
![]() |
سركون بولص في ذكراه تفكيك قصيدة قارب الى ألكتراز |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
* د- رسول عدنان ناقد و شاعر عراقي
هذه قراءة تفكيكية الى قصيدة سركون بولص قارب الى ألكتراز حيث قمت بتقطيع هذه القصيدة الى ثلاثة مقاطع لتسهيل عملية تفكيكها، فالقصيدة و ان بدت نسيجاً واحدا للقارئ لكنّ بالنسبة لعملية التفكيك تكون بحاجة الى عزل المقاطع، لتساعدَ في فهم المستوى القريب و المستوى العميق و الذي حاول الشاعر اخفاءه
الجو العام للنص من الملاحظ أنّ النصوص الشعرية التي يكون لها أرتباط بالمكان وشخصياته، تكون انعكاسا للهوية الثقافية للمكان والسياقات الاجتماعية لأهل المكان، ولا يمكن ان يقدّم المكان ،سواءا في النص الشعري او النثري بوصفه مجرد إطار مكاني للشخصيات و الأحداث معا ، لكن نراه يتحول إلى رمز للمفاهيم الثقافية و الأحداث التاريخية التي لعبت دورا أساسيا في تشكيل الهوية الشخصية للمكان و ناسه، بل أنّه يتشظى الى رمزيات كثيرة تحمل الخصوصيات الثقافية للزمكان و شخصياته، حيث تتحوّل النصوص الشعرية التي أرتبطت بالمكان، الى رموز للشخصيات التي تنبثق منه، لتصبح ممثلا رمزيا للهوية الجمعية و الذاكرة الزمكانية ، بل هي حافظة و ممثلة للتراث الأنساني بشقيّه الثقافي والتأريخي، وبذلك يتحوّل المكان الى جزءٍ مرتبط أرتباطا تأريخيا و جغرافيا في شخصية النصوص الشعرية، عبر المفاهيم الثقافية و التجارب الشخصية التي تحاكي او تعكس الوضع الأجتماعي و السياسي و الأنتمائي لهذا المكان، لتتحوّل هذه التفاعلات بين الزمكان و الأشخاص الى دلالات موحية و رموز ثقافية أرتبطت في ذاكرة الأنسان و الهوية المكوّنة له من خلال البعدين التأريخي و الدلالي اللذان كان لهما دور في تكوين هذه الهوية؛
دلالة العنوان قارب الى ألكتراز
النص يتحدث عن قصة أضطهاد أهل البلد الأصليين في الولايات المتحدة الأمريكية ( الهنود الحمر) و الذين عرفوا بنوع معين من التقاليد و الصلوات من جهة، و أخرى بتلك الحروب التي خاضوها ضد الغزاة من الرجال البيض و كيف صادروا أراضيهم و أضطهدوهم أول الأمر، حيث كانت هذه الجزيرة في خليج سان فرنسسكوا عبارة عن سجن لهم – كما قدم الشاعر لها – حاول زعيمهم دينسي بانكس استرداده كونه ملكا للأمة الهندية و هذه الجزيرة تابعة لهم، لكنّ السلطات الأمريكية طردتهم منها و هذا النص يشير الى الوقت الذي تزامنت كتابته بذات الوقت الذي تزامن وقوع الحادثة به و أقصد 1969 و في هذا العام وقعت ثلاثة أحداث معا هي ( وصول الشاعر الى الولايات المتحدة و وقوع هذا الحدث و كتابة هذه القصيدة ) من خلال أحداث القصيدة نرى انّ الشاعر كان قد تعرف الى فتاة هندية أسمها فالو و كانا بأنتظار قارب ليقودهما الى جزيرة ألكتراز في خليج سان فرنسسكو و قد حدد الشاعر الوقت ب الساعة الثانية ليلا و في هذا اشارة الى شحة عدد القوارب التي تقل الناس الى هذه الجزيرة و التي لم يبق أمامهم وقت الى آخر قارب، و من خلال هذه الثيمة اي الوصول الى جزيرة ألكتراز تدور أحداث هذا النص و التي عمد الشاعر الى توظيفها عبر مستويين، الأول هو سرد الأحداث و تفاصيلها و هو الظاهر و الثاني هو موقف الشاعر من الرجل الأبيض سليل رعاة البقر الأمريكيين و الكيفية التي يتعاملون بها مع السكان الأصليين من الهنود الحمر ؛
المقطع الأول : في الساعة الثانية ليلاً أعود مع امرأة هندية من المدينة الى منطقة الخليج، ننتظر القارب الذاهب الى ألكتراز و هو آخر القوارب - - الهندية التي أسمها فالو ننتظر آخر قارب قال البارمان الأبيض بلهجتة مراهن مُدمن : اراهن أنك لن تلحق بالقارب و أضاف بأسف كاذب، آمل أن تلحق به، على أية حال - - جلست فالو في الرمل و جلست في الرمل، مع فالو و أمامنا الكتراز في الماء جزيرة كالأبهام في يد هندية أكلت أصابعها الكلاب أنها من مرسيليا مجدها الميت: أراك قريبا مون شير ترعى على سراويلي و أنا أخرج مع فالو في الرمل مع فالو و كيف رسمت لي في الضوء البار الفوسفوري صورة الزعيم الراكع و خلفه الشمس دائرة تخرج منها سهام مستقيمة كما يرسمها الأطفال لأنني قلت لها أنني رسام و كيف رسمت فالو جبل قبيلتها الضائع و الشمس المائلة بنصف سهامها على سور المخيّم
يدخل الشاعر نصه عبر عامل الوقت ( الساعة الثانية صباحا ) ليربط الحدث وهو أنتظارهما الى قارب يقلّهما الى الجزيرة و لأنّ الوقتَ متأخرٌ جدا فيكون وجود قارب نادرا جدا و هذا ما جعل البارمان ينصح ساخرا اُراهن أنّكَ لن تلحق بالقارب و هذا يعكس الروح العنصرية التي تميّز بها البيض عبر تأريخهم نحو اللون الاخر و منه فالو و صاحبها عبر تقنية السرد التجريدي ( الشاعر ) ذو الملامح الشرقية ثم يضيف البارمان و هي لفظة مكوّنة من مقطعين Bar – man
و تعني نادل الحانة او عامل الحانة ( آمل ان تلحق به ) لكن الشاعر يعمد الى رسم صورة بصرية على نحو أيحائي و خيالي لهذا الرجل الأبيض و هو يرسم علامة السخرية على وجهه بقوله ( بأسف كاذب ) هذه الجملة تحدث وقعها من حيث الدلالة المضمرة و هو شعور كامن يضمر غير ما يظهر و هذا يحيل الى الدلالة العنصرية و هي المستوى الثاني الذي يحاول الشاعر أخفاءه في أستطراده السردي حيث يستمر في سرده المتلبس بالفكرة فيعمد الى مفهوم التكثيف الصوري و كأنّه يفكر صوريا
( جلًستْ فالو في الرمل و جلستُ في الرمل، مع فالو و أمامنا الكتراز في الماء) ( ترعى على سراويلي و أنا أخرج مع فالو في الرمل ) (و كيف رسمت لي في الضوء البار الفوسفوري صورة الزعيم الراكع و خلفه الشمس دائرة ) ( تخرج منها سهام مستقيمة كما يرسمها الأطفال )
انّ من يلاحق الصور المتتابعة في هذا المقطع يعرف كيف يفكر الشاعر صوريّاً، هذا التلاحق الصوري يحيلنا الى مفهوم محاكاة الشعر للحياة عبر تقنيات صورية مستغلا كل ما تتيحه اللغة او الميتالغة من أنزياحات دلالية حيث تتميز قوة الشعر بالأيحاء من خلال الأفكار التي تتلبس بالصور و التراكيب المتتابعة و التي تضع القارئ أمام مشهد ميلودرامي او حكاية عبر الشعر سواءا عبر التصريح بالأفكار المجردة او بتلك المختلطة بالأحاسيس عبر المشاعر فالأستعانة بالصور شعريّاً أقرب الى أظهار الحقائق المضمرة او الشعور المخفي تجاه الأشياء، بعبارة أدق، هي ترجمة المشاعر و انعكاساتها، ( تخرج منها سهام مستقيمة كما يرسمها الأطفال لأنني قلت لها أنني رسام) ( و كيف رسمت فالو جبل قبيلتها الضائع ) ( و الشمس المائلة بنصف سهامها على سور المخيّم ) و هكذا و بذات التقنية يستمر الشاعر عن طريق المحاكاة من خلال الربط بين القصيدة و الرسم و كأنّه يحاول أنتاج اللغة عبر تراكيب او مفاهيم جديدة من خلال مفهموم المحاكاة عبر آلية الرسم بالكلمات و كأنّ الشاعر قد تميّز بالخلق الصوري عن طريق بث الحركة و الحياة بكل ما حوله من مشاهد او بكل ما تقع عينه عليه من خلال عامليّ الخيال و اللغة فمن قدرة على أستحضار أشياء ذهنية الى خلق عوالم جديدة عبر المدركات البصرية، و لا يخفى تأثر الشاعر بتقنية او خصائص الشعر الأنكلو-أمريكي من حيث المعالجات في مفهومي الخيال و اللغة عبر آلية المدركات التي تقود الى بناء عوالم جديدة تماما تخلق أتساقها و وحدتها داخل البناء الشعري للتحوّل عبر الصور المتتابعة الى تكثيف يقود الى قراءة هذه الأشطر قراءة ذهنية و بصرية في ذات الوقت، و التي تميّز بها الشاعر صياغة تفرد بها عن أبناء جيله
-------- المقطع الثاني : سأقسم هذه المقطع الى جزئين : الجزء الأول حيث يمرض الأطفال حيث مات طفلها حيث يهذي جدّها في المطر - - يُجنّ الشيوخ يهرب الشبّان ليتحولوا الى مدمنين ليقتلوا في المدن ليناموا في الشوارع و ينتهوا في السجون، النساء بغايا - - و كيف رسمت فالو جبل قبيلتها الضائع و الشمس الأجنبية تقبع عليه كالسرطان، بمخالب عمياء، يستمر الشاعر في رسم صور المأساة التي خلّفها الرجل الأبيض على سكان أمريكا الأصليين حيث يستعين الشاعر بالصورة و الأساليب الموارية لتقريب الفكرة و التي يلّفها التعقيد فيلتجأ الشاعر الى الأشارة و الرمز و توظيف الأسطورة و هذا جزء من تأثره بالشعر الغربي و لاسيما الأنكلوأمريكي حيث يعمد الى تقنية التمازج التي تساعده على بناء فكرته عبر ربطها بعلاقة خفية و في هذا المقطع ربط بين ما آلت اليه ظروف الهنود من : يمرض الأطفال، يَجنُّ الشيوخ- يهرب الشبان ثم يتحولون الى مدمنين ليُقتلوا في المدن، ليناموا في الشوارع، و ينتهوا في السجون، النساء بغايا، ثم عمد الى مزجها في المقطع الثاني بتلك العلاقة الخفية التي يخفيها كموقف للشاعر من الرجل الأبيض حيث يستطرد في المقطع الجزء الثاني شمس أمريكية داجنة روّضتها البنادق شمس رعادة البقر رجال العصابات شمس الأدمغة المغسولة، دجاجة في قفص، دجاجة مذبوحة تبحث عن رأسها في الظلام فأنّ الشمس الداجنة التي روضها بنادق رعاة البقر و هذا رمز للهمجية الأمريكية و هم رجال عصابات هكذا بدأ التأريخ الأمريكي من رجال عصابات و رعاة بقر، أما قوله الأدمغة المغسولة فدلالة على الأنفلات اللآأخلاقي و التسيب الذي سعت له السياسيات الأمريكية لغسل أدمغة الشعب بالأكاذيب، ثم يستعير صورة جميلة لتقريب فكرته و هي : دجاجة في قفص حيث توحي الدلالة الى مونولوج فلسفي في صياغة الصورة عبر تراكيب مختارة بعناية فائقة موظفا الأسطورة الهندية من جهة عبر رسم صورة الزعيم الهندي و هو راكع دينسي بانكس الى توظيفه للزمكان ثم الحدث وهو محاولة أستعاة جزيرة ألكتراز و هكذا تنوع النص عبر دلالاته التي تشظّت تماما الى أصوات و بُنى اسهمت في توليد المعاني الجمالية لهذه القصيدة
الجزء الثاني من هذا المقطع و كيف بصقت فالو على شمسها و أمسكت بالورقة و عليها شمس تنظر كعين حرّاس المخيم، كعين الدولة الآن و ليس كشمس القبيلة و ليس كأي شمس الآن و ليس شمس فالو الآن و كيف مزّقتْ بأسنانها هذه الشمس، و كيف قذفت بها كالروث في وجه البارمان و في وجه العالم اللآمعين كالأحذية و علا غضبها كنهر من النخاع يضرب جدران جسدها و غربان مجنونة تنعق بين اسنانها تطير من عينيها الضيقتين يعود الشاعر الى صديقته الهندية فالو و كيف سخرتْ من كلّ ما آلت اليه الأحداثُ حتى بصقت على الشمس الأمريكية و التي لم تعد شمس قبيلتها الجميلة التي كانت تختبأ خلف تلال جزيرة ألكتراز التي أحتّلها الأمريكيون البيض، لأنّ شمسهم لا تشبه شمس فالو التي قادها غضبها الى تمزيق الصورة التي تحمل رسم الشمس الأميريكية و لا تحمل رسم شمس قبيلتها حيث لم تجد أمامها ممثلا للأمريكي الأبيض غير نادل الحانة البارمان لتقذف الورقة مثل روث الحصان بوجه الذي يرمز الى عرقه الأبيض الذي كان سببا في مأساة فالو و قبيلتها ثم قادها الحنق الى غضب مثل نهر نخاع يضرب جدران جسدها و أصبحت كغربان مجنونة سوداء تتطاير من عينيها، نستطيع ان نلمح الأنزياح الدلالي في هذه الجمل يؤدي الى خلق المعاني الجمالية عبر التحولات الشعورية في الأستطراد الوصفي لحالة فالو قاد الى رسم صورة حالة صديقته عبر متواليات نفسية تحتوي على طاقة توالدية و بنيّة وصفية محفزّة أخذت بالأرتقاء بالنص من السردي الى الأسطوري و هذا سوف يقود الى أثارة المتلقي عبر آليتي الخيال و التأمل من خلال الأنزياحات الدلالية المتوالية التي لعبت دورا في التكثيف الأستطرادي المتشكل من خلال الأيحاء البصري و المعاني الأشارية و دلالاتها نلاحظ عبر هذا المقطع تشكيل بصري أنتهى بأنتهاء المقطع، و تطير من عينيها الضيقتين -------- المقطع الثالث : و ذلك عندما نصحني البارمان لفائدتي بأنها خطرة حين تغضب بأنها نصف مجنونة، هندية من قبيلة شايان هربت من سبعة مخيمات حكومية و تشردت بعيدا تشردت بعيدا في وطنها الذي أغتصبوه بالآلة في القفص الذي يحلم الدولار بالمسدس و المسدس بالدولار و فالو التي كانت شيطانية و صغيرة تحارب البوليس و القوادين في الشوارع في جزمتها الطويلة المصنوعة من جلد الغزال ذهبنا في الساعة الثانية ليلا آخر قارب الى ألكترار أنا و الهندية التي أسمها فالو ------------- سان فرانسسكو 1969
يبدأ هذا المقطع من خلال السرد الأستطرادي ليقود الى رسم صورة نهائية للنص عبر آلية اللغة هذه المرة المتمثل بالحوار بين الشاعر و عامل الحانة البارمان من خلال طاقة الفعل، نصحني، حيث أستخدام عامل اللغة الأيهامي عبر سلسلة من الصفات مثل: خطرة، نصف مجنونة، هربت، تشرّدت، حيث قادت هذه الألفاظ المشحونة بدلالات حسيّة مؤطرة بهواجس نفسية و مشاعر عبارة عن مزيج من الألم و الحسرة قادت الشاعر الى تكوين موقفه من الحدث الذي قاده الأمريكيون البيض حيث يعود الشاعر الى موقفه السابق منهم متمثلا بقوله : تشرّدتْ بعيدا في وطنها الذي أغتصبوه بالآلة في القفص الذي يحلمُ الدولار بالمسدس و المسدس بالدولار لا يخفي الشاعر مشاعره من مواقف الرجل الأبيض الذي كان يتعامل بعنصرية تامة مع سكان البلد الأصليين ولا يترك مناسبة في القصيدة ألا و أستغلها ليصب غضبه عليهم عبر هذا الحوار المونولوجي بين الذات و العالم و كأنّه معنيّ برسم صورة بانورامية عبر الكلمات التي أنتقاها بعناية فائقة لتؤدي دورها الوظيفي عبر آليتيّ السرد و الخيال و كأنّه يعمد الى تشكيل حوار داخلي نفسي بين الضحية المتمثلة بصديقته فالو الهندية من قبيلة شاشان و الجلاد المتثل بالرجل الأبيض و ينوب عنه في هذا النص البارمان عامل الحانة الذي أخذ على عاتقه الأساءة الى فالو من خلال نعتها بألفاظ مهينة، حيث تقود هذه الحوارية الى تفجير الصراع المخفي بين الهنود و البيض من خلال شخصيتي أساستين هما الهندية فالو و الرجل الأبيض عامل الحانة حيث نجح الشاعر بتوظيف هذه المولودراما الى أرتقاء لغوي حفّز الخيالي والشعري عبر آلية الوصف المشحون بالتراكيب الدلالية و الصور المتتالية التي قادت الى فضاء سردي أخّاذ يقود القارئ الى عوالمه دون ملل من القراءة حيث ينهي الشاعر هذه الدراما الشعرية بمقطع رومانسي ساحر ليربطه في بداية هذه القصيدة و التي بدأت عبر الحديث عن الذهاب الى جزيرة ألكتراز ذهبنا في الساعة الثانية ليلا آخر قارب الى ألكترار أنا و الهندية التي أسمها فالو و كأنّ الشاعر يريد ان يكتب النهاية الى هذه القصة التي رسمها عبر مفهومي اللغة و الخيال حيث قادتا الى عوالم مشحونة بالأنزياحات الدلالية و الأحالات الصورية التي جاءت في بعض المقاطع بشكل أستطرادي مدروس بعناية فائقة من قبل الشاعر الخصائص الفنية للقصيدة تكوّنت هذه القصيدة من ثلاثة مستويات دلاليّة : المستوى الأول : عبر مفهوم المكان و هو الجزيرة حيث استهل الشاعر القصيدة بتعريف حول بناء مكاني ذي إشارات مكانية ضاربة في عمق التاريخ والزمن والأسطورة، محاولا أستخدام المدلول الشعري لتوظيفها عبر عامليّ الزمكان و الأسطورة و التي تأتي هنا عبر الميثولوجيا الخاصة بالهنود الحمر السكان الأصليين لهذه الجزيرة، ألكتراز ، لذلك حشد الشاعر أمكانياته اللغوية و الشعرية عبر توظيفٍ سردي تمكن من لجمه عبر الصور الشعرية التي أنسابتْ بشكل تلقائي درامي ممتع في هذه القصيدة، فمن الصعب على القارئ تذوّق الدلالات الأحالية بدون فهم الأسطورة التي قادت الى الموضوع، و التي نجح الشاعر بتوظيفها بدقة فائقة في هذه النص رغم الاستطراد السردي الذي أخذ مداه في النص و دون خيال و لا تكثيف صوري لكن الفكرة قد صمدت في مقاطع النص فحولت السرد الى شعر فارتقى الى مصاف الجمال الشعري المستوى الثاني : توظيف الدلالة عبر علاقة عابرة مع فتاة هندية فالو لأعطاء بعد درامي للحدث يذكر برؤيا هوليودية ان القصص الناجحة في السينما لا تتولد الا عبر قصة حبٍ تكون بمثابة ثيمة الحدث، و الملاحظ هنا ان الشاعر وظّف هذه الثيمة بدربة و عناية فئقة و حقيقية عبر علاقته ب فالو ذات الجذور الهندية و التي تود ان تذهب الى جزيرة أجدادها لتتباهى بتأريخ زعيمها الذي وقف ضد الرجل الأبيض المختصب لحقهم التاريخي في المكان جزيرة ألكتراز المستوى الثالث : يستخدم فيها الشاعر حرف العطف "الواو" بصورة ملفتة فمن خلال 58 شطر عدد أبيات القصيدة عمد الشاعر الى أستخدام حرف العطف " الواو " 18 مرة اي أنّه تم توظيفه بثلث القصيدة و مهمة هذا الحرف هو ربط الأمكنة وأزمنة وشخصيات وحالات ورؤى وأفكار وقيم ونماذج وصور متعددة ومتنوعة في تشكيلاتها و الذي أدّى بدوه الى ربط نسيج القصيدة بشكل لفظي يؤدي الى وحدة الموضوع، حيث لعب حرف العطف دورا محوريا في المحافظة على النسيج الشعري على مستوى المكان و الحدث الدرامي و الفكرة من خلال الطاقة الفونيمية العالية التي تجمعت من خلال تكراره مرة18 مما عمل على توليد طاقة موسيقية أرتقت بالنص و حافظت على تماسكه من خلال الربطين الموسيقي و السردي الدلالتان النصيّتان في القصيدة : هذه القصيدة تحتوي على دلالتين نصيتين : الدلالة الأولى وهي الظاهرة : و هو مسرح الحدث الذي يحاول الشاعر ان يأخذنا اليه و هو عالم مرئي عبر مفاهيمه الدلالية من خلال لقائه بصديقة من جذور هندية تحاول ان تأخذه الى جزيرة ألكتراز و هي بعض من تراث قبيلتها الهندية و لم يجدوا قاربا يقلهما الى الجزيرة و هكذا تتوالى أحداث هذه القصيدة الدلالة الثانية المضمرة : هي ما يحمله الشاعر من فكرة تلبست بموقف خفي أزاء الرجل الأبيض و الذي يمثل غالبية السكان الأمريكيين و الذي يعني أغتصاب الحقوق الشرعية لسكان البلد الأصليين و بالنزعة الأمبريالية التي تكوّن ذاكرة القتل و الأحتلال و السيطرة في عقلية الأمريكي الأبيض و الذي لا يخفي الشاعر موقفه الحاد منه سواءا على مستوى هذه القصيدة ام على مستواه الشخصي فكل من يعرف الشاعر يعرف مدى كرهه لأمريكا و للرجل الأمريكي الأبيض و قد كان هذا الحدث مناسبة للشاعر ليصب غضبه على النزعة العنصرية المتمثلة في الرجل الأبيض وهذا هو المستوى الدلالي المخفي في القصيدة |
المشـاهدات 30 تاريخ الإضافـة 12/04/2025 رقم المحتوى 61476 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |