
![]() |
المعادل الموضوعي وتبئير المكان و...في نص "لغة المطر" للشاعرة نبيلة زباري . |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
مؤيد عليوي
نص" لغة المطر " / الشاعرة نبيلة زباري بين الشوارع القديمة.. والمقاهي الناعسة.. ورائحة الحنين.. تسير.. تعزف خطواتك لحناً في قلبي تغمرك لغة المطر.. يبللك الأحساس المنهمر.. تتهجاك أبجدية الرذاذ.. صوتي معك... متمرغاً في موسيقى الهطول/ البوح.. أخبرك شيئاً.. وشيئاً.. وأشياء.. أهمس لك كي لا تسمعنا الأرض بل كي يتسامى الهمس الى السماء.. بين الشوارع القديمة.. تسير.. تساوم الطريق.. والزهور الأرجوانية تناجي أصص الفخار.. أحجار الممرات تعد السنين على وجهها.. والمنعطفات باذرة الصدى ترسم صورة لشوق يسيل على جبين النهار.. هذا النحل.. يرقص حول وسن الهواء لفرط العسل.. ولون أخضر يصلي على سجادة الزيتون.. فالحمائم تنتظر.. لعل البيادر تسافر الى بقعة تحضن نبوءة.. السلام.. لعل البحر يعبر الحقول والجزر يفك عن موجه الحصار.. ويرفع الأبيض راية.. وياسمين.. فتسمع نبضي هناك.. يغزل المطر بالأشرعة.. وينسج للشوارع القديمة أبسطة الرذاذ أبسطة.. كالحب.. في بهو الغفران.. تمتد.. تمتد الى سلم وتمتد.. تمتد .. الى لقاء قال ت.س اليوت مُعرّفاً المعادل الموضوعي انه التعبير عن العاطفة بصورة فنية في النص الشعري، وهذا التعريف يختص بالشعر، أو يختص بالعاطفة والإحساس أينما وجد في نظرة ثانية غير نظرة اليوت للشعر، فربَّ نصٍ من النثر الفني غزير بالعاطفة والإحساس ،وقد كتبتُ كتاباً معنونا " المعادل الموضوعي والسردية الجديدة في رواية "حب عتيق" لعلي لفتة سعيد " من إصدار دار الورشة الثقافية في شارع المتنبي سنة ٢٠٢١، إذ فيها العاطفة والإحساس من شاعر يمارس كتابة الشعر هو مؤلفها علي لفتة سعيد فيعبر عن عاطفته بصورة فنية نثرية تقارب اللغة الشعرية ..، أما مصطلح" تبئير المكان " فقد كان في كتابي : " تبئير المكان / البيت في سردية للمرأة العربية (٢٠١٥ – ٢٠١٩ ) ، طبعة دار السكرية ،القاهرة ،٢٠١٩ ، اذ تناولتُ في جزء منه قصص القاصة التونسية هيام الفرشيشي وهي أيضا توظف المكان بصورة إبداعية في تفاعل لشخصياتها القصصية فيه، كما نجد تفاعل الشاعرة نبيلة زباري في نصها هذا قيد حنينها الى لقاء حبيبها ،حيث صار عنوان الدراسة هاهنا " المعادل الموضوعي وتبئير المكان الشعري" تجده في إحساس الحبيب ترويه الذات الشاعرة للشاعرة نبيلة زباري في حالة من الترقب له وكأنها تستعيد ذكريات مرّت بها وهي تتابعه عن بعد شأن النساء التي تعشق لترى حبييها عن قرب وهو وحده ينتظرها وهذا في بواكير النص الأولى منذ اللحظة الأولى كانت تراه من بعيد في بداية النص : (( بين الشوارع القديمة..)) الى (( أخبرك شيئاً.. وشيئاً.. وأشياء../ أهمس لك/ كي لا تسمعنا الأرض/ بل/ كي يتسامى الهمس الى السماء ..)) في هذا البوح الذاتي إذ هي بعيدة عنه هو ولم تره ولم يحدث اللقاء الشعري كما في خاتمة النص أبسطة.. كالحب.. في بهو الغفران../ تمتد.. تمتد الى سلم /وتمتد.. تمتد.. الى لقاء)) فهي تريد اللقاء وتغفر له عدم حضوره لها هذه المرّة حيث المكان/ الشوارع القديمة التي سبق وكان ينتظرها فيها لذا نلحظ بعد نهاية المقطع ((أخبرك شيئاً ..)) نرى المقطع الوسطي من النص الذي يبدأ كما بدايته ((بين الشوارع القديمة../ تسير../)) الى نهاية النص يعود بالتعبير عن احساسه هو، وهذا التقسيم الفدرالي للنص تقوده مركزية إحساس ومشاعر الشاعرة نبيلة زباري للقاء حبيبها الذي جاء بالنص كمعادل موضوعي عن عاطفتها، فيما يفيد هذا التقسيم أيضا في تبئير المكان الشعري في النص إذ التفاعل في المكان والاحساس للشخصية -هو أو هي - يبيّن تأثير المكان في ذاك التفاعل، حيث كانت هي في المقطع الأول تتجول في الشوارع القديمة التي تشهد لقائهما، وربما كانت تلك الشوارع في ذاكرة الشاعرة لتعبر ذاتها الشاعرة عن الاخر بهذه الصورة الفنية (( بين الشوارع القديمة../والمقاهي الناعسة../ورائحة الحنين../تسير..)) اذ كان تفاعله هو في تلك الشوارع القديمة التي هي في المدن القديمة ((بين الشوارع القديمة../تسير../تساوم الطريق../والزهور الأرجوانية/تناجي أصص الفخار../أحجار الممرات)) من المقطع الاخير من النص، لنرى تأثير المكان كبيرا وتفاعله كان مؤثرا فهو يرى (المقاهي ناعسة ) أو هي تروي المقاهي ناعسة بمعنى غير صاخبة، فهي كانت ترقبه ثم يسير يساوم الطريق يساوم الخطوات والزهور الارجوانية وأوانيها الفخارية الحاضنة لها ( تناجي أصص الفخار..) والفعل( تناجي ) يدل على حركة نفسية في داخله وهو يرى ما حوله في المدينة القديمة ثم يطرق رأسه ليرى ( ../أحجار الممرات) مثلما أية انسان يفكر، ثم إن اغلب المدن القديمة أزقتها وممراتها مكسية بالحجر دون الأسفلت، ولكن بما يفكر وهو كله لهفة للقائها، هل ينتظرها أمْ يذهب ويعيد ترتيب لقاء ثانٍ معها ؟ لذا جاءت الصورة الفنية بهذه الفن والجمالية الشعرية للتعبير عن حنينها هي إليه في تلك الحظة من كتابة النص ..وهكذا نرى تفاعله هو في المكان وتفاعلها هي مع امكنة النص الشعري فيكون الجزء الخاص بها تظهر الذات الشاعرة للشاعرة نبيلة زباري في (( أخبرك شيئاً.. وشيئاً.. وأشياء../ أهمس لك/ كي لا تسمعنا الأرض/ بل/ كي يتسامى الهمس السماء..)) في هذا الجزء المستل من الحديث الشفاهي اليومي وكأنها تراه او هي تريد ان تراه في المدينة القديمة والحياة فيها فيما يعبر الموطن ذاته من النص عن قوة تأثير المكان في تفاعله للأخبار والحديث والحوار والبوح له .. بعد هذا من فكرة الدراسة النقدية الأدبية للنص" لغة المطر " ، سوف أترك ما بقي من النص ليساهم المتلقي القارئ بإكمال تجربته في "المعادل الموضوعي وتبئير المكان .."مع ما بقي من النص، بحثا عن تأويليه في المدلول الشعري لنص نبيلة زباري من تونس ، وبعيدا عن مركزية وسطوة سطور هذه الدراسة ، فمَن يقرأ النقد الأدبي في صحيفة أو مجلة وفي غيرهما، لديه الإمكانية النقدية والتجربة في التلقي والمشاركة في هذا النص النقدي الأدبي |
المشـاهدات 56 تاريخ الإضافـة 03/05/2025 رقم المحتوى 62447 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |