
![]() |
كَيف اصبحت القديسة ريتا ..شَفيعة المُستحيلات ..! |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
لم يزل الخالدون على مّر العصور يتالقون كنبراس يضيئ العالم كُلهُ ..ويستذكرُهم العالم كُلهِ بما قدَموا من عطاء متميز !وعندما يصل هذا العطاء حّد الايثار والتضحية خصوصا إذا كانت خالصة لوجه الله عز وجل وللانسانية فانها تسمو بصاحبها سّمو القديسين والاولياء والصالحين ..! فالذين يسعَون للخير ويمنعون الشر ولا يعنيهم الحَسب والنَسب والجاه والمال هم القريبُون مِن الله جَل جلاله .. ولا أحد يتصوران صّبية من قرية (روكابورينا ) التابعة لمدينة (كاشيا ) في وسط ايطاليا شمال روما يكون لها شأن عظيم ! اذ ولدت الطفلة (ماركريتا) سنة 1370 ميلادي ويطلق عليها ايضا اسم (ريتا دي كاشيا ) وكان أبواها بسيطي الحال يعملون في الزراعة , وان معنى (ماركريتا )هي اللؤلؤة او الدرّة البيضاء , وقد ظهرت كراماتها بعد يوم من تعميدها اذ إلـتَـّف حول فمها مجموعة من النحل وألقموها عسلا دون ان يمسوها بسوء ..! ومن هنا نجد في بلجيكا تمثالا لـلـقديسة ريتا محاطا بالنحل . كبرت ماركريتا وعندما اصبح عمرها اثنتي عشرة سنة خطبها شاب اسمه (باولو مانشينو) قادم من القرية المجاورة لمدينة روكابورينا وكان عسكريا حاّد المزاج وشرس الطباع وهي وديعة مطيعة مؤمنة لا تعصي له امرا ولا تقم حداً إلا لرضاه ، وبعد زمن قصير على زواجها توفى والدها ثم والدتها مما اثّـر في نفسيـتها كثيرا ولكنها تغلبت على ذلك بالصلوات والايمان .. وكانـت قـد رزفت بولـدين توأمين همـــــا (جاكومينو و باولو ماريا ) .في تلك الفترة كانت ايطاليا تعاني من فوضى النفوذ الاقطاعي والنبلاء وصخب اصحاب السلطات الفردية فظهرت الاحقاد والخصومات التي كثيرا ما تنتهي بالقتل! مما حمَل الزوج ( باولو) على التحدي والتصدي لهم فهاجمهم في اماكن تواجدهم مما قـلّب علية المواجع وحِيكت ضده المؤامرات حتى اغتياله في احد الليالي من سنة 1402 ميلادية ، وعندما وصلها الخبر وقفت على جسده وسمعته في اخر انفاسه يقول.. (صليَ من اجل قاتلي !!) ونكَـبّت على جثته وهي تردد (اغفر له يارب وخلص نفسة) ..كما واغفر لقاتليه..! بعد هذه الليلة اصبح التحّول الفكري والعقائدي واضحا على نفسية ماركريتا وحياتها فهي الارملة المسؤولة عن اسرتها اذ فقدت معيلها وفقدت ابويها اللذان كانا سنداً لها وهذا المشهد الصعب ترك (ريتا ) الارملة امام تحدٍ كبير يتمّثل الاول منه بتربية الاولاد والثاني وهو المهم في كيفية ابعاد الولدين عندما يكبران و يشتد عودهما ان يبتعدا عن فكرة الانتقام والثأر لابيهم ، ومن هذه النقطة الحساسة بدأت رحلة (ريتا) الصعبة والمتمثلة بالأعباء القاسية والمسؤولية الثقيلة اتجاه القادم من الاحداث .. ولكن ايمانها واحتسابها لقضاء الله وقدره جعلها تستأثر بعطاء الله وتجعله نقيا خالصا له لاتشوبه شائبة عملا بمقولة السيد المسيح (ع) ..(استاثروا بوصايانا .. نستأثر بكم ) وهنا طلبت من الرب طلبا ثقيلا على نفسها !! وباسلوب بطولي وايماني دعت ان ياخذ (ولديها ) للاخدار السماوية ليصبحا في ذمة الخلود ..!! وقد استجابت السماء لطلبها بأخذ الولدين الواحد تلو الآخر وبذالك اطمأنت لعدم حصول عملية الانتقام ونهاية فكرة الثأر..!اي (إيثار)..! ذالك الذي تبنته ريتا بطلب اخذ ولديها بعد ان فقدت زوجها وابويها ولم تكتف بذالك اذ قامت ببيع كل ماتملك وتبرعت به الى الفقراء لتستعد لرحلة الرهبنة وهي لاتملك سوى التقوى زادا لها بعد ان وهبت نفسها للرب توجهت الى دير(مريم المجدلية ) في منطقة كاشيا وهنا حصلت مفارقة لم تكن بحساب ريتا وهي رفض الراهبات لها في الدير كونها ارملة وزوجة قـتيل ..! وتكرر ذالك الرفض مرات عديدة ولكن بمشيئة الرب نقلت ليلا الى الدير بطريقة خارقة ..!وفي الصباح وجدوها في قاعة الدير دون ان يكون هناك منفذ للدخول والابواب والشبابيك مقفلة تماما! لذا يمكن القول .. إن اي اختراق للظواهر الطبيعية يُعدّ (اعجازا) وهكذا بدأت الراهبة ريتا حياتها في الدير بمعجزة ..! وبقيت في الدير تمنحهم المحبة و ترسم لهم خيوط السلام والوئام.ان الذوبان في روح الله وطاعته يجعل من الانسان مثلا للقوة الالهية المتمثلة بالقول (ياعبدي اطعني ..تكن مَـثَليِ ..) اذ قامت بزراعة الكَرمة وهي (غصن يابس للعنب) داخل الدير وبعد سقايته لفترة بدأ يلين ويخّضر ثم اينع واثمر وما يزال يعطي ثماره الى اليوم..!! وعلى سنين عمرها تظهر لها كرامات مثل شفاء المرضى وخلاص المسجونين الابرياء وحمِل الامهات بعد يأسّهن من الانجاب وغيرها ،ولذلك اطلق عليها (شفيعة المستحيلات والحالات المستعصية) .استمرت (ريتا دي كاشيا ) راهبة في الدير حتى لبَت نداء ربها في 22 ايار 1457 ميلادي وقد سُمِع جرس الدَير يدق تلقائيا عند وفاتها ودقت اجراس الكنائس بشدة ايضاً وسُمعت في جميع ارجاء مدينة روكابورينا ايذانناَ لفراقها وكان وجهها يشّع نورا وجمالا، ومن جسدها تنبعث رائحة زكية حتى دُفنت في نفس الدير الذي عاشت فية واصبح قبرها مزارا يقصده الزائرون من كل مكان ، وقد تحول الدير فيما بعد الى كنيسة تحمل اسمها ، وفي بلدنا العراق اختصت كنيسة سلطانة الوردية في الكرادة خارج ان تحتفل في ذكرى وفاتها الموافق الثاني والعشرين من أيار لكل سنة ويقام لها احتفال كبيرو مهيب ،كما ونّصب لها تمثال داخل الكنيسة . وفي حادثة تطويبها سنة 1628 ميلادي أي بعد وفاتها بأكثر من مئتي سنة فـُتح قبرها وجدوها سالمة وكأنها توفيت بالامس وهذا شأن الاولياء والصالحين فأعلنها البابا اوربان الثامن (طوباوية) واعلنها البابا لاون الثالث عشر (قديسة) وذالك سنة 1900 ميلادي ، بعدها وضع جثمانها في تابوت زجاجي يمكن رؤية جسدها بالكامل سليما واضحا ينظر اليه الزائرون داخل الكنيسة من كل الجهات والى يومنا هذا!! ويذلك احتلت ( ريتا دي كاشيا ) مكانة عالية في نفوس المؤمنين والناس اجمعين ! فما كان لله فهو ينبت وينمو ..وماكان لغيره فهو له! رحم الله القديسة ريتا ..!
|
المشـاهدات 150 تاريخ الإضافـة 20/05/2025 رقم المحتوى 63131 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |