
![]() |
مسلسل ابن الباشا… معدّ أم مسروق؟!! (سؤال يحتاج الى توضيح)!! |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
شوقي كريم حسن
**منذ أن بدأ عرض مسلسل ابن الباشا على شاشة MBC العراق، كان واضحًا أنه ليس عملاً أصيلًا، بل إعادة تدوير باهتة لمسلسل إيراني، جرت عليه بعض التعديلات الشكلية ليُقدّم بوصفه إنتاجًا عراقيًا. لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: هل ما جرى مجرد “إعداد” وفق شروط محلية، أم أنه سرقة صريحة؟ولنكن أكثر وضوحًا، العمل ليس مجرد اقتباس مستتر، بل عملية استنساخ متعمد، تُظهر بوضوح استسهال المنتجين واستغباء الجمهور. فقد تم نقل القصة بحذافيرها تقريبًا، مع تغييرات سطحية في الأسماء وبعض التفاصيل الجانبية، في محاولة بائسة لطمس معالم الأصل. لكن مهما حاول صناع المسلسل التمويه، فإن الخيط الذي يربط النسخة العراقية بالعمل الإيراني واضح حتى للمشاهد البسيط. الأزمة الحقيقية ليست فقط في النقل الفجّ، بل في تفريغ العمل من أي روح عراقية حقيقية. ما شاهدناه على الشاشة هو بيئة مصطنعة، مفتعلة، بعيدة كل البعد عن واقع المجتمع العراقي بكل تعقيداته الثقافية والاجتماعية. فبدلًا من أن يعكس المسلسل طبيعة العراق بمآزقه الحقيقية، تم حشو المشاهد بمبالغات ساذجة وحوارات مسطحة، تهدف فقط إلى جذب المتلقي العادي دون أي عمق فكري أو درامي.وهذه ليست المرة الأولى التي تُرتكب فيها مثل هذه الجريمة الفنية، فقد اعتاد بعض المنتجين على نهج “القص واللصق”، متوهمين أن الجمهور العراقي لا يمتلك ذاكرة بصرية قادرة على كشف الحقيقة. و السؤال الذي يجب طرحه بجدية: إلى متى يستمر هذا الاستخفاف بالعقل العراقي؟ وإلى متى يُفرض على المشاهد إنتاج لا يمتّ له بصلة، لا فكريًا ولا اجتماعيًا؟، المسألة لم تعد مجرد “إعداد درامي”، بل هي سرقة موصوفة، تفتقر إلى أي إبداع أو رؤية فنية. المسلسل لا يقدم شيئًا جديدًا، ولا يسعى إلى تطوير الدراما العراقية، بل ساهم في تكريس حالة الإفلاس الفكري والتجاري، التي باتت سمة غالبة على كثير من الإنتاجات الحديثة. وإذا استمر هذا النهج، فليس غريبًا أن نرى مستقبلًا دراميًا عراقيًا يُبنى بالكامل على أعمال مسروقة، تُباع للمشاهد المحلي على أنها “إبداع وطني”.ابن الباشا ليس مجرد مسلسل، بل نموذج فجّ على ما آلت إليه الدراما العراقية عندما يسيطر عليها الجهل والانتهازية. إن ما حدث في ابن الباشا ليس مجرد خطأ فردي، بل هو انعكاس لمشكلة أعمق تضرب جذور الدراما العراقية. فمنذ سنوات، ونحن نشهد موجة متصاعدة من الإنتاجات التي تفتقر إلى الهوية الحقيقية، حيث يتم تفريغ الأعمال من محتواها العراقي الأصيل واستبداله بقوالب مستوردة، تُلصق عليها بعض اللمسات السطحية لتبدو محلية. لكن الحقيقة أن هذه الأعمال لا تمتّ بصلة إلى العراق، لا في الروح ولا في الجوهر.إن السرقة الفنية ليست مجرد تعدٍّ على حقوق الآخرين، بل إعلان صريح عن العجز الإبداعي. فحين يعجز الكاتب عن خلق نص جديد، وحين يفشل المنتج في تقديم رؤية متفردة، وحين يصبح الإعداد الدرامي مجرد عملية تجارية قائمة على النقل والقصّ واللصق، فذلك يعني أن الدراما لم تعد سوى سوق رخيصة لتصريف البضائع المستهلكة. في ابن الباشا، لم تك المشكلة في الاقتباس فقط، بل في الطريقة الفجة التي تم بها طمس الأصل وتقديم نسخة مشوهة لا تحمل أي طابع محلي حقيقي. المشاهد العراقي ليس مغفلًا، وهو قادر على التمييز بين العمل الأصيل والمسروق، لكنه للأسف محاصر بمنتجين لا يرون في الدراما سوى وسيلة لتحقيق الأرباح، حتى لو كان الثمن قتل الهوية الفنية العراقية.المأساة الأكبر أن هذه السياسة لم تعد استثناءً، بل أصبحت قاعدة. فبدلًا من دعم الكتاب العراقيين القادرين على تقديم دراما مستمدة من واقعنا، يتم استيراد الأفكار الجاهزة، وكأن العراق، بتاريخه العريق وأحداثه الدرامية المتفجرة، قد أصبح أرضًا عقيمة لا تنتج سوى السراب.وإذا كان هناك من يبرر هذا الأسلوب بضعف السوق أو قلة الإمكانيات، فإن الحقيقة أن العجز ليس في الموارد، بل في العقول التي تدير المشهد الدرامي. العراق لا يعاني من نقص في الكتّاب المبدعين، ولا في الحكايات التي تستحق أن تُروى، بل يعاني من استسهال خطير، ومن استغلال فجّ للدراما كسلعة تجارية بحتة، بلا أي التزام فني أو أخلاقي.إن استمرار هذه السرقات العلنية، دون حسيب أو رقيب، يعني أن الدراما العراقية ستظل رهينة لثقافة “اللصوصية الفنية”، حيث يتم إنتاج أعمال مشوهة لا تمتلك روحًا، ولا تترك أثرًا، ولا تقدم شيئًا يُذكر في تاريخ الفن العراقي.وإذا كان هناك درس يجب استخلاصه من ابن الباشا، فهو أن الدراما العراقية بحاجة إلى ثورة حقيقية، ثورة تطيح بهذه العقلية التجارية الرخيصة، وتعيد للفن العراقي كرامته المفقودة. وإلا، فسنجد أنفسنا يومًا ما نبحث عن العراق في الدراما العراقية… فلا نجده!!. |
المشـاهدات 31 تاريخ الإضافـة 15/04/2025 رقم المحتوى 61711 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |