
![]() |
تقاسيم على الهامش |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
(( غرقى ... ويقتلنا الظمأ .. ! ))
منذ أن فتحنا أعيننا ونحن نعرف أن هذه الأرض تملك نهرين عظيمين، على ضفتيهما قامت أعرق الحضارات. فهما مهبط الإنسان الأول ، والحرف الأول ، والقانون الأول ، والنغم الأول ، والكأس الأولى ، وكل ما هو أول على وجه الطبيعة !! منهما أخذت البلاد اسمها. كانا يفيضان بالخير والحياة منذ بدء التاريخ ، وعلى ضفتيهما غنّى الإنسان أغنيته الأثيرة ! قرأنا عن فيضانهما الكثير ، وسمعنا عنهما حكايات أكثر ، أذكر في سبعينات القرن الماضي فاض الشطّ بعد ارتفاع مناسيب مياههما ( دجلة والفرات ) فغرقت قريتنا في أقاصي جنوب الجنوب وصرنا نبحث عن ملاذ آمن ! وفي أواخر الثمانينات ( ١٩٨٨) تحديدا ، وبعد خروجنا من السجن تم نقلنا كجنود عمل إلى مناطق الفيضان غرب ميسان، حيث رأيت المياه تجرف بسيلها البيوت والحيوانات !! لهذا دائماً أتذكر أهلي في جنوب الفاو وهم يبنون السدود والأكتاف إبان الستينات والسبعينات خوفاً من الفيضان ! هذه الكميّات الهائلة من المياه لم نفكّر بالمحافظة عليها ، ولم نستفد منها ابداً ، بل تركناها تجري صوب الخليج المالح وكأن شيئا لم يكن ! كان أهلنا الفلاحون يغمرون أراضيهم بالماء ويسدّون مداخله لأيام ، بل ويحتفظون بجزء منه أيضا ! هذه الحكمة في خزنه لم نتعلّمها لأنّ كلّ حاكم ومسؤول جاء لبلادنا لم يفكّر بآلية الاستفادة من مياه النهرين العظيمين ، بل انشغل وبطانته بالتآمر والحروب والظلم والفساد ، كما إن الدول المجاورة لم تفكّر منذ الأزل سوى باحتلال أرضنا ونهب خيراتها أيضا! العراق ــ بلاد الرافدين ــ الوحيد الذي لم يستفد من رافديه ، بل صارا نقمةً على شعبه كالنفط ، إذ بدأ جيرانه الآن بمحاربته عن طريق قطع الماء ، وبناء السدود قرب منابعه ، وتغيير مجرى بعض روافد دجلة ، وصرنا نتلمّس زخّة مطر لتنقذنا من خطر الجفاف والتصحر ، وما يحدث الآن من حرب مياه يقوم بها جيراننا لهو خير دليل على ذلك ! أيعقل هذا ؟! يا للمهزلة الكبرى ، والمأساة الأكبر !! لو فكّر حاكم واحد من كلِّ مَنْ جاءوا وتسيّدوا على هذه البلاد ، وبنى سداً على شط العرب أو فتح انهاراً وقنوات إلى الصحراء المترامية الأطراف من بغداد حتى البصرة لما احتجنا إلى قطرة ماء واحدة ؟! لو لم يجفف الطاغية المقبور الاهوار التي كانت خزاناتٍ طبيعية كبيرة ، لما احتجنا إلى قطرة ماء ! لو فكّر حكّامنا ومسؤولونا الآن بآلية جديدة لفتح قنوات حوار مع جيراننا المسيطرين على منابع الرافدين وقايضوا الماء بالنفط لما احتجنا إلى قطرة ماء ، أو العودة الى المواثيق الدولية حول التعامل مع المياه من المنبع الى المصب لما احتجنا الى قطرة ماء ؟! علينا أن نتّعظ ونأخذ عبرةً كبيرة من قلقنا بسبب الجفاف المحتمل، ونسعى إلى إيجاد حلول ومنافذ للاستفادة من مياه الرافدين بدل هدرها وتركها تتدفق إلى الخليج ، ونفتح آفاقاً جديدة للبناء والأعمار بعيداً عن الفساد والخراب والاحتراب السياسي الذي لن يثمر غير المزيد من الموت والدمار والتشرذم وخراب البلاد ! |
المشـاهدات 18 تاريخ الإضافـة 16/06/2025 رقم المحتوى 63920 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |