منور ملا حسون

الإبداع الأدبي يتوازى مع رقة الخيال ثم يلتقيان في مصب واحد، وهو إحياء الحدث وتعميق معناه .

 إن فيضان المشاعر الحساسة للقلب والحدس التخاطري ، اجتمعا في قصائد ديوان (بلا أنت !!! ؟؟؟ ) للشاعرة المعروفة ( فراقد السعد) إذ تمحورت تلك المشاعر في انتفاضة الروح الشاعرة لها .

وإن عنونتها لمجموعتها الشعرية  (بلا أنت !! ؟؟) وإدراجها ثلاثِ علاماتٍ للتعجب وثلاثِ علاماتٍ للإستفهام ، يُعدّ رمزاً لقدرتها الفكرية على ضم الاشياء وتأليفها في وحدة فنية جاذبة .

فهي تتساءل  .. ! وبلغة العصروهي تعيد محطات الحياة  :

يا لكَ..

حتى في غروبِكَ..

تُمازحُ عذاباتي

لأقفَ على قيامتي

كعذاباتِ يوسف

في قيامةِ الجبِّ

وكأنني..

في منفى الضياع

كلما قرأتَني ..

وجدتَني..

أقرؤني فيك..

وتغيبُ دونك..

فالمفردات الشفيفة التي فاضت بها قصائد الشاعرة ، تعكس رهافة بوحها بروح شفافة تخاطب قلب القارئ والمتلقي . فقد شدني ما نسجته يراعها المعطاء في مقطعٍ من قصيدة (وشم) إذ تقول  :

كنتَ وشما..

توغلَ في الجلد

أرشُّهُ بالماء..

يدندنُ بحنجرتي..

ويُزهرُ بكتاباتي

يصهلُ فرساٌ في دمي

وكأن لونَ الرمادِ..

إن  ما يميز الشاعرعن سواه هو الخيال ، لأن الشاعر الذي تكتمل عدته الشعرية يفرض ما يبثه خياله على المتلقي المُدرك .. ويعني أن للشاعر اثرا كبيرا في القدرة على تكوين صور ذهنية لدى المتلقي ..

إذ أن روحه المرهفة تدفعه إلى التقاط أفكار جديدة شكلاً ومضموناً .. وتشكيلها تشكيلاً خياليا ًمتميزاً ، فالخيال هو وسيلة الشاعر في ذلك .

    إن انتفاضة  الروح الشاعرة وفيضان المشاعر والحدس التخاطري ، كل ذلك تقود الى ترجمةٍ أمينةٍ لذات الإنسان .. وها هي شاعرتنا تترجم ذاتها في قصيدة (حينَ غَفى ) :

أنا..

أنا كلَّ ليلةٍ..

أُسْرِي إلى غيماتِكَ

إلى ما دونك بشهقة

أغدو بجُنحٍ..

قاب قوسين..

من جُنحِكَ الأوحدِ

وأتدلى بشراعِ حلم..

تقاسمناه ذات ريح

أعودُ..

أَعودُ أُجرجرُ ثُقلَ الليلِ..

أُباغتُ ملَكَ الأنفاسِ..

أتشبثُ بقرطهِ ..

برضا الله يأخذني..

إلى اللّا منتهى..

إلى حيث مُنتهاكَ

وتواصل الشاعرة في البناء الفكري للقصيدة نفسها,فجعلت المتلقي يسير معها بخطى مليئة بالخيال إذ تقول  :

  أراني أُسائلك..

هل اِنسلَّ شَعري من بين أصابعكَ؟

هل غفوتَ..

وأنتَ تُبسمِلُ كتابيَ المكنون؟

المُتشظي..

بأساطيرَ لا تُجيدُ سواكَ

الصباحُ دونكَ وحشة..

الصباحُ دونكَ عُتمة..

أغداً تُطفَأ الشموسُ!؟

ويشققُ الدمعُ أجفانَ الضياءِ

أغداً بلا أنتَ!!!

بلا إضمامة كفّي..

مُغيباً بينَ كفّيكَ!

قصائد المجموعة نابضة بالشعرية ..

فهي التي تمد النصوص بالأفكار الحية المعبرة عن الحياة ..