
![]() |
نافذة من المهجر ... العيد في هولندا ..." بأيّةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ" |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
قبل أيّام ودّعنا عيد الأضحى المبارك أعاده الله تعالى علينا وعلى جميع أبناء وطني العزيز وكلّ الخيّرين في العالم , بالخير واليُمن والبركات والسلام والتسامح والمحبة ... أجواء العيد وطقوسه كنت أعيشها بغاية التفاعل والبهجة في بلدي الحبيب , لأن مجتمعنا يترقب هذه المناسبة ذات المعاني العديدة بشغف واستعداد يتجلّى بالقيام بالتحضيرات التقليدية المعروفة من عمل الحلويات وخصوصاً " الكليجة " التي تبدو وكأنها سمة من سمات الأعياد , كما يتميز عيد الأضحى ليس في العراق حسب بل في كل الدول الإسلامية بتقديم الأضاحي التي ترتبط بالطقس الإيماني لهذا العيد وهي التضحية بالحيوانات (الأغنام، الماعز، البقر، الإبل) بنيّة التقرّب إلى الله تعالى وإحياءً لسنّة النبي إبراهيم عليه السلام، حيث أفدى الله ابنه إسماعيل بكبش عظيم... كما هو معروف ... هذه الأجواء , وبعد مكوثي في المهجر الأوربي , صارت جزءاً من ذكرياتي الجميلة , وخصوصاً أعياد طفولتي وفرحي الهائل مثل كل الأطفال الذين يرتدون الملابس الجديدة ويهرعون من أول الصباح لمعايدة الكبار من الأهل والعائلة وتلقّي العيديّات , التي ننطلق بها إلى ألعاب العيد الشعبيّة البسيطة التي نحلق معها بأجنحة سعادة لا مثيل لها ... وحين كبرتُ صار عندي للأعياد معنىً آخر مختلف , وخصوصاً بعد موكب الفقدان المواجع الذي بدأ مع رحيل والدي ثم استشهاد أخي الأكبر واثنين من أخواتي , رحمهم الله تعالى جميعاً وأسكنهم فسيح جناته , صرنا نبدأ أعيادنا بالحزن والأسى ونحن نزور القبور الكريمة لنحاور الأرواح الطيبة حوار الفقدان والاشتياق والحزن ... لنشعر بعدها براحة وطمأنينة ... كانت هذه الزيارات المتبوعة بزيارات أضرحة أهل بيت الرسول الكريم عليهم السلام , تخفف عني ألم الفقدان , أما الآن فيأتي العيد ونحن بحال مختلف , وأوّل ما يتبادر إلى ذهني مع قدومه الكريم هو بيت الشعر الذي أطلقه الشاعر المتنبي ذات غربة وبعد عن أهله وأحبته " عيدٌ بأيّةِ حالٍ جئتَ يا عيدُ ... بما مضى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ " ... هنا تذبل أوراق العيد , فلا فرح طفوليّ , ولا حلويات العيد , ولا عيديات , ولا ألعاب العيد و أيضاً لا أضحيات ولا زيارات للموتى الأحباء ولا للأولياء الصالحين , صارت شاشات الموبايل الباهتة هي سبيلنا لتبادل التهاني الباردة التي هي في معظمها بطاقات جاهزة تكون بمثابة إسقاط فرض لا أكثر .... ومع ذلك أبقى مستشرفة للآتي الذي أرى فيه أملاً في أن تستقيم حياتنا في بلدي الحبيب , وأن يعود الجميع من كل بقاع الأرض إلى مدنهم وأحيائهم وأزقة ذكرياتهم , لا ليبكوا على الأطلال , بل ليبنوا ركائز حياة جديدة , مستفيدين من كل الجراح التي أثخنت أرواحهم وخصوصا في بلاد الغربة والمهجر والمنافي والبحث عن حياة بديلة , لابد لهذه التجارب أن تنتج ما ينفع الآخرين , اقتداءً بقول رسولنا الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم " خيرُ الناس من نفع الناس " ... وأيضا لابد للبلد من فتح ذراعيه لكل أبنائه بعد أن تزول عنه الغمّة إن شاء الله وبعد أن تنتهي الأزمات التي صار الجميع يعرفها ويشير إليها بسهولة ... وأعود لأقول بنفس محبّة حريصة على وطنها , أعانك الله يا وطني ,وحرسك وحماك وجعلك في العلى دائماً , فهو المكان الطبيعي لبلد مثل العراق له تاريخ تمتدّ جذوره عميقا , وله حاضر بهيّ سينهض به أبناؤه المخلصون حتماً ... وختاماً ..أجدد تهنئتي وتمنياتي القلبية بالزهو والسعادة والأمن والأمان للجميع .. |
المشـاهدات 250 تاريخ الإضافـة 14/06/2025 رقم المحتوى 63830 |