النـص : حين يصبح العلم غطاءً للاستغلال الأساتذة الجامعيين ومرض السلطة: حين يتحوّل العلم إلى سلاح يُستخدم ضد الطلبة في مجتمعاتنا، ما زالت صورة "الأستاذ الجامعي" ترتبط بالاحترام والمكانة العلمية والثقة، لكن مؤخرًا بدأت هذه الصورة تتصدع. نسمع، بشكل متكرر ومقلق، عن حالات تورّط فيها أكاديميون في جرائم أخلاقية بحق طلابهم. بعضها يصل إلى العلن، لكن الكثير منها يُطوى في الظل خوفًا من العار والفضيحة، لا سيما في مجتمعات محافظة تعتبر الحديث عن هذه القضايا نوعًا من "كشف المستور".المؤلم في الأمر أن الضحايا لا يسلمن (ولا يسلمون) من وصمة العار. سواء كنّ إناثًا أو ذكورًا، كثير منهم يختارون الصمت أو الانسحاب نهائيًا من الحياة الأكاديمية، وربما من الحياة نفسها، كما توحي به حالات انتحار غامضة تُسجل بلا تفسير مقنع.والأدهى من الجريمة ذاتها هو الاستعراض الإعلامي الرخيص. صفحات التواصل الاجتماعي تتسابق لنشر "الفضيحة" دون أي اعتبار لكرامة الضحية أو آثار الفضيحة على مستقبلها، وكأن المأساة مجرد فرصة لتحقيق مشاهدات وتفاعلات.لكن ما الذي يدفع أستاذًا أكاديميًا – من المفترض أنه القدوة – إلى هذا الانحدار؟الجواب قد نجده في مفهوم نفسي يُعرف بـ "متلازمة هوبريس" (Hubris Syndrome)، أو "مرض السلطة"، وهو اضطراب نفسي قد يصيب من يتولى مناصب ذات نفوذ، خاصة إذا غابت الرقابة وطال البقاء في المنصب. ويُشخّص عادة عند توفر أربعة أعراض على الأقل، منها: 1. الغرور المفرط، وانعدام الثقة بالآخرين. 2. تضخم الأنا واحتقار المحيط. 3. اتخاذ قرارات تعسفية دون مشورة، مع تجاهل عواقبها. 4. الانفصال عن الواقع، والنرجسية التي تدفع الشخص لرؤية مصالحه على أنها مصالح الجميع.لكن الأهم من التحليل النفسي هو التساؤل الأخلاقي:هل السبب هو خلل في المبادئ؟ أم فساد أخلاقي؟ أم غياب التربية الدينية والرقابة الذاتية؟هذه الأسئلة لا يجب أن تُطرح كنوع من الفلسفة النظرية، بل كخطوات أولى نحو تغيير حقيقي.لابد من إنشاء منظومات شكاوى آمنة داخل الجامعات، ومحاسبة عادلة للمتورطين، وتثقيف شامل للطلاب والطالبات حول حقوقهم، ودورهم في حماية أنفسهم ومجتمعهم.السلطة ليست مطلقة، والتعليم لا يبرر الاستغلال، والصمت لم يعد خيارًا.فلنرفع الصوت، لا لفضح الضحايا، بل لحمايتهم
|