الإثنين 2025/4/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 19.95 مئويـة
نيوز بار
منصات وكبوات
منصات وكبوات
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب وسن القيسي
النـص :

بين عبقريةِ اللغةِ العربيةِ التي اصطفاها اللهُ عزَّ وجلَّ ليُعجزَ بها العرب، وبين سِعتها التي وصفها حافظ إبراهيم بقوله:

 

أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كامنٌ

 

فهل سألوا الغوّاصَ عن صدفاتي؟"

 

تضجُّ المنصاتُ الأدبيةُ والعلميةُ، على اختلاف مستوياتها، بالكثير من الأخطاء اللغوية والنحوية الجسيمة، حتى باتت هذه الأخطاء تُشكل ظاهرة تستدعي الوقوف عندها. ومن المفارقات المؤلمة أن نجد من ينتسبون إلى اللغة العربية – شعراء، خطباء، وأكاديميين – يقعون في أخطاء نحوية بدائية؛ فينصبون المبتدأَ المؤخر، ويرفعون المضاف إليه، أو يخطئون في ضبط التراكيب الإعرابية الأساسية.وما يزيد الأمر إيلامًا أن نرى بعض الحاصلين على شهاداتٍ عُليا في اللغة العربية يقعون في مثل هذه الأخطاء، في حين أن نشأة علم النحو كانت في الأصل لضبط اللسان العربي وتقويمه، وقد أفنى العلماء الأجلاء أعمارهم في تقعيد قواعده وتدوينها.

 

ضرورة العناية باللغة

 

لو ألقينا نظرة على تاريخ اللغة العربية، لوجدنا عشرات، بل مئات، المؤلفات التي تناولت أوهام الخواص ولحن العوام، فضلًا عن ضرورة الالتزام بالقواعد النحوية حتى في الضرورة الشعرية. ومع التقدم التكنولوجي، أصبح الوصول إلى هذه المصادر ميسرًا، مما يجعل التذرع بصعوبة الاطلاع على القواعد اللغوية غير مقبول.

أليس الأجدر بشعرائنا وأدبائنا ومثقفينا أن يُعطوا لغتهم العظيمة بعضًا من وقتهم، فيراجعوا نصوصهم، ويضبطوا نحوهم وإعرابهم، كما يعتنون بمظهرهم الخارجي؟بين التيسير والإهماليرى بعضهم أن اللحن مبرر تحت ذريعة الضرورة الشعرية أو تبسيط اللغة، ويستشهدون بالعصور المتأخرة التي شهدت ضعفًا في الأداء اللغوي، بل ويستدلون بدعوات التيسير التي ارتفعت في العصر الحديث. غير أن هذا الطرح يُغفل الجهود العظيمة التي بذلها علماء اللغة في التدوين والتقعيد، والتي لا يمكن تجاهلها بعد كل هذا العناء والتطوير.فكيف يجوز، بعد قرون من التدوين والتصحيح، أن يقف شاعر أو خطيب يُفترض أنه يمثل اللغة العربية، ولسانه يترنح بين رفعٍ ونصبٍ وجرّ؟ وكأن أبا فراس الحمداني لم يكتب أبياته في وصف حاله مع محبوبته، بل في وصف حال اللغة مع أهلها حين ه العتبِ حين َ أُثابُ؟"العودة إلى الأصولإن ضعف الأداء اللغوي اليوم مرتبطٌ – إلى حدٍّ بعيد – بالابتعاد عن قراءة القرآن الكريم، الذي يمثل المرجع الأصيل لسلامة اللغة، فضلًا عن العزوف عن قراءة الدواوين الشعرية القديمة بتمعن.وليس من العيب أن تُشكَّل لجان متخصصة لمراجعة النصوص والإلقاء، بعيدًا عن المحاباة والمجاملات، فالمراسُ والدربة هما السبيلُ لصون اللسان من اللحن. وكما يعشق الفرسان الخيولَ العربية الأصيلة، ينبغي على فرسان اللغة العربية أن يعشقوا أدواتها، فيضبطوا كلماتها وإعرابها، ويجتنبوا الأعذار الواهية في الوقوع في الأخطاء.خاتمة:ليس المطلوب أن يكون كل متحدث بالعربية متخصصًا في النحو، ولكن من يحمل لواء الشعر والأدب والخطابة، عليه أن يكون جديرًا بهذه المكانة، وأن يُسعد الآذان بلغة سليمة تُحافظ على مكانة العربية، تمامًا كما حافظت العربية على مكانة أهلها عبر العصور.

 

المشـاهدات 22   تاريخ الإضافـة 20/04/2025   رقم المحتوى 61869
أضف تقييـم