالتداول السلمي والدوري للسلطات، وتستعد للدخول في انتخابات بحسب ما قدم هو ومجموعته التي اطاحت بحكم الدكتاتور بشّار، لكنّ رؤية سريعة لما حصل تدل على أنّ نواياه تؤكّد على البقاء بالسلطة والتمكّن منها ،حينما اراد لحكومته الهيمنة وجمع السلطات وادارتها بشخصه واتباعه المقربين، ثم تأخيره اجراء انتخابات على حدِّ قوله حتى يستقر وضع سوريا ويصبح لها امكانيات اجراء مثل هكذا انتخابات، لذلك طلب مدة خمسة أعوام لإنجاز هذه المهمة ،ولو عدنا الى الكلمة الوظيفية وقلنا (ربّما) رأيه صائب فلا يمكن اجراء انتخابات في ظل وجود فلول نظام وحركات وتيارات مختلفة غير واضحة المعالم ،ودولة مشتتة مع وجود سلاح منفلت واحتلال اسرائيلي وتدهور اقتصادي، إلا أنّ مفعول هذه الكلمة الوظيفية ينتفي اليوم ،ولم يعد باستطاعتنا البحث عن اعذار لتصرّفات الجولاني وجماعته وهو ينفّذ ابشع المجاز بحق الابرياء المدنيين مهما كانت الاعذار والتهم ،فلا دخل للمدنيين في الصراع بينه وبين فلول بشّار والتدخلات الايرانية والروسية والإسرائيلية ،كما يُسوّق لنا الاعذار التي بسببها قام بهذه التصفيات والمجازر غير المبررة ، فهل نتوقع ممن كان وراء العديد من التجاوزات على المدنيين إنْ لم تكن المذابح ،أنْ يصبح معتدلاً ويتقبل الآخر؟! وهو الذي يعتمد التقديس للنصوص الدينية المتطرّفة التكفيرية ولا يقبل اي تفسير آخر يخرجها الى عالم التسامح، وعلى الرغم من أنّ التركي استفاد من قيادته لقطيعه وشعبيته واعاد تجميل وجهه بالرتوش المنمّقة وأنّقه ليكون مقبولاً دولياً، الا أنّه لم يستطع الخلاص من ماضيه المتطرّف الذي يؤمن بالإقصاء والازاحة ونظرية القتل وسيلة للوصول الى الحكم وادارته، وهو ما كان يقوم به بشّار ايضاً ،فما هو الفرق في الحالتين سوى تغيير الشعارات والراعي الرسمي للحكومة، واعتقد ان نهاية الجولاني ستنحصر بسيناريوهات منها: بعد أن يفتضح أمره وتتضح سياسته القائمة على العنف والتصفيات ويواجههُ الرأي العام العالمي ستعمد تركيا الى تغيره او تصفيته، وانا اتوقع انها  ستأتي بسّفاح آخر يُحقق أجنداتها في المنطقة وعلى رأسها تثبيت نفوذها، وربّما تتفق عليه دول منها ايران وروسيا؛ لأنّه ازاحهم وأحلّ محلهم التركي ، كما انه يمكن أنْ يُقتل من فلول النظام السابق، والاخطر ابداله او تصفيته من اخوة الجهاد في صراع على السلطة او انهم يريدون منه الاستمرار بسياسة البطش والتنكيل والارهاب التي سيُقاومها ؛لأنّ الرأي العام العالمي يرفضها، لذا يقتلونه، وربّما يتم تصفيته من (اسرائيل) وامريكا بعدما احترقتْ ورقته ونفّذ ما كانوا يريدونه سواء بتخطيط منهم ام لا ،وعلى المدى البعيد سيُطاح به وبمجموعته المتطرّفة في انتخابات حرة نزيهة مدنية الاتجاه وديمقراطية السلوك والعقيدة، فبعد الذي حصل في سوريا وانتشار القلق والخوف سيكون هناك طلب على الحكومات المدنية المدعومة عالمياً وهذا بدوره سيجعلهُ يُوغل بالدماء من اجل تثبيت حكمه وهنا تنتعش دورة مقاومة جديدة وموجة مظاهرات رافضة حتى تولد سوريا جديدة كان من المفروض ولادتها اليوم وهي سوريا المدنية الحرة الديمقراطية الحضارية  التي تنتمي الى المجتمع الدولي.

 

 

المشـاهدات 39   تاريخ الإضافـة 10/03/2025   رقم المحتوى 60335
أضف تقييـم