الثلاثاء 2025/5/6 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم جزئيا
بغداد 29.95 مئويـة
نيوز بار
الإمارات..حصان طروادة الخليجي
الإمارات..حصان طروادة الخليجي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب ناجي الغزي
النـص :

منذ أكثر من عقد، تتصرف الإمارات العربية المتحدة كقوة إقليمية صاعدة بوجه إمبريالي مموَّه بالدبلوماسية والمال، بينما تنفذ سياسة خارجية تتسم بالاختراق، والتخريب، وتفكيك الدول الوطنية من الداخل. تسوّق نفسها كدولة استقرار، لكنها في الواقع تُعيد تشكيل الجغرافيا السياسية العربية بما يخدم طموحاتها السلطوية، وذلك عبر أدوات متعددة: التدخل العسكري، ودعم الانقلابات، وشراء الولاءات، وبناء نخب تابعة تخدم مصالحها، لا مصالح شعوبها. النوايا الشيطانية لهذا المشروع تتجلى بوضوح في ملفات غزة، اليمن، السودان، مصر، والصراع المكتوم مع الجزائر ومن ثم العراق.

 

1. قطاع غزة: واستثمار الدم الفلسطيني

 

التحركات الإماراتية الأخيرة ضد خطة ما بعد الحرب في غزة، والتي وضعتها مصر وصادقت عليها الجامعة العربية، تكشف رغبة إماراتية صارخة في السيطرة على المشهد الفلسطيني. بدلاً من دعم الجهد العربي، عملت الإمارات على نسف الخطة عبر الضغط على إدارة ترامب، رافضةً أي تصور لا يتضمن إخراج حركة حماس بالقوة، ولو على حساب تهجير الفلسطينيين قسراً إلى سيناء. الأسوأ من ذلك، هو الترويج لمحمد دحلان، رجل الإمارات، كحاكم لمرحلة ما بعد الحرب، دون أي شرعية شعبية. هذا تدخل سافر في مصير قضية يفترض أنها “قضية الأمة”، وليس ورقة للمناورة السياسية.

 

2. اليمن: من دعم الشرعية إلى تفكيك الدولة

 

دخلت الإمارات الحرب في اليمن تحت شعار دعم “الشرعية”، لكنها سرعان ما انقلبت على ذلك، وسعت لتقسيم البلاد. دعمت المجلس الانتقالي الجنوبي بالسلاح والتمويل لتقويض الحكومة اليمنية، وبنت ميليشيات موازية للجيش، أبرزها “ألوية العمالقة” و”قوات الحزام الأمني”، وحوّلت ميناء عدن وجزيرة سقطرى إلى قواعد استراتيجية تخدم مصالحها الاقتصادية والأمنية. لم يكن الهدف إعادة الشرعية، بل الهيمنة على موانئ اليمن والتحكم بمضيق باب المندب وخطوط الملاحة.

 

3. السودان: دعم الانقلاب والانقضاض على الثورة

 

في السودان، وقفت الإمارات ضد الثورة الشعبية التي أسقطت عمر البشير، وسعت لإعادة بناء النظام عبر الجنرالين حميدتي والبرهان. مولت قوات الدعم السريع وقدّمت لها غطاءً سياسياً وإعلامياً، ثم دعمت الحرب الأهلية الجارية حالياً، ما تسبب بمقتل الآلاف وتشريد الملايين. لا يعني الإمارات استقرار السودان، بل بناء تحالفات تابعة في بلد غني بالموارد، وتحويل جيشه إلى أداة مرتزقة كما فعلت مع قوات سودانية نُقلت للقتال في اليمن وليبيا مقابل المال.

 

4. مصر: الهيمنة المالية وتهميش القرار السيادي

 

رغم تحالفها المعلن مع القاهرة، تعاملت الإمارات مع مصر كدولة بحاجة دائمة للدعم، وسعت لترويض القرار المصري عبر الدعم الاقتصادي المشروط. في المقابل، تستغل الإمارات الأزمات المالية في مصر لشراء أصول استراتيجية (موانئ، مصانع، أراضٍ)، وتحاول توجيه القرار السياسي المصري ليتماشى مع رؤيتها في ملفات ليبيا، فلسطين، والسودان. تحولت العلاقة من شراكة إلى هيمنة ناعمة، تمارسها أبوظبي باستخدام أدوات المال والضغط السياسي الأمريكي.

 

5. الجزائر: صراع خفي على النفوذ والهوية السياسية

 

رغم غياب التدخل العسكري المباشر، تنظر الإمارات إلى الجزائر كعقبة أمام مشروعها التوسعي، بسبب تمسك الجزائر باستقلال قرارها، ودعمها للقضية الفلسطينية، ورفضها التطبيع مع إسرائيل. حاولت الإمارات التسلل عبر المال والإعلام، ودعمت بعض الأصوات الانفصالية في منطقة القبائل، وموّلت حملات إعلامية ضد مؤسسات جزائرية سيادية. تصاعد هذا الصراع المكتوم مؤخراً مع تقارب الجزائر مع تركيا وقطر، ما أثار مخاوف الإمارات من بروز محور مغاربي يعارض مشروعها في المشرق.

 

6- العراق أمام الاستقطاب والاختراق الاماراتي

 

في العراق، تسعى الإمارات إلى اختراق البنية السياسية السنية أولاً، ومن ثم التأثير في القرار المركزي عبر أدوات محلية تدين لها بالولاء المالي والسياسي. طحنون بن زايد، بصفته مهندس السياسات الأمنية للإمارات، يدير هذا المشروع عبر بوابة “الاستقرار” التي تروج لها أبو ظبي كغطاء لتدخلها. لكن واقع الحال يشي بأن الغاية ليست استقرار العراق، بل تحويله إلى ساحة نفوذ إضافية في صراع المحاور الإقليمي، وامتداداً أمنياً للتطبيع الخليجي مع الكيان الصهيوني.

 

خلاصة المشروع الاماراتي

 

إن ما تفعله الإمارات اليوم لا يمكن تفسيره في إطار مصالح الدولة، بل في إطار مشروع سلطوي إقليمي يتقاطع مع مشاريع أكبر، ويعتمد على نسف المؤسسات الوطنية العربية وبناء بدائل خاضعة. من فلسطين إلى اليمن، ومن السودان إلى الجزائر ثم العراق، تترك الإمارات وراءها ندوباً دامية، وساحات محطمة، وتحالفات مفككة.هذا المشروع لا يمكن مواجهته بالسكوت أو الحياد، بل يتطلب اصطفافاً عربياً صادقاً يستعيد للقرار العربي استقلاله، ويمنع المال من أن يتحول إلى سلاح دمار شامل للهوية والسيادة.

المشـاهدات 46   تاريخ الإضافـة 05/05/2025   رقم المحتوى 62588
أضف تقييـم