
![]() |
فرج ياسين… قاصُّ النّحت على الهواء: فجيعة الغياب وبهاء الحضور السردي.!!! |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
توضيحات لمناسبة الغياب/شوقي كريم حسن
فرج ياسين، ذلك القاص الذي ظلّ يمشي على أطراف اللغة، كي لا يوقظ فينا جرحًا نائمًا، أو ذاكرةً معلّقة بين الحياة والمحو. لم يكن من أولئك الذين يصخبون بأسمائهم، ولم يكن صوته بين المهرولين إلى منصات الظهور. كان صوته من نوع آخر… خفيض، عميق، شجي، كأنّه يأتي من بئر بعيدة حفرتها الروح على مهل، وسكبت فيها كل ما لم يُقل. الآن، بعد أن غاب، ننتبه إلى فداحة الخسارة. نحدق في الفراغ الذي تركه، فلا نكاد نرى سوى القصص تتلوى من الحنين. ولد فرج ياسين وفي داخله حكاية، ولم يتوقف يومًا عن الاستماع إلى ما تقوله الأشياء المهملة في الزوايا. لم يكن يكتب ليُبهر، بل ليكشف، لا ليتكئ على الحدث، بل ليغوص في ما بعد الحدث، في ما يُخفى ويُنسى ويُراد له أن لا يُروى. لذلك كانت قصصه أشبه بشظايا حلم، أو بنُسخ ناقصة من حياة لا تكتمل أبدًا. لا يخدعك حجم القصة القصير، فثقلها يكمن في ما تسكته أكثر مما تقوله.لم تكن القصة القصيرة عنده نوعًا أدبيًا فحسب، بل خلاصًا وجوديًا، تمرينًا على الصمت، ومقاومة لثرثرة العالم. في زمنٍ انصرف فيه معظم الكُتّاب إلى الرواية، ظل هو في مقره الأخير، حارسًا أمينًا لحبة القمح الصغيرة، التي تسمى “قصة”. وكان يعرف أن القصة ليست مجرد حكاية تُروى، بل هي تمرين على الحذف، اختبارٌ للدهشة، ومساءلةٌ عميقة لفوضى العالم من خلال تفصيلة عابرة أو نظرة قصيرة.لغة فرج ياسين ليست ما نعتاده من اللغة، إنها لغة مصقولة بالصمت، محفوفة بالشك، ومشبعة بالإيحاء. كأنها جاءت من مسوّدة حلم لم يكتمل، أو من دفتر كان يكتبه طفل خائف تحت ضوء شمعة. لذلك لا يمكنك أن تمر على نصه مرورًا عابرًا، بل عليك أن تتوقف… أن تنصت… أن تتنفس معه، ثم تخرج وأنت مشبع بالحيرة، لا باليقين.قصصه لا تنتهي، بل تتبخر، كما يتبخر الحزن في وجوه العائدين من المقابر. وهي لا تبدأ من لحظة الحدث، بل من اللحظة التي تليه، تلك اللحظة التي يُقال فيها كل شيء دون أن يُقال. وكان يؤمن بأن القصة الناجحة ليست ما يُحكى فيها، بل ما يُحذف، ما يُخفى، ما يُترك للقارئ كي يكتشفه في صمت ذاته.فرج ياسين لم يكن يكتب عن الحرب بوصفها اشتباكًا دمويًا، بل كان يكتب عن ما تتركه الحرب من ظلال في روح امرأة، أو في فم طفل فقدَ صوته، أو في مشهد نافذة أُغلقت دون سبب. لم تكن مآسيه صاخبة، بل كانت تتسلل كالماء بين الأصابع، تبلل القارئ دون أن يدرك متى بدأ البلل.الآن، بعد أن ترجل من قطار الحياة، نقرأه كأننا نعيد اكتشاف الكتابة. لا نرثيه، بل نعيد النظر في معنى القصة، ونسأل أنفسنا: لماذا كان مخلصًا لهذا الفن حتى اللحظة الأخيرة؟ ولماذا لم ينجرف إلى ما هو أسهل؟ الجواب واضح لمن قرأه: لأنه كان يعرف أن القصة القصيرة فن النُبل الأخير، فنّ الذين يكتبون كي لا ينسوا، وكي لا يُنسوا. وحين نحاول تفكيك ما فعله فرج ياسين في مجموعاته، ندرك أنه لم يكن يروي الحكاية بقدر ما كان يعيد خلق الحياة في أبسط صورها وأكثرها إيلامًا. كان يعرف كيف يحفر في الحروف، لا ليزخرفها، بل ليكشف هشاشتها، هشاشتنا نحن في مواجهتها. كان القاص الذي أدرك باكرًا أن الثرثرة لا تكتب أدبًا، وأن الضجيج لا يبني نصًا، فكان يمضي على حافة الجملة، يمسّدها، يضعها في الضوء الخافت، ثم يتركها تتكلم.لم تكن القصة عنده رصّة أحداث، ولا بناءً دراميًا محكمًا وفق النموذج الكلاسيكي، بل كانت سردًا من نوع خاص، يسير بمحاذاة الغياب، ويعتمد على ما لا يُقال. قد يبدأ النص عنده من تفصيلة صغيرة جدًا: رائحة قهوة، ظل نافذة، ارتجاف يد، لكنه ما يلبث أن يغوص بالقارئ إلى عمق إنساني يصعب الخروج منه. لا عجب أن القارئ، عند نهاية نص من نصوصه، يشعر وكأنه استيقظ للتو من حلم ثقيل، حلم لا يمكن تفسيره، لكن لا يمكن نسيانه أيضًا.هو من القلائل الذين لم يسعوا لأن يكونوا ضمن “المشهد”، ولا في صدارة الاحتفاليات. ظلّ يكتب كما يُصلّي الناس في الزوايا المنسيّة، بلا أضواء ولا تصفيق. لذلك ظلّت كتاباته تحمل طزاجة الاكتشاف، وحرارة الوجدان. لم يدخل اللعبة الثقافية، ولم يقايض نصّه بأي شيء. لم يزاحم، لم يصرخ، لم يحتج، بل كتب. وحين كتب، فعل ما هو أكبر من كل احتجاج: نحت ذاته من داخل اللغة.تجربته مع الزمن مختلفة أيضًا، فقد كان يميل إلى تبطيء الوقت داخل القصة، إلى تقطيعه، وتمزيقه، وإعادة تركيبه كأنه موسيقى تجريبية. لا زمن خطيًا في نصه، بل ومضات، ارتدادات، استذكارات، وحالات ذهنية تفصل القارئ عن الشعور بالعادية. وهذا ما جعل قصصه أقرب إلى الشعر منها إلى الحكي التقليدي. كأن كل نص له يريد أن يكون قصيدة، لكن بلغة السرد.ولعلّ من المهم الإشارة إلى أن فرج ياسين لم يكن مجرد قاص، بل كان من أوائل من تنبّهوا إلى نقد القصة القصيرة من الداخل. كتب عنها بوعي العارف، وبحسّ من تمرس بتقنياتها ومزالقها. لذلك كانت ملاحظاته النقدية حول هذا الفن تشكل إضافة حقيقية للمكتبة السردية العراقية. لم يكن يكتب مقالات مديح، بل مقالات مواجهة، بلغة مقتصدة لكنها دامغة. ولطالما دافع عن القصة القصيرة كفن مقاومة في وجه الزحف الروائي، وكفضاء لا يزال يحمل ما لا تستطيع الرواية حمله من تفاصيل الروح اليومية.الآن، وأمام الغياب، ندرك أن خسارتنا ليست في جسد مضى، بل في صوت لن يتكرر. في عالم بات يفيض بالحكايات المعلّبة، تظل قصص فرج ياسين كأنها وردة برية نبتت في صدع الجدار. لا يمكن تقليدها، ولا يمكن تلخيصها. هي موجودة هناك، بين السطور، وفي المساحات البيضاء، وفي ذلك الصمت الذي يسبق الكلمة ويمنحها معناها الحقيقي.لقد كان فرج ياسين، في جوهره، كاتبًا وجوديًا، حتى وإن لم يعلن ذلك صراحة. كان وجوديًا من خلال صمته، من خلال اختياراته لموضوعاته، ومن خلال اشتغاله على الإنسان المهمش، المكسور، المهمل داخل المجتمعات التي لا تلتفت لآلام أرواحها. كان يرى في الكتابة وسيلة إنقاذ، لا إنقاذ الآخرين، بل إنقاذ الذات من الغرق في القسوة، من الذوبان في البلادة. وربما لهذا السبب لم ينجرَّ خلف الأشكال السائدة، ولم يسعَ إلى تكرار ذاته، بل ظلّ كل نصّ عنده مغامرة داخل منطقة لم تطأها قدماه من قبل. لم يكن فرج ياسين يكتب من أجل النشر وحده، ولا من أجل الجوائز التي لا تستوعب غالبًا ما هو أبعد من الصنعة. كان يكتب لأنه وجد في الكتابة تلك المنطقة الوحيدة التي يمكن للإنسان أن يكون فيها حرًا، حتى وإن بدا صامتًا أو منكمشًا. وربما كانت هذه الحرية الداخلية هي ما منحه القدرة على الاستمرار، حتى حين تراجعت القصة القصيرة عن الصدارة، وحتى حين خفت الحديث عن القاصين، وانشغل الوسط الأدبي بالرواية، وبالفضاء الواسع المفتوح على الاستعراض.فرج ياسين لم يكن يحكي لنا حكايات الآخرين، بل كان يعيد بناء الحياة من الداخل، من أعماق النفس، من الخوف، من القلق، من الشعور بالفقد الذي لا يُسمى. ولذا فإن كثيرًا من شخصياته لا أسماء لها، ولا هويات واضحة، لأنها شخصيات وُلدت من التعميم الوجودي، لا من الهوية الاجتماعية. كانوا ضحايا دون قاتلين، متأملين دون خطباء، عاشوا داخل النص كما نعيش نحن في حياتنا… مرتبكين، وحيدين، مهددين، لكنهم متشبثون بأمل صغير لا يُقال.ولم يكن أسلوبه مجرد تقنية، بل كان موقفًا جماليًا وأخلاقيًا. فهو لم يكتب بأسلوب مكثف لأن القصة تقتضي ذلك فحسب، بل لأن الحياة عنده ليست قابلة للتبديد، كل كلمة محسوبة، كل جملة تحمل وجعًا، أو ترددًا، أو محاولة لقول ما لا يُقال. أسلوبه ضرب من الاقتصاد الروحي، لا مجرد اختزال لغوي. وكأنّ كل نص هو وصيّة مكتوبة على جلد القلب.اليوم، حين نعيد قراءة أعماله، نشعر أنه لم يغادر أبدًا، بل ترك لنا ما يشبه الطريق… طريقًا خافت الضوء، ضيقًا، لكنه يقود إلى عمق لم نبلغه من قبل. وهذه ميزة الكبار: لا يذهبون، بل يبقون في ما كتبوه، في ظلال النص، في شجن اللغة، وفي تلك المسافة الحريرية بين القارئ والحرف.لعلّ أنبل ما يمكن أن يُقال في وداع فرج ياسين أنه عاش كاتبًا حقيقيًا، ومات كاتبًا حقيقيًا… لم يتورط في الادّعاء، ولا في الاستعراض، ولم يقايض قلمه بأضواء زائلة. عاش وهو يعرف أن الكلمة التي لا تُكتَب بدم القلب لا تساوي شيئًا، ومات وهو يترك لنا دم قلبه كلّه، موزّعًا على صفحات صامتة، تنتظر من يصغي، لا من يصفق.نشأ فرج ياسين في مدينة تسكنها الحكايات، لكنها لا تتكلم كثيرًا. مدينةٌ تعرف كيف تخفي وجعها وراء صمت الأزقة، وتكتب سيرتها على جدران البيوت المائلة، وفي عيون العابرين. هذا المناخ الصامت، المكتنز بالمعاني الخفية، شكّل وجدانه المبكر، وجعله يميل إلى الإصغاء أكثر من الكلام، وإلى الحفر في التفاصيل أكثر من الجري وراء العناوين. منذ بداياته الأولى، لم يكن معنيًا بالصوت العالي، بل بالشروخ الدقيقة التي تفسد لحن الحياة.تكوينه الثقافي لم يكن أكاديميًا صرفًا، ولا تقليديًا، بل كان ابنًا للقراءة الحرة، للكتب التي تُقتنى بشغف لا بمنهج. قرأ الشعر والسرد والفلسفة، لكنه اختار القصة القصيرة لأنها الأقرب إلى مزاجه الوجودي، ولأنها تحتمل ما لا تحتمله الأشكال الأخرى من توتر وكثافة واشتباك صامت. لم يكن يكتب ليشرح، بل ليحرض على التفكير، على التورط الوجداني. وحين كتب، تشكّلت لغته على مهل، كأنها تتعلم السير في حقل ألغام، حقل من الذكريات، من التأملات، من المشاهد العابرة التي تحمل ما لا يُقال.في نصوصه، لا نكاد نسمع ضجيج المدن، بل نسمع الصدى، الأثر، التنهد الأخير بعد العاصفة. كأنّ كل شيء وقع منذ زمن، ولم يتبقَّ لنا سوى أن نتأمل ما تركه من خراب داخلي. هذه الرؤية، التي تميل إلى ما بعد الكارثة، جعلت قصصه أقرب إلى رسائل داخلية، تُقرأ في لحظة انفراد مع النفس، لا في قاعة دراسية أو منتدى ثقافي صاخب. لقد ظلّ فرج ياسين وفيًا لما يمكن أن نسميه “فلسفة الظل”. لم يُغْرِه الضوء، ولم يستسلم لنداء الواجهة. كتب كما يعيش، وعاش كما يكتب، بلا ادعاء ولا تزويق. لا يهمه أن يملأ الفضاء، بل أن يملأ الفراغ الداخلي للنص، ذلك الفراغ الذي لا يُرى، لكنه يُحس. وهكذا، فإن مجموعاته القصصية ليست كتبًا تُقرأ فحسب، بل هي عوالم تُعاش، لحظات تتسلل إلينا ببطء، تترك أثرها فينا دون أن ننتبه فورًا.وكان في مواقفه الثقافية أيضًا على نفس القدر من التواضع والصلابة معًا. لم يكن صامتًا عن قضايا الأدب، بل كان يكتب بجرأة، لكن بلغته الخاصة، البعيدة عن الضجيج، القريبة من الوعي. دعا إلى إعادة الاعتبار للقصة القصيرة، لا بالهتاف لها، بل بكتابتها من جديد، من الداخل، بإيمان، وبحرفية لا تساوم.الآن، حين نضع اسمه إلى جانب كبار القصة العراقية، نجده بين أولئك الذين لم يرضوا بأن يكونوا تابعين لأي موجة. سار وحده، وترك أثرًا لا يمحى، لأنّه ببساطة لم يقلد أحدًا، ولم يركض خلف أحد. ولأنه كان يكتب وكأن كل نصّ هو الأخير، وكأن كل قصة هي فرصته الوحيدة ليقول ما يجب أن يُقال.قصص فرج ياسين ليست مبنية على مفاجآت حبكة أو انقلابات درامية فجائية، بل على التسلل البطيء إلى الداخل، حيث تتفتح الكشوف النفسية كما تتفتح ندبة قديمة. هو لا يطرق الباب، بل يمر من خلال الجدار، ويصل إلى عمق الشخصية دون أن يرفع صوته. وعليه، فإننا حين نقرأه، لا نبحث عن “ماذا حدث؟” بل نغرق في “كيف عاش الحدث؟”، كيف أوجع الشخصية؟ كيف شوه إحساسها بالزمن والمكان؟في قصته “الضحك في الزنزانة”، لا يضعنا في قلب الحدث السياسي أو مشهد السجن العنيف كما يفعل كثيرون، بل يقودنا إلى ابتسامة غامضة، انكسار داخلي يعيشه السجين حين يضحك… لا من النكتة، بل من عبث المعنى. إن لحظة الضحك في تلك القصة أقسى من كل صرخات التعذيب، لأنها الضحك الذي يأتي بعد انكسار الفهم، بعد أن يصير الظلم جزءًا من نسق لا يمكن تغييره. وتلك اللحظة وحدها، بقدر ما هي بسيطة في البنية السردية، لكنها عميقة بما يكفي لتهز يقين القارئ.أما في قصته “الغائب الذي لم يأتِ”، فإن فرج ياسين يُسائل الغياب بطريقة لا تعتمد على الانتظار فحسب، بل على التحلل التدريجي للزمن في داخل الشخصية. الغائب في النص ليس شخصًا واحدًا، بل هو الحياة كلّها حين تغدو وعدًا لا يتحقق. وهكذا تنقلب القصة إلى مرثية صامتة، لا لفرد غائب، بل لزمنٍ ضاع بلا رجعة. ويكمن تميزه في قدرته على تحميل المشهد البسيط بدلالات رمزية ممتدة، كما في قصته “ظلّ العربة”، حيث يتابع مشهد عربة تمر في شارع صغير، لتكون العربة ذاتها رمزًا للعبور والزمن والمصير الغامض، بينما “الظل” يصبح بؤرة الرؤية، كأن الظلال وحدها تحكي الحقيقة بعد أن اختفى كل شيء آخر في الضوء. كما تتكرر في نصوصه ثيمة “الصوت المبتور”، فشخصياته غالبًا عاجزة عن التعبير الكامل، تتكلم بجمل قصيرة، تهمس أكثر مما تصرخ، وغالبًا لا تقول كل ما لديها. هذا “القص” داخل اللغة يقابله “القص” داخل الذات، لأن الشخصية عنده لا تبحث عن الخلاص، بل تحاول فقط أن تظل واقفة رغم العطب. وفي مجموعته “دخان في الرأس”، تتجلى تلك النزعة في أوضح صورها، حيث القصص تبدو كأنها لوحات من الضباب، مشاهد غير مكتملة، لكنها مشحونة بعاطفة دفينة. وكأن الكاتب لا يريد أن يقول كل شيء، بل أن يترك ما يكفي من البياض، ليشترك القارئ معه في إعادة كتابة النص داخل وجدانه. ما يجعل قصص فرج ياسين حاضرة بقوة رغم خفوتها هو هذا الإخلاص الدائم للإنسان، لا للحدث، ولا للشكل، بل للإنسان حين يكون عاديًا، منسيًا، لا بطلًا ولا ضحية. إنسانٌ يقف على الرصيف، ينظر في المرآة، يشعل سيجارة، ينسى موعدًا، ثم يختفي دون أثر. لكن هذا الاختفاء هو ذاته المعنى الأكبر |
المشـاهدات 27 تاريخ الإضافـة 27/04/2025 رقم المحتوى 62197 |