السبت 2025/6/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 46.95 مئويـة
نيوز بار
المذنبون.. فيلم أثار الجدل قبل خمسين عاما يعود بحلة معاصرة بعد ترميمه
المذنبون.. فيلم أثار الجدل قبل خمسين عاما يعود بحلة معاصرة بعد ترميمه
سينما
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

 

 

 

القاهرة - قبل نحو خمسين عاما رأى فيلم مصري بعنوان “المذنبون” النور، ليحدث ضجة كبيرة في المجتمع، تحرك على إثرها مجلس الشعب، لكونه كان علامة فارقة في تسليطه الضوء على حجم الفساد المتفشي بين أفراد المجتمع، بأشكال وأنماط مختلفة من ضمنها الفساد في التعليم والتجارة والطب والإدارات الحكومية.الفيلم عُرض لأول مرة في 22 سبتمبر 1976 بسينما ريفولي بالقاهرة، وهو من إنتاج عام 1975، ومقتبس من قصة للأديب نجيب محفوظ، وكتب السيناريو والحوار الخاص به ممدوح الليثي، وأخرجه سعيد مرزوق. ويعود الفيلم اليوم إلى الظهور بحلة جديدة تواكب تطورات الصورة السينمائية، وتقدمه بدقة أعلى، حيث أقدمت شركة “كنوز للسينما” على ترميمه من النيغاتيف الأصلي.وتأتي مبادرة ترميم الفيلم في إطار الحفاظ على التراث السينمائي المصري، برعاية شركة “كنوز السينما” التي يديرها المنتج والباحث السينمائي سامح فتحي، والتي أشرفت خلال السنوات القليلة الماضية على ترميم أعمال من كلاسيكيات السينما المصرية، من بينها “خلي بالك من زوزو” و”غرام في الكرنك” اللذان عرضهما مهرجان البحر السينمائي.وأوضحت الشركة أن ترميم الفيلم، بمناسبة مرور خمسين عاما على إنتاجه، يعكس احتفاء بأهميته في تاريخ السينما المصرية والعربية، ويتيح للأجيال الجديدة فرصة مشاهدته بجودة تليق بمكانته الفنية، ضمن مشروع أوسع لإحياء الأفلام الكلاسيكية وإعادة تقديمها بحلتها الأصلية.و”المذنبون” من بطولة سهير رمزي وحسين فهمي وصلاح ذو الفقار وعادل أدهم وزبيدة ثروت وآخرين، ويحتل المرتبة 64 في قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية.وتدور أحداثه على شكل تحقيق بوليسي حول مقتل ممثلة سينمائية مشهورة أثناء إحدى السهرات، والتي ضمت مجموعة كبيرة من شخصيات المجتمع المختلفة، فحين تموت الممثلة سناء كامل (سهير رمزي) مقتولة في فراشها، تبدأ النيابة في البحث عن القاتل، ويتم استدعاء كل الضيوف الذين كانوا في بيتها ليلة مصرعها، بدءا من خطيبها المخرج أحمد صابر (حسين فهمي) الذي أبلغ بالجريمة بأنه سمع من يطعن خطيبته وهو يتصل بها هاتفيًا، وصولا إلى حافظ بيه (صلاح ذو الفقار) رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للمقاولات، وهو شخصية ذات سلوك وظيفي منحرف مصاب بعقدة التفوق، والذي يساعد الممثلة سناء في بناء العمارات مقابل علاقة جنسية ويخون صديقه مع زوجته مني (زبيدة ثروت) وهو على علاقة بالممثلة سناء في نفس الوقت.يستدعى أيضا ناظر المدرسة أليف البحراوي (عماد حمدي) الذي سرب الامتحان، ومدير الجمعية فهمي القليوبي (توفيق الدقن) الذي يبيع السلع المدعمة للأغنياء ويوصلها إلى بيوتهم، والشاب الفحل ممدوح (عادل أدهم) الذي يبيع جسده للممثلة سناء وهو في نفس الوقت يدبر خطة لسرقة خزينة إحدى المؤسسات بمساعدة زميله لص الخزائن (إبراهيم خان)، والطبيب تحسين (يوسف شعبان) الذي ينفذ عمليات إجهاض مخالفة للقانون، كما أن هناك رجلا في قمة السلطة (كمال الشناوي) يتردد على فراش الممثلة من أجل قضاء وقت ممتع، ويتم القبض على كل من كانوا في الحفل، بعد أن كشفت النيابة أن الجرائم التي ارتكبوها لا تقل عن جريمة قتل ممثلة في فراشها.يكتشف المحقق حسين (عمر الحريري) اختفاء قرط ثمين كان مع الممثلة ويعرف أن صاحبته هي أم أحمد صابر خطيب القتيلة الذي يعترف بأنه قتلها بدافع الغيرة، فقد رآها في الفراش مع رجل السلطة.كان الفيلم جريئا في تعريته للفساد بشكل اعتبر غريبا عن السينما المصرية آنذاك، إضافة إلى احتوائه على كم كبير من المشاهد الحميمية الجريئة، لكن عرضه في المسابقة الرسمية لأولى دورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي واستقباله بشكل ممتاز من النقاد العالميين جعلا الرقابة تميل إلى السماح بعرضه للجمهور المصري إضافة إلى عرضه في عدة عواصم عربية.وبعد عرض الفيلم تلقى مجلس الشعب العديد من خطابات المصريين العاملين بالخارج التي تطالب بإيقاف الفيلم لأنه يسيء لصورة المصريين، لما يحمله من تعرية لانحرافات المجتمع وفساد الكثير من شرائحه. واستجابة لذلك أحال المجلس هذه الخطابات إلى وزير الإعلام والثقافة في ذلك الوقت جمال العطيفي لاتخاذ الإجراءات اللازمة، حيث قرر إيقاف عرض الفيلم وتحويل ملفه الرقابي بالكامل إلى النيابة الإدارية لمعاقبة جهاز الرقابة على المصنفات.وإثر ذلك أصدر الوزير القرار رقم 220 لسنة 1976 بشأن تشديد القواعد الأساسية للرقابة على المصنفات الفنية، وهو القرار الذي اعتبره السينمائيون جريمة في حق السينما المصرية، حيث كان أهم ما جاء في بنوده منع جميع المشاهد والحركات والعبارات ذات الدلالة الجنسية، ومنع مشاهد الرقص، وعدم عرض جرائم الانتقام والأخذ بالثأر، وعدم عرض مشاهد الانتحار، وعدم عرض المشكلات الاجتماعية بطريقة تدعو إلى إشاعة اليأس في نفوس الجماهير. أما جهاز الرقابة فقد تمت إحالة رئيسته اعتدال ممتاز على التقاعد وتحويلها بصحبة 14 موظفا إلى المحكمة التأديبية العليا بتهمة الإخلال الجسيم بواجبات الوظيفة.ويرى بعض النقاد أن الرقابة على المصنفات الفنية في مصر لم تمر بأزمة كالتي مرت بها عام 1975 بسبب فيلم “المذنبون”.كما أعلن الأديب نجيب محفوظ، مؤلف القصة الأصلية للعمل، تبرؤه من معظم الشخصيات في الفيلم، واعتبر أن العمل لا يعبر عن قصته بالكامل. وأثارت الأزمة نقاشًا حادًا حول حدود حرية التعبير في الفن، ودور الرقابة، ومدى تأثير السينما في صورة مصر.و”المذنبون” رابع فيلم روائي للمخرج سعيد مرزوق (1940 – 2014) المعروف بأسلوبه الواقعي الذي يعكس الواقع الاجتماعي والسياسي بجرأة وشفافية، دون تزيين أو تجميل. ويظهر في أعماله اهتمامه بالتفاصيل الصغيرة في حياة الشخصيات والبيئة المحيطة بها، ما يعزز واقعية الأحداث، كما يميل إلى استخدام رموز وشخصيات مركبة، فهو غالبًا ما يصنع شخصيات معقدة ذات أبعاد متعددة تعكس الصراعات الداخلية والخارجية في المجتمع.

المشـاهدات 518   تاريخ الإضافـة 12/06/2025   رقم المحتوى 63798
أضف تقييـم