
![]() |
طمطم الهندي و الأدوار الهزلية ,الضحك على المسؤولين الطارئين |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
في عراق ما بعد التغيير والانفتاح بكل أشكاله، حيث تتبدل الوجوه وتتراقص المناصب على إيقاع الفوضى، ظهرت حكاية أغرب من الخيال، تُلقي بظلالها الساخرة على واقع مرير. إنها قصة "طمطم الهندي, لا كأسم لمخطوطات روحانية قديمة، بل كشخصية حقيقية، أو شبه حقيقية، أُسدلت الستار على مسرحية هزلية أبطالها ,المسؤولون الطارئون.عندما يلتقي الغموض بالغرور, لطالما ارتبط اسم طمطم الهندي بالخفايا والطلاسم والعلوم الغيبية التي تُباع في أسواق العطارين وعبر صفحات الإنترنت لمن يبحث عن خلاص سريع أو قوة خفية,لكن هذه المرة، لم يأتِ ,طمطم,ككتاب، بل كرجل، يحمل في حقائبه ما هو أغرب من أي تعويذة, دروعًا لامعة وشهادات شكر وتقدير, وجهته لم تكن زاوية في معبد أو مكتبة مخطوطات، بل مكاتب المسؤولين الجدد في بغداد، أولئك الذين قفزوا إلى الواجهة بعد أن أزاح التغيير من كان قبلهم.لقد استقبل هؤلاء المسؤولون (الطارئون) هذا الهندي بالترحاب، وبقلوبٍ تتراقص فرحًا ودهشةً, لم يكن الأمر يتعلق بالمحتوى العميق للكتب الروحانية، بل بالدروع والشهادات التي تُقدم لهم من جهة مجهولة، أو ربما من جهة لا تهمهم هويتها بقدر ما يهمهم الإقرار بوجودهم في تلك المناصب الرنانة, لقد كانوا في حالة أشبه بالحلم؛ مسؤولون بقدرة قادر، يجلسون على كراسٍ لم يتوقعوها، ويُمنحون الأوسمة قبل أن يُثبتوا أي إنجاز, كان الاستقبال حارًا لأنهم ببساطة ,لا يصدقون أنفسهم بأنهم مسؤولين, هذا الهندي، بمنحه إياهم هذه التقديرات، كان يُعزز لديهم هذا الوهم الجميل، ويُضفي شرعية زائفة على وجودهم المباغت.
كيف يتقبل المسؤول درعاً بعشرة آلاف دينار؟
هنا تكمن المفارقة المضحكة المبكية التي تُسلط الضوء على عمق المشكلة! كيف يمكن لمسؤول يتقلد منصبًا رفيعًا أن يتقبل درعًا أو كتاب شكر من جهة دونه، أو حتى من مجهول، بينما قيمة الدرع في أسواق بغداد لا تتجاوز 10 آلاف دينار عراقي؟ هل من المعقول أن مسؤولًا بهذا الحجم لا يُقدر نفسه ومنصبه بما يكفي ليرفض مثل هذا التكريم الهزلي؟إن نجاح ,طمطم الهندي, في ,الضحك على المسؤول العراقي, بذكاء فطري استغل فيه نقاط ضعف واضحة، لا تقتصر على جهل بالبروتوكول أو عطش للشرعية فحسب، بل تتجاوز ذلك لتُشير إلى العطش للشرعية والتقدير، مهما كان مصدره, في بيئة سياسية غير مستقرة، حيث تأتي المناصب سريعًا وتذهب أسرع، يكون المسؤول الجديد متعطشًا لأي شكل من أشكال التقدير الخارجي الذي يُعزز من مكانته الهشة ويُثبت له وللآخرين أنه ,وصل,. إن القيمة الحقيقية للدرع لا تكمن في ثمنه، بل في الرسالة الزائفة التي يُقدمها: أنت مُعترف بك.غياب معيارية التقييم الذاتي والموضوعي: عندما لا يكون هناك نظام تقييم فعال للمسؤولين مبني على الإنجاز والنزاهة، فإن القيمة الذاتية للمنصب تتآكل. يصبح المسؤول يلهث وراء أي تقدير خارجي، حتى لو كان رخيصًا، ليعوض غياب التقدير الحقيقي المستند إلى الأداء.الانفصال عن الواقع و,نشوة المنصب,, حالة الذهول من بلوغ المناصب أدت إلى انفصال عن الواقع، فصاروا يصدقون أي مظهر من مظاهر الاحترام الدولي حتى لو جاء من شخصية غامضة تحمل اسماً يرتبط بالخرافات. إن نشوة المنصب قد تُعمي المسؤول عن رؤية الفخاخ الواضحة.اللعب على وتر الغرور والتفاخر, الدروع وشهادات الشكر، وإن كانت رخيصة الثمن، هي أدوات بسيطة للعب على وتر الغرور المتضخم لدى البعض، خاصة من يرى نفسه مُنعمًا عليه بكرسي لم يتوقعه. الهدف ليس الدرع بحد ذاته، بل الصورة التي يلتقطها المسؤول وهو يتسلم تكريمًا خارجيًا، ليُضعه في مكتبه كرمز لـ نجاحه.
درس في السخرية والواقعية
تُعد قصة طمطم الهندي هذه أكثر من مجرد طرفة؛ إنها مرآة ساخرة تعكس جزءًا من واقع الإدارة في فترة ما بعد التغيير. تُظهر كيف أن السطحية يمكن أن تُهيمن على مواقع القرار، وكيف أن البحث عن التقدير الخارجي (حتى لو كان زائفًا ورخيص الثمن) يُمكن أن يُعمي البصيرة عن الحقائق الجوهرية. إنها تضع علامة استفهام كبيرة حول معايير اختيار المسؤولين، وجاهزيتهم لتحمل أعباء المناصب، وقدرتهم على التمييز بين الجوهر والمظهر,وفي نهاية المطاف، قد يكون طمطم الهندي قد رحل وترك وراءه دروعًا وشهادات، لكن قصته تظل شاهدًا على مرحلة، وتُقدم درسًا لاذعًا بأن العروش قد تُلعب عليها الأدوار الهزلية، وأن الضحكة قد تكون أعمق من دمعة. |
المشـاهدات 66 تاريخ الإضافـة 09/07/2025 رقم المحتوى 64636 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |