الثلاثاء 2025/7/1 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
نيوز بار
إحياء التراث عبر الذكاء الاصطناعي: من الحجر الصامت إلى الذاكرة الحيّة
إحياء التراث عبر الذكاء الاصطناعي: من الحجر الصامت إلى الذاكرة الحيّة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الانصاري
النـص :

 

 

في زمن تتسارع فيه التقنيات وتتبدل فيه وسائل التوثيق والعرض والمعرفة لم تعد الطرق التقليدية كافية لحفظ التراث أو تقديمه بصورة تُلهم الأجيال الجديدة فالمتاحف، الكتب، الصور الثابتة، والعروض الوثائقية رغم أهميتها أصبحت اليوم غير قادرة وحدها على نقل الثراء الكامل للماضي الإنساني أو على بناء علاقة حيّة بين الإنسان الحديث وجذوره الحضارية.

المشهد اليوم  قد تغيّر بفضل  معطيات العولمة والرقمية  وصولا إلى الذكاء الاصطناعي والبرمجيات التقنية المتقدمة أصبح من الممكن إعادة إحياء التراث الإنساني بكل أبعاده: الآثار، المدن المندرسة، الفنون، الطقوس،  العادات ، اللغات، وحتى التفاصيل اليومية للحضارات القديمة. لم يعد التراث صامتا ، بل يمكن أن يتكلم ويتحرك ويُروى بالصوت والصورة بل ويتفاعل مع المتلقي عبر الواقع الافتراضي والوسائط التفاعلية.

إن هذه الإمكانية ليست حلما نظريا ، بل مشروع واقعي بدأت مؤسسات عديدة حول العالم في استثماره وتطويره ومنها مؤسستنا “أورو التقنية لإحياء التراث”  التي وضعت نصب عينيها مهمة تقديم حلول رقمية متكاملة لإعادة بعث التراث من خلال نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على إعادة بناء المدن القديمة، إحياء اللغات المنقرضة، إنشاء جولات افتراضية في المتاحف والمواقع التاريخية، وتصميم تطبيقات تفاعلية تربط الجمهور بإرثه الحضاري بأسلوب عصري وجذاب.

لقد صار بالإمكان اليوم عبر هذه الأدوات  أن نعيد تشكيل مدينة مندثرة بدقة ثلاثية الأبعاد، ونسمع أصوات سكانها بلغتهم الأصلية ونتابع مشاهد من حياتهم اليومية كما لو أننا نعيش بينهم. وهذا التحول لا يخدم فقط هدف الحفاظ على التراث بل يُسهم في تنشيط السياحة الثقافية ويُعزّز الهوية الوطنية ويُقدّم محتوى تربويا وتعليميا عالي الجودة يمكن استخدامه في المدارس والجامعات والمتاحف الذكية.

وما يميز هذا التوجه أنه لا يقتصر على منطقة جغرافية أو حقبة معينة، بل يشمل تراث البشرية بأسره، من حضارات الرافدين إلى مصر القديمة، ومن الأمازيغ إلى الفينيقيين، ومن حضارات آسيا الوسطى إلى ثقافات الشعوب الأصلية في الأمريكيتين. كل هذا الإرث يمكن أن يُروى من جديد بلغات متعددة ولجمهور عالمي بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي والوسائط المتعددة.

 نحن نؤمن أن التراث ليس مجرد ماضٍ يجب حمايته بل هو طاقة روحية وثقافية يمكن أن تُصبح جزءًا من المستقبل إذا أحسنا تقديمه وتوظيفه. ومن هذا المنطلق نُطلق مشاريعنا بالتعاون مع مؤسسات ثقافية وأكاديمية في مختلف انحاء العالم لإحياء التراث المحلي والوطني لكل شعب بأساليب تقنية حديثة تواكب لغة العصر وتخاطب الإنسان الحديث بأدواته ولغته وافكاره

لقد أصبحنا أمام فرصة تاريخية لإعادة وصل الحاضر بالماضي لا بالكلمات فقط بل بالصورة والصوت، والتجربة التفاعلية. وإحياء التراث عبر الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد رفاه معرفي، بل ضرورة حضارية، تُمكّن الشعوب من استعادة ذاكرتها الحيّة ومشاركة روايتها مع العالم على نحو أكثر جمالا وفكرا وتأثيرًا وهذا ما ينعكس على واقع هذه البلدان من النواحي التاريخية والثقافية والاقتصادية  كون التأريخ يعود الينا مجددا وبروح العصر .

المشـاهدات 122   تاريخ الإضافـة 28/06/2025   رقم المحتوى 64317
أضف تقييـم