
![]() |
خشبة يحيى جابر تحوّلت أشبه بدراسة سوسيولوجية ممسرحة لمناطق لبنان وطوائفه أعمال يحيى جابر دراسات مسرحية لمكونات المجتمع اللبناني |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : بيروت (لبنان) - شكّل المسرحي اللبناني يحيى جابر ظاهرة في المشهد المسرحي المحلي في السنوات الأخيرة، ليس فقط لكون أعماله تستقطب الجمهور رغم استمرار عرض بعضها منذ سنوات، بل كذلك لكونها أشبه بتحليل ممسرح لمكوّنات المجتمع اللبناني الطائفية والمناطقية.فمسرحية جابر المونودرامية “مجدّرة حمرا” لا تزال تُعرض منذ سبعة أعوام وتجذب في كل مرة جمهورا كبيرا وتنال استحسانا واسعا، فيما تتواصل أيضا بين الحين والآخر عروض عملين آخرين هما “من كفرشيما للمدفون” و”شو منلبس”، وهي الأحدث، إذ انطلقت قبل سنة.ويستند جابر، وهو أيضا شاعر وكاتب عمل في الصحافة أعواما، إلى متابعة الجمهور أعماله، ليؤكد بالتزامن مع يوم المسرح العالمي في السابع والعشرين من مارس الجاري، أن “من غير الصحيح أن المسرح في أزمة”. ويفتخر بأن لأعماله “هوية”، إذ إن “الجمهور يعرف سلفا أن فيها تسلية وفرحا وبعدا سياسيا واجتماعيا وثقافيا."فالأهمّ من الاستمرارية الزمنية هو أن خشبة يحيى جابر تحوّلت أشبه بدراسة سوسيولوجية ممسرحة لمناطق لبنان وطوائفه، إذ غاصت أعماله بجرأة في ما يمّيز كلا منها، بعينَي عالِم الاجتماع وأسلوب المسرحيّ. ويقول المسرحي الستيني “رغبتي الشخصية كانت التعرف على المجتمع اللبناني وخصائصه.. هل اللبنانيون فعلا شعب واحد أم مجموعة شعوب؟ هل هم أقوام؟ هل هم مستوطنون؟ هل كل كتلة على حدة؟ وما علاقتها بالآخر؟"وبعد أكثر من 27 عاما تقريبا على نقل عيّنات من المجتمع اللبناني إلى الخشبة، أدرك جابر أن “لا أحد يعرف أحدا”. ويوضح أنه قدم أكثر من عمل يتناول الطائفة الواحدة في أكثر من منطقة، إذ إن “الطائفة الشيعية في بعلبك مثلا غير الطائفة الشيعية في الجنوب وغير الطائفة الشيعية في الضاحية الجنوبية لبيروت. أحيانا ليست مسألة طوائف، بل هي أيضا مسألة مناطق.”وما إن يحط في بيئة معينة حتى يدرسها على أكثر من صعيد. يشرح قائلا “أتذوق أطباق هذا المجتمع وأتعرف على أمثاله وأعيش عاداته.. أكون دائما في وضع استطلاع واكتشاف. أبدأ بالإعداد للعمل قبل عامين” من عرضه. ويضيف جابر الحائز على شهادة الدراسات العليا في المسرح “أضع نفسي مكان أبناء هذا المجتمع، ولا أستطيع أن أجعلهم يقولون ما أريده.. أنا أدعوهم إلى أن يرووا أنفسهم.”ويعدّ جابر لاستكمال جولته على المجموعات والمناطق اللبنانية بإطلاق عملين جديدين: الأول عن لبنان الشمالي وتحديدا منطقتي إهدن وزغرتا، تتولى بطولته الممثلة ماريا الدويهي المنحدرة من المنطقة، وهي كريمة الروائي الراحل جبور الدويهي. أما المسرحية الثانية فعنوانها “شارع الحمرا”، وهي “غنائية تحتفي بهذا الشارع”، بصحفه ومقاهيه وحاناته ونقاشاته الفكرية والفن فيه وتنوعه اللغوي، و”تمثّل تحية إليه وإلى لبنان وحداثته”. ويقول “لبنان الأصلي كان هناك.”وفي رأي المسرحي والصحافي صاحب الكتابات في السياسة والنقد “أن اللبنانيين بطوائفهم كافة يلتقون على أمور تافهة ويختلفون على أتفه من ذلك.” وفيما تعالج مسرحية “من كفرشيما للمدفون” صراعات المسيحيين، تستحوذ الطائفة السنية والعاصمة بيروت التي تشكل معقلها على الحصة الأكبر من مسرحيات جابر، إذ تناولها في أكثر من واحدة أبرزها “بيروت طريق الجديدة”.أما “شو منلبس” فتجسّد تجربة الأحزاب اليسارية اللبنانية في مقاومة الجيش الإسرائيلي بعد اجتياحه لبنان عام 1982 وتتناول علاقة الشيعة بعضهم ببعض، فيما تغوص “مجدّرة حمرا” في المجتمع الشيعي. ويتابع “تشغلني الطائفة الشيعية لأنها طائفة تعتبر نفسها منتصرة وحكمت بعد اتفاق الطائف” الذي توصل إليه الأطراف اللبنانيون في المدينة السعودية وأنهى الحرب الأهلية (1975 – 1990).ويرى صاحب ديوان “بحيرة المصل” الذي شارك في هذه الحرب في صفوف الحزب الشيوعي اللبناني، أن “الحروب اللبنانية كانت عبثية وبلا جدوى، إذ لم ينتصر أحد إلى الآن ولم يُهزم أحد.” ويبحث جابر عن “المهزومين لدى الطائفة وتحديدا المرأة.” ويقول “في كل مكان يشغلني وضع المرأة.”وتقوم مسرحياته الثلاث المعروضة راهنا على أداء قوي لممثلة وحيدة في كل منها، تجسّد بنفسها مجموعة شخصيات: ناتالي نعوم في “من كفرشيما للمدفون”، وأنجو ريحان في “شو منلبس” و”مجدّرة حمرا”، لكنه يؤكد أن خيار الممثل الوحيد ليس صيغة ثابتة في أعماله، بل هي تضم أحيانا أكثر من ممثل.ويتحوّل عالم الاجتماع المسرحي إلى عالم نفس مع الممثل. ويشرح “بعد اختيار الممثل أشركه شيئا فشيئا بالعمل كمؤلف وآخذ ذاكرته كلها وحياته كلها وأتحول إلى فرويد ويصبح الشخص بأسراره وحكاياته بين يدي، بعدها أبدأ بكتابة النص الأساسي حيث تمتزج سيرة الفرد بالجماعة.”ويضيف “يصبح الممثل جزءا عضويا من المسرحية. يصبح متورطا مع المخرج. وهذا التورط يجعله مقنعا أكثر بالنسبة للمشاهد.” أما تورط جابر في المسرح، فيعود إلى كونه شغوفا به، على ما يقول. ويضيف “المسرح منعني من الموت، من الانتحار، وساعدني في أن أبقى على قيد الحياة.”ويحيى جابر من مواليد عام 1961، حائز على شهادة الدراسات العليا في المسرح والتمثيل من كلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية عام 1987. ويحاول عبر كتاباته سواء في الشعر أو المسرح أو الصحافة أن يقدم صورة للمعاناة الوجودية لإنسان اليوم وقراءة للإنسان اللبناني والمجتمعات اللبنانية المصغرة بطريقة فنية مختلفة حيث يوظف السخرية للحديث عن مواضيع اجتماعية جدية.وإلى جانب أعماله التي تعرض حاليا، للمفكر اللبناني مجموعة من المسرحيات المهمة من بينها "يللي.. خلق علق"، "ابتسم أنت لبناني"، "يا يحيى خذ الكتاب بقوة"، "بيروت.. الطريق الجديدة" و"بيروت فوق الشجرة." |
المشـاهدات 22 تاريخ الإضافـة 07/04/2025 رقم المحتوى 61326 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |