الإثنين 2025/3/17 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 18.95 مئويـة
نيوز بار
قراءة في كتاب: "الدلالة الثقافية وسيميائية النسق المضمر (نقد ثقافي) ".
قراءة في كتاب: "الدلالة الثقافية وسيميائية النسق المضمر (نقد ثقافي) ".
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

 

أمينة دعاء فنغور./ الجزائر

 

-بطاقة تعريف بالكتاب:

المؤلَّف: الدلالة النسقية وسيميائية النسق المضمر (نقد ثقافي).

المؤلِّف: حسين القاصد.

دار النشر: مؤسسة دار الصادق الثقافيّة (طبع- نشر- توزيع).

مكان النشر: العراق.

الطبعة: الأولى.

السنة: 2023م.

عدد الصفحات: 93.

 

*وصف الكتاب:

 1/-الغلاف:

       المتأمل في غلاف الكتاب يجد أنه يتجاذبه بشكل أكبر لونين أساسيين هما: "الأصفر" ذلك اللون الحارّ حرارة الشمس الموحي بالبروز والوضوح وشد الإنتباه، و"البنفسجي" اللون البارد الذي يكسر ويطفيء من حدة الأصفر ويكمِّله كما هو معروف في قانون الألوان المكملة في الفن التشكيلي وهو ما يخلق التوازن في عين المتلقي، ونجد أيضا لونا أقل انتشارا هو "الرمادي" المعروف بالحياد بين الألوان الحارة والباردة تتخلله مربعات غير منتظمة بعضها رمادي وقليل منها باللون "الأحمر" الجذّاب الحارّ الثائر، وآخرون باللون الأبيض الحيادي والبني القاتم والأسود الحيادي الموحي ببعض الغموض وحين نتأمل في المربعات وفي ألوانها الصغيرة وعدم ترتيبها نفهم وجود الكثير من الأفكار المكدسة المتداخلة، والغامضة، والثائرة، وربما الحيادية المؤدية للموضوعية وليست حيادية الآراء.

2/-العنوان:

       الكتاب الذي بين أيدينا يحمل عنوان: "الدلالة الثقافية وسيميائية النسق المضمر (نقد ثقافي) " الذي كتب بخط عربي واضح أصفر خشن ليتسم بالبروز والبيان والإيضاح وشد الإنتباه والتركيز فيه عبر لونه (الأصفر) الذي يترسخ في ذهن القاريء ويستعمله الطلاب عادة في عملية الحفظ ليسهل عليهم ترسيخ الكلام في أذهانهم.

نجد أن العنوان حدد في مجالين أساسيين هما: "النقد الثقافي" من خلال وجود لفظتي (الثقافية والنسق المضمر) من جهة، و"السيمياء" من خلال وجود لفظتي (الدلالة.. وسيمياء..) من جهة أخرى، وهنا نتوقع استخدام الناقد للآليات السيميائية المتمثلة في الدلالة وسيمياء النسق في حقل النقد الثقافي (الثقافية) ضمن رؤية معينة.

3/- الهيكل العام للكتاب:

          يتكون الكتاب من 93 صفحة يفتتح بإهداء خاص من طرف الكاتب، يليه فهرس المحتويات المحدد في مقدمة بداية وتسعة مواضيع وخاتمة، ثم ينتهي الكتاب بقائمة المصادر والمراجع التي اعتمدها الكاتب.

 

*قراءة في الكتاب:

        حين يرفع القاصد قلمه النقدي فتأكد أنك أمام شيء مختلف، صادم!، والأهم أكثر واقعية ومنطقية وموضوعية.

         "ليس للنقد الثقافي أن يقف عند حد" كانت تلك مقولة الكاتب الأساسية التي تأذن بلا محدودية اشتغال النقد الثقافي وعدم وقوفه عند حد معين، بل إستثماره لما كان قبله خصوصا "فلا نقد ثقافياً خالياً من التداخل مع التاريخانية والتلقي والتداولية والسيميائة والإيقاع والأسلوبية" كما قال صاحب الكتاب، وهذا ما جعله يحدد زاوية إشتغاله في كتابه الذي يبحث فيه عن "الدلالة الثقافية (cultural significance) وعلاقتها بالنقد الثقافي والسيميائية"، وانطلاقا من هنا:

يفتتح الكاتب كتابه بالحديث عن" مستقبل النقد الثقافي" الذي وضح فيه "حسين القاصد" أهمية هذا الحقل النقدي الذي لا يهتم بما يرتديه الخطاب من زينة بلاغية ولباس لغوي جمالي بقدر اهتمامه بالبحث عن الفكرة التي ولدت هذا الخطاب وما الذي ولدها ومن أين تشكلت قبل أن تولد لفظيا.

وبناء على هذا يبدأ الكاتب في طرح عنوان آخر في كتابه هو: "النقد الثقافي والسيميائية: العلامة جسرا للنسق المضمر" الذي تحدث فيه عن منجزات الحقل السيميائي وآراء رواده (بيرس ودو سوسير) وما يوافقه الكاتب من مقولاتهم وما يختلف معهم فيه مستحضرا مصطلحا هاما هو "اعتباطية العلامة اللغوية" مناقشا لها بين فكر المدرسة البنيوية السيكولوجية المتمثلة بالفيلسوف والمحلل النفسي "جاك لاكان" الذي من خلال أقواله يتحرر الدال من سلطة المدلول الأحادي، وبين "الفكر الغذامي" الذي يدعو إلى تعليق المدلول في النصوص من أجل تحرير الدال والذي يختلف معه الكاتب في طرحه ويجد أن الإعتباطية مع الدال وليست مع المدلولات لذلك يرجح الكاتب السيميوطيقا أكثر ضاربا أمثلة في ذلك لتعزيز رأيه ليفتتح من خلال هذا عنوانا آخر هو: "الدلالة الثقافية وسيميائية النسق المضمر" وهو العنوان الأساسي للكتاب كله  ويتحدث عن عدم الإكتفاء في الدراسة بشكل النص اللغوي، بوصفه عنصرا ناقصا يحتاج البحث عن ما وراءه (النص المخبوء كما يصفه الكاتب) الذي يكشف عبر عقد ثقافي بين المرسل والمرسل إليه (بين المتكلم والمتلقي) أو علامة سيميائية دالة منفتحة على التأويل يستثمرها النقد الثقافي باستخدام عقد ثقافي بين المتواصلين يتواضعون فيه على مضمر معين (سنن) يدل على نسق مضمر، وبذلك يجعل الكاتب من السيمياء جسرا للنسق المضمر،  ويتوضح ذلك أكثر عبر قصيدة "شعر البنات" التي وظفها الكاتب في دراسته وغيرها من الأمثلة الأخرى.

ليدخل الكاتب في دراسة تطبيقية أخرى تحت عنوان: "العلامة المقولة: سفر أيوب أم بدر شاكر السياب؟" وهو عنوان استفهامي استدعى من الكاتب مناقشة عميقة لعلاقة العنوان بالنص والعكس، وشرحا لكل من سفر أيوب الحقيقي المعروف بالصبر، وسفر السياب الذي كان جزعا وغاضبا وعاتبا خلف الصبر والمحبة في قصيدته، متتبعا في ذلك الدلالة اللغوية ليستخرج أنساقا مخبوءة في قصيدة السياب.

ليأتي بعدها عنوان آخر هو: "سؤال الدلالة الثقافية: قارئة الفنجان لنزار قباني بين العلامات والنسق المضمر" الذي تحدث فيه الكاتب عن طقس قراءة الفنجان و عن انتشار هذه القصيدة بصوت عبد الحليم حافظ بين الجماهير، ولكن الكاتب هنا يركز على أمر مهم هو أن ما يبدو على القصيدة بأنها كتبت لتغنى ولتطرب ليس هو حقيقتها فهي ممتلئة بالشفرات والحيل السيميائية الدالة على ذكاء "نزار قباني" الذي يوهم بأنها قصيدة "حب" لكنها في الواقع  قصيدة "سياسية" حسب الكاتب الذي ربطها بما جرى من أحداث مع عبد الحليم وبما جاء في القصيدة الأصل مثل جملة: (من مات فداءً للمحبوب) وما تغير عنها في الأغنية حيث أصبحت: (من مات على دين المحبوب)، ويفسر الكاتب من خلال ذلك وما يشبهه بأنها قصيدة "سياسية" لا قصيدة "حب" مستخدما محوري التلقائية والتعاقبات.

ليدخل الكاتب بعد ذلك في عنوان آخر هو: "الدلالة الثقافية والإيقاع الركض باتجاه القافية" الذي تحدث فيه عن الإيقاع بوصفه من أنساق الترغيب التي تجعل المتلقي في حالة ترقب، وعن سلطة القافية على الشعراء في قصائدهم مثل قصيدة: "دجلة الخير" للجواهري التي اختار لها كلمات محددة رغم وجود كلمات أجمل وأوسع منها إلا أنه -حسب الكاتب- فضل عدم استخدامها لأنه يركض باتجاه القافية ويخاف أن لا تسعفه القوافي فيقوم باختيار تلك الكلمات المحددة من قبل لديه. 

ليأتي بعد ذلك عنوان آخر هو: "سَمْيَأَة الأهواء والدلالة الثقافية النسق المضمر سيميائيا عند سراج محمد" الذي تحدث فيه الكاتب عن سيمياء الأهواء وعلى كون الشعر بوحا ذاتيا، وكيف أن سيمياء الأهواء تشكل جسرا للنسق المضمر في النقد الثقافي، موضحا فكرته بقصيدة للشاعر "سراج محمد".

ثم عنوان أخير: "فحولة اللغة بين السيمياء والنقد الثقافي" الذي تناول فيه الكاتب نسق "الفحولة" منطلقا من ما أورده الغذامي حول: "ابتداء الفحولة شعريا لتتحول لفحولة ثقافية متكررة في الخطابات.." غير أن الكاتب يرى أن اللغة العربية ككل هي "لغة فحولية محضة" مستعرضا مجموعة أمثلة كان أبرزها قصيدتي: صفي الدين الحلي وكاظم الحجاج.

      وبعدها يختتم الكتاب بخاتمة تضمنت أهم النتائج.

        يحمل الكتاب فكرة هامة تمثلت في كيفية إستفادة النقد الثقافي من السيمياء وجعلها جسرا لبلوغ ما يخبِّؤه الخطاب من مضمر دال قبل أن يكون مدلولا!، وكأن الكاتب هنا يستدعي الأثر الأدبي ويتقمص نفس الأديب بما يحمله من أفكار وإديولوجيا وظروفه ومجتمعه وتواضعاته الثقافية، واللغة بما احتوته من علامات وحسن بلاغي وإيقاعي وغيرها، ليتغلغل في روح الأثر الإبداعي وفي كونه فكرة قبل كونه نظاما من المدلولات، ليؤوّل ذلك كله ويخرج منه الدلالة الثقافية الحقيقية البكر اللا مزيفة واللا مغيرة (واللا مهددة/ الحرة) من لحظة تكوينها الأول في عالمها الأول "عالمها العقلي" ويتتبع تغيراتها وتخفيها عبر أنساق مموهة.

       لغة الكاتب واضحة صريحة مباشرة وموضوعية، تسهل على القاريء فهم المضمون من جهة وتثير فيه تساؤلات عديدة من جهة أخرى.

       وأخيرا: كتاب "الدلالة الثقافية وسيميائية النسق المضمر" كتاب نظري وتطبيقي في الآن نفسه، يسلط الضوء على كيفية إشتغال النقد الثقافي من زاوية سيميائية ويبين مدى فعالية هذا الإشتغال في الوصول إلى المضمر بكل مموهاته وبكل موضوعية، وهو أيضا كتاب ينشط ذهن القاريء ويشعل فيه المتعة النقدية بأقل مجهود منه.

المشـاهدات 19   تاريخ الإضافـة 16/03/2025   رقم المحتوى 60601
أضف تقييـم