الثلاثاء 2025/7/1 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
نيوز بار
الاستقلال بين الحكم الجزائي والمسؤولية الانضباطية للموظف العام
الاستقلال بين الحكم الجزائي والمسؤولية الانضباطية للموظف العام
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب م.م ابو الحسن كفاح الحسني
النـص :

 

 

 

أوجب المشرّع العراقي على الموظف العام الالتزام الصارم بواجباته الوظيفية، وعدم الإضرار بالمصلحة العامة التي تُعد من الأسس الجوهرية في أداء الخدمة العامة. وإذا ما أقدم الموظف على ارتكاب فعل من شأنه الإضرار بهذه المصلحة، أو أخلّ بالتزاماته الوظيفية، فإنه يكون محلاً للمساءلة الإدارية أمام الجهات المختصة، وفقاً لأحكام القانون. وفي هذا السياق، قد ترى اللجنة التحقيقية  المشكلة وفق الأصول أن الفعل المرتكب من قبل الموظف يُشكل في جوهره جريمة جزائية، فتوصي بإحالته إلى المحكمة المختصة للنظر فيه وفقاً للقواعد العامة في القانون الجنائي. إلا أن صدور قرار قضائي من المحكمة المختصة ببراءة الموظف، أو الإفراج عنه لأي سبب كان، لا يعني بالضرورة إسقاط المسؤولية الانضباطية عنه، ولا يمنع من اتخاذ الإجراءات التأديبية بحقه، إن ثبت تقصيره من الناحية الإدارية. ففي العديد من الحالات، قد يكون الحكم بالبراءة أو الإفراج القضائي مبنياً على عدم كفاية الأدلة الجنائية، في حين أن ذات الوقائع قد تُشكل إخلالاً بالواجبات الوظيفية من منظور إداري، يُرتب مساءلة تأديبية مستقلة. ومن هذا المنطلق، نصّ المشرّع العراقي في المادة (23) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 على مبدأ استقلال المسؤولية الانضباطية عن الجزائية، بما يعزز من قدرة الإدارة العامة على ضبط أداء موظفيها، دون أن تكون مُقيّدة بنتائج المحاكمة الجزائية.وتنبع الحكمة من هذا التنظيم القانوني من عدة اعتبارات، أبرزها ترسيخ السلطة التقديرية للإدارة في تقييم سلوك الموظف ومدى انضباطه في أداء واجباته، واستقلالية هذه التقديرات عن المعيار الجزائي الذي يقوم على توافر أركان الجريمة وثبوتها بما لا يدع مجالاً للشك. فالمساءلة الإدارية تختلف من حيث طبيعتها وأدلتها ومعاييرها عن تلك المعتمدة في القضاء الجنائي، حيث يكفي في الإجراء الانضباطي أن يكون هناك تقصير واضح أو مخالفة إدارية دون اشتراط توافر القصد الجرمي أو إثباته. كما أن توقيع العقوبة الانضباطية، في حال ثبوت المخالفة، يُعد وسيلة ردع فاعلة للموظف، ويُسهم في تعزيز الانضباط داخل الجهاز الإداري، ويحول دون تكرار الأفعال المُخلة بواجبات الوظيفة، حتى وإن لم تُشكل تلك الأفعال جرائم جزائية بالمعنى الضيق. ومن هنا، يظهر جلياً أن المشرّع العراقي كان موفقاً في التفريق بين نوعي المسؤولية، بما يحقق التوازن بين حماية المصلحة العامة وضمان عدم الإفلات من المساءلة الإدارية، حتى في ظل صدور أحكام قضائية بالبراءة أو الإفراج.

المشـاهدات 77   تاريخ الإضافـة 24/06/2025   رقم المحتوى 64190
أضف تقييـم