
في الهواء الطلق (2 ـ 4) الاتعاظ من التاريخ والتجارب الفاشلة |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
خلال فترة قصيرة من توليه المسؤولية ارتبط صلاح عمر العلي بصداقات مع عدد من المثقفين، واستقطب بعضهم بمن فيهم بعض اليساريين وغير البعثيين، وكان من أبرز أصدقائه، في تلك الفترة، المفكر العراقي المختفي قسريًا منذ العام 1991، عزيز السيد جاسم. وفي استعادة تلك الفترة خلال أحاديث مع صلاح ـ والكلام للدكتور عبد الحسين شعبان ـ ربما زادت على ثلاثة عقود من الزمن، قال لي: كنت أضيّف السيد جاسم في منزلي مرّة أو أكثر في الأسبوع، لأتباحث معه في شؤون الثقافة والمثقفين والإعلام والصحافة، واستمع إلى رأيه وملاحظاته عن الثقافة العراقية وحقولها المتنوّعة لاطلاعه الواسع وعلاقاته المختلفة، وبعد أن يأكل ويشرب وينتشي، يشتُمُ التكارتة وينتقد بعض مواقفنا السياسية، ويُغادر المنزل، وهي طريقة مملّحة للتعبير عن صداقته اعتدت عليها، وكنت أقبلها من الصديق عزيز، لأنني كنت أشعر أنها نابعة عن حرص وشعور بالمسؤولية، وكان "السيّد" كما أسمّيه، يُطلقها بعفوية محببة، مصحوبة بلهجته الجنوبية وحسجته وتنظيراته المتقدمة. في عامي 1969 ـ 1970 شغل المرحوم عبد الخالق السامرائي والمرحوم العلي مسؤولية رئاسة تحرير جريدة الثورة وعمل السيد جاسم معهما لكن سرعان ما ترك العمل في الجريدة بعد ان تولى رئاسة تحريرها طارق عزيز اثر خلاف بينهما ، قبل ذلك كان صلاح، القادم من تكريت، قد عاش في الناصرية، موظفًا في البلديات، من العام 1959 ولغاية العام 1962، ودائمًا ما يذكر أهل الناصرية بالخير والمحبة والإعجاب، وظلّ يرتبط بعلاقات واسعة مع العديد من نخبها السياسية والاجتماعية. بل ان سبب قدوم السيد جاسم من قضاء النصر في محافظة ذي قار الى بغداد كان بتأثير من العلي والسامرائي وكذلك من صدام الذي غدر وفتك بمسؤوليه ورفاقه لاحقاً ، ويذكر صلاح (والكلام للدكتور شعبان) وهو ما كتبته وجئت على ذكره أكثر من مرّة بخصوص الشاعر عبد الأمير الحصيري، أن عزيز السيد جاسم اصطحب معه إلى زيارتي شخصًا لم أتعرّف عليه، ولم أسمع عنه قبل ذلك لانشغالي بالعمل السياسي، وقال لي هذا شاعر كبير، وعليك إيجاد وظيفة مناسبة له.وحين أقبل عليّ الحصيري، والكلام لصلاح، لم أستسغ منظره ولا رائحته، فكان يرتدي أسمالًا بالية ومترهّلة، ويحمل بيده حقيبة متآكلة، فقلت مع نفسي: أهذا هو الشاعر؟ وهذا هو الشعر؟ وكنت قد تعرّفت على الجواهري معجبًا وقارئًا، والتقيت به بعد 17 تموز / يوليو، وكرّمته ووجدت فيه ملاحةً وكبرياءً وتطلّعًا، بل وحبًا للحياة على الرغم من تقدّمه في السن، لكنه كان يعشق الجمال ويرنو إليه، فماذا سيكون رأيه لو التقى بالحصيري ؟ ويُضيف صلاح أنه عرف رأي الجواهري الكبير بالحصيري، الذي اعتبره شاعرًا واعدًا ومبدعًا. وقد ظلّت علاقة صلاح عمر العلي بالجواهري قويّة جدًا، وهو الذي أقنعه بحضور مؤتمر المعارضة في بيروت (آذار / مارس 1991)، بل أنه هو من اصطحبه من دمشق إلى بيروت بسيارة خاصة. وكان الجواهري كلّما يُذكر إسم صلاح عمر العلي أمامه، يقول: بأنه زين الشباب وأن "أبو عمر" صاحب موقف وصديق وفي، وهو ما سمعته منه أكثر من مرّة. أصدر صلاح عمر العلي أمرًا بتعيين الحصيري، ووجد له السيد جاسم وظيفة أخرى في مجلة ""وعي العمّال، التي كان يشرف عليها عبد الخالق السامرائي، وهكذا أصبح راتب الحصيري، حوالي 80 دينارًا، في حين كان راتب خريج الكليّة 42 دينارًا. وللتصحيح فان رئيس تحرير مجلة (وعي العمال) هو السيد جاسم فيما كان رئيس اتحاد نقابات العمال وقتها هو المرحوم محمد عايش الذي لم يكن يتدخل في عمل المجلة لانشغاله بعمل الاتحاد والعمل الحزبي ، كما ان اللقاءات التي كانت تحصل بين الصديقين العلي والسيد جاسم اسبوعيا هي المعلومة الدقيقة وليس ما اشتبك عليه من معلومات مضللة التي ذكرها نبيل ياسين في مقالة مملوئة بالحقد والاكاذيب.
|
المشـاهدات 247 تاريخ الإضافـة 03/06/2025 رقم المحتوى 63613 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |