
![]() |
محنة الانتظار……… حيدر حاشوش العقابي |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
تمرُّ صعاليكُ الوقتِ، بكلِّ رتابةٍ، أقصدُ ساعاتِ الانتظارِ، ولا حُلْمٌ يأتي، ولا نبيٌّ يمسحُ على رأسي وَجَعَ النهاياتِ البعيدةِ.
كنتُ في انتظارِكَ يا صديقي، يا أخي، كنتُ في انتظارِكَ حينَ أحرقتِ الحربُ كلَّ أحلامِكَ، وأنتَ تفكِّرُ بالزواجِ من امرأةٍ كنتَ تعشقُها، وتُرسِلُ عطورَ الحربِ برسائلَ صفراءِ مملوءةٍ بالعَتَبِ.
توقفتِ الحربُ، يا صديقي، يا أخي، والمرأةُ التي كنتَ تحبُّ تزوَّجَتْ، وأنجبتْ أطفالاً... ولكنْ لا يُشبهونَكَ أبدًا.
الحربُ... هي لَعْنَةُ القادةِ، الحربُ الرخيصةُ التي أحرَقَتْ سنواتٍ من أعمارِنا عبثًا.
كنتُ في انتظارِكَ كلَّ مساءٍ... لكنْكَ لم تأتِ. مرَّتْ سنواتٌ طويلةٌ، وأنتَ لم تأتِ... تزوَّجتُ أنا، وصارَ لي أولادٌ، وأنتَ لم تأتِ... وتعلَّمتُ أن أكتُبَ شِعرًا، وأنتَ لم تأتِ...
فهل وُلِدتَ لِتَرحَلَ دونَ حتى وداعٍ، ودونَ أن تقولَ مثلًا: "أراكم بخير"؟
انقطعتْ رسائلُكَ عنّا، تلكَ التي كنتَ تُرسِلُها بِيَدِ صديقِكَ الذي استُشهِدَ بعدَ فُقدانِكَ بِشهورٍ قليلةٍ...
إنّها الحربُ، التي لم تَترُكْ بقاءَكَ بيننا... الحربُ اللعينةُ، التي فرَّقتْنا دونَ فِراقٍ...
والآنَ، أنا حائرٌ جدًّا: فهل أقرأُ سورةَ الفاتحةِ، وأنا لم أعرِفْ لَكَ قبرًا، ولا شاهدةً؟ هل أوزِّعُ لَكَ ثوابًا في كلِّ مساءٍ، أم أقولُ إنَّكَ ما زلتَ حيًّا هناك، على امتدادِ البَصَرِ؟
ما زلتَ في قلبي، وفي عُيوني... ولكنْ، يا صديقي، أخافُ أنْ يُدَارِكني الموتُ دونَ أنْ أَعثرَ على وجهِكَ الغائبِ منذُ سنواتٍ طويلةٍ... |
المشـاهدات 25 تاريخ الإضافـة 02/07/2025 رقم المحتوى 64471 |