الأربعاء 2025/6/4 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 29.95 مئويـة
نيوز بار
فِطام الفاسد السياسي
فِطام الفاسد السياسي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علي الطائي
النـص :

من المؤكد ان العنوان يكوّن لنا صوراً معينة تبدأ اولاً بالسياسيين او العاملين بالمشهد السياسي او الموظفين بل حتى العاطلين عن العمل، لكن هذا المقال لا يفرق بين أعلى القمة بالفساد وهم عدد كبير من السياسيين نزولاً لموظفي الدولة والذين قد نراهم بسطاء، بل يمتد العنوان إلى العامة….فِطام الفاسدين معناه، التوقف عن تمكينهم من الفساد بعد أن اعتادوا عليه ، وهذا يتطلب  خطة شاملة وحازمة، تشمل إصلاح النظام، محاسبة صارمة، وخلق بيئة لا تحتمل الفساد. اليكم أبرز الطرق والأساليب:

 

1. تجفيف منابع الفساد، إصلاح الأنظمة الإدارية والمالية: كلما كانت الأنظمة غير شفافة ومعقدة، زادت فرص الفساد. التحول الرقمي: لغرض تقليل التفاعل البشري في الإجراءات الرسمية فهذا يقلل من فرص الرشوة والمحسوبية.

 

2. فرض المساءلة والعقاب: تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة: مثل هيئات النزاهة أو مكافحة الفساد والمجالس الرقابية المستقلة. - عدم التسامح مع الفاسدين: تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وبشكل علني عند الإمكان.

 

3. كسر شبكات المصالح: -نقل الفاسدين من مواقع النفوذ: حتى يتم تفكيك شبكات الفساد المرتبطة بهم وتفكيك تحالفاتهم، عبر تعزيز الشفافية داخل المؤسسات وإضعاف التحالفات القائمة على المصالح غير المشروعة.

 

4- تعزيز الثقافة المؤسسية والأخلاقية: - التدريب والتوعية: زرع ثقافة النزاهة لدى العاملين في القطاعات المختلفة. - قدوة من الأعلى: القيادة النزيهة والشفافة تعطي رسالة واضحة بأن الفساد لن يُحتمل.

 

5-تشجيع المبلغين ( المخبرين) وحمايتهم: توفير آليات آمنة للإبلاغ عن الفساد. حماية قانونية ومادية للمبلغين( المخبرين).

 

6-ربط الأداء بالمكافأة : بناء أنظمة حوافز تحفّز النزاهة والكفاءة بدل الولاءات الشخصية. في السياق السياسي، فِطام الفاسدين يعني نزع الامتيازات التي اعتاد السياسي الفاسد الحصول عليها من موقعه، سواء سلطة أو مال أو نفوذ، وقد تكون هذه العملية حساسة ومعقدة لأن الفساد غالباً ما يكون متغلغلاً في شبكات السلطة ذاتها. فيما يلي أبرز الطرق الفعالة: 1. تقليص امتيازات السلطة - سنّ قوانين تمنع تضارب المصالح: كمنع الجمع بين المنصب السياسي والمصالح الاقتصادية.- تحديد مدة بقاء المسؤول في المنصب: لمنع تكوّن مراكز قوى فاسدة.- شفافية الذمة المالية: إلزام كل مسؤول سياسي بالإفصاح العلني عن ممتلكاته قبل وأثناء وبعد المنصب.

 

2. إصلاح النظام الانتخابي: - تمويل شفاف للحملات الانتخابية: منع استخدام المال السياسي المشبوه. - تمكين القضاء من مراجعة نتائج الانتخابات المشكوك فيها. - إقصاء من يثبت تورطه بالفساد من الترشح مستقبلاً.

 

3. دعم القضاء المستقل والإعلام الحر: - حماية القضاء من التدخل السياسي: فالقضاء المستقل هو خصم طبيعي للفساد السياسي - تشجيع الصحافة الاستقصائية: لأنها تفضح شبكات الفساد وتحفز الرأي العام على الضغط.

 

4. خلق ضغط شعبي مؤسسي: بناء وعي سياسي شعبي: الشعب الواعي هو أكبر رادع للفاسدين ، دعم المجتمع المدني والمنظمات الرقابية: لتكون صوتاً مضاداً لنفوذ السياسيين الفاسدين.

 

5. تفكيك شبكات الولاء السياسي و تجريم شراء الولاءات: من خلال وظائف أو صفقات أو توظيف سياسي ، نقل الصلاحيات تدريجياً من الأفراد إلى المؤسسات: لأن تركيز السلطة في الأفراد يغري بالفساد.

 

6. وضع نموذج قيادي نزيه: لا يمكن فطام الفاسدين من دون قيادة سياسية عليا تُمارس النزاهة فعلاً لا قولاً، وتقدم التضحيات إن لِزم الأمر، لتكسر “الاعتياد” على الفساد السياسي.من أبرز الأمثلة الواقعية على “فِطام الفاسدين” سياسيًا، يمكن الإشارة إلى تجربة سنغافورة تحت قيادة لي كوان يو، التي تُعد نموذجًا ناجحًا في هذا المجال:

 

سنغافورة: كيف فطمت الفاسدين سياسيًا؟

 

السياق:* عند استقلال سنغافورة في 1965، كانت دولة فقيرة، ملوثة بالفساد، وتعيش على هامش الصراعات العرقية والبطالة.* الجهاز الحكومي كان مخترقًا من قبل شبكات المصالح والرشوة.ما فعله لي كوان يو: 1. إرادة سياسية صارمة:* بدأ بنفسه وبأعضاء حكومته: تعهدوا بالشفافية والنزاهة، وأي وزير يُكتشف فساده يُطرد ويُحاكم فورًا، حتى لو كان مقربًا. 2. تضييق الخناق على الفاسدين تدريجيًا:* رفع أجور الوزراء وكبار الموظفين لجعل الرشوة غير جذابة.* في المقابل، سنّ قوانين قاسية ضد أي شكل من أشكال الفساد.3. تعزيز مؤسسات الرقابة:* دعم مكتب التحقيق في الممارسات الفاسدة (CPIB) ومنحه صلاحيات كاملة لمحاسبة أي مسؤول، حتى رئيس الوزراء.4-فكّ شبكة الفساد من الداخل: * عزل بعض كبار الموظفين الموالين لشبكات المصالح السابقة.* جلب دماء جديدة من الشباب المتعلمين الذين لا يدينون بالولاء لجهات فاسدة.5. تحويل النظام السياسي إلى مؤسسي:* لم يُعتمد على الأشخاص بل على مؤسسات قوية لا تسمح بتركز السلطة.النتيجة:* خلال أقل من عقدين، أصبحت سنغافورة من بين الدول الأكثر نزاهة في العالم.* الاقتصاد قفز، والجهاز الإداري صار من الأكفأ عالميًا، والفساد السياسي تقلّص إلى مستويات شبه معدومة.العبرة:فِطام الفاسدين سياسياً يتطلب قيادة نزيهة، حازمة، لا تخشى المواجهة، وتبني مؤسسات قوية تحاصر الفساد، وتُفطِم النظام من الاعتماد على الولاءات والامتيازات.

 

كيف يمكن فِطام الفاسدين في العراق؟

 

1. تفكيك نظام المحاصصة، سنّ قانون يُجرّم التوظيف أو التعيين أو التعاقد على أساس حزبي أو طائفي. تحويل تشكيل الحكومة من الترضيات الحزبية إلى الكفاءات المستقلة عبر آلية شفافة.2. تحصين القضاء من خلال ضمان الاستقلال التام من السلطة التنفيذية، وتفعيل مبدأ الفصل بين السلطات وتفعيل المادة 47 من الدستور، دعم دولي فني ولوجستي لتقوية سلطة القاضي العراقي وحمايته من الضغط السياسي.3. تمكين الأجهزة الرقابية * منح هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية صلاحيات مطلقة في التحقيق والملاحقة، حتى ضد المسؤولين الكبار.* توسيع صلاحية مجلس مكافحة الفساد وتحويله إلى هيئة دستورية مستقلة.4. ضرب شبكات الفساد مالياً •مراجعة العقود النفطية، وعقود إعادة الإعمار، والتدقيق في التحويلات الخارجية. * إنشاء “هيئة استرداد الأموال المنهوبة” بإشراف دولي ومحلي مشترك. 5. تحفيز المجتمع المدني والإعلام * تشجيع الإعلام الاستقصائي بحماية قانونية حقيقية.* دعم منظمات المراقبة الشعبية (مثل الشفافية، الميزانية المفتوحة، مراقبة الانتخابات…). 6. القيادة النموذجية : * لا يمكن فطام الفاسدين دون نخب سياسية جديدة تُقدم تنازلات شخصية وتحظى بالثقة.* يجب أن تبدأ هذه النخب بإجراءات تطهير ذاتي، ورفض الامتيازات، وتعزيز الشفافية.

 

هل هذا ممكن؟

 

نعم، لكن بشرطين:

 

1. ضغط شعبي متواصل ومنظّم، لا ، موسمي أو عاطفي. 2. توافق داخلي–دولي على حماية المسار الإصلاحي من السقوط بيد سلاح الأحزاب أو التدخلات الخارجية. وسنكمل بمقال لاحق خطوات مهمة بامكانها تحقيق الفِطام .

المشـاهدات 274   تاريخ الإضافـة 01/06/2025   رقم المحتوى 63598
أضف تقييـم