النـص :
في مشهد مشحون بالانقسام السياسي والتسقيط الممنهج بين الكتل والاحزاب في العراق.تستعد الساحة السياسية العراقية لسباق انتخابي جديد حيث من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق بتاريخ 11 تشرين الثاني 2025. هذه الانتخابات ستحدد أعضاء مجلس النواب العراقي البالغ عددهم 329 عضوًا. وهم المسؤولون عن انتخاب رئيس الجمهورية ومنح الثقة للحكومة. يأتي هذا الاستحقاق في ظل مشهد سياسي معقد وتحديات داخلية وإقليمية ودولية تلقي بظلالها على العملية الانتخابية ونتائجها المتوقعة حيث يشهد المشهد السياسي العراقي قبل الانتخابات تحركات وتحالفات مكثفة. وقد أعلن رئيس مجلس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني عن تشكيل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لخوض الانتخابات، في محاولة لتوحيد القوى الشيعية في الإطار التنسيقي وابراز نفسه كزعيم داخل المكون الشيعي. ويضم الائتلاف سبعة كيانات سياسية ويسعى لحصد دعم نيابي يمكنه من الاستمرار في رئاسة الحكومة.من جهة أخرى..لكن هناك تحدي وهو موقف التيار الصدري من المشاركة في الانتخابات ويعتبر عاملاً مهماً للتكتل الشيعي. فبعد انسحاب الصدر من العملية السياسية في فترات سابقة.أثار انقساماً بشأن عودته. وعلى الرغم من دعوة الصدر للمقاطعة في انتخابات مجالس المحافظات السابقة أظهرت تلك الانتخابات أن بقية شرائح المجتمع شاركت بشكل طبيعي. مما يشير إلى أن تأثير مقاطعة التيار الصدري قد لا يكون حاسماً بالقدر الذي يتوقعه البعض. ومع ذلك، تبقى عودة التيار الصدري أو استمرار مقاطعته عاملاً قد يغير موازين القوى.وتظهر بعض الاستطلاعات أن العراقيين يبدون تفاؤلاً متزايداً تجاه الحكومة المركزية وارتفاعاً في مستوى رضاهم عن أدائها. ومع ذلك، يبرز مؤشر مقلق يتمثل في تراجع الهوية الوطنية مقابل الهويات الطائفية والعشائرية وهو ما ارتبط في التجارب السابقة بحدوث موجات من الاضطرابات أو الصراعات. هذا التوجه يستدعي مراقبة دقيقة مع اقتراب موعد الانتخابات.وهناك عدة تحديات منها يُتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات منخفضة خاصةً مع احتمال مقاطعة التيار الصدري بالإضافة إلى الإحباط الشعبي من الأوضاع الاقتصادية والخدمية.ولكن تاريخياً لم تحقق المقاطعة الانتخابية أهدافها المرجوة بل أدت في معظم الأحوال إلى استمرار تطور العملية السياسية دون تغيير جوهري. وايضا لا تزال القوى السياسية التقليدية تهيمن على المشهد السياسي مع فرص محدودة للتيارات المدنية والأحزاب الناشئة.و هذا يحد من التنوع السياسي ويصعب تحقيق تغيير حقيقي يطمح إليه الشارع العراقي.وهناك ايضا التأثيرات الخارجية والتدخلات الإقليمية حيث يلعب الفاعلون الإقليميون والدوليون خاصة إيران وتركيا والولايات المتحدة ودول الخليج أدواراً مؤثرة في المشهد السياسي العراقي. هذه التدخلات قد تؤثر على مسار الانتخابات ونتائجها مما يزيد من تعقيد المشهد..والذي يزيد التعقيد هو الفساد والسلاح المنفلت وتستمر معالجة الفساد المستشري وانتشار السلاح خارج سيطرة الدولة كأحد أبرز العقبات أمام بناء دولة مؤسسات قوية. هذه العوامل تقوض ثقة المواطنين في العملية السياسية وتؤثر على نزاهة الانتخابات.الا أن الكثير من العقبات تثير الخلافات السياسية حول قانون الانتخابات وآلية توزيع الدوائر حول شفافية ونزاهة العملية الانتخابية...وايضا للوضع الاقتصادي والمعيشي التي تعاني الطبقات الفقيرة في المجتمع العراقي من أزمات اقتصادية خانقة وازدياد نسب البطالة ومعدلات الفقر، مما قد يؤثر على سلوك الناخبين ويدفعهم نحو البحث عن حلول جذرية أو تفاقم حالة الإحباط.وعلى الرغم من التحديات تبقى الانتخابات فرصة لتجديد العملية السياسية ويجب على الحكومة القادمة أن تضع معالجة الأزمات الاقتصادية وتحسين الخدمات الأساسية على رأس أولوياتها لاستعادة ثقة المواطنين.الانتخابات العراقية القادمة ليست مجرد حدث روتيني بل هي محطة حاسمة قد تحدد مسار البلاد في السنوات المقبلة. فإن تجاوز التحديات الحالية وبناء عملية سياسية أكثر شمولية وتمثيلاً هو السبيل الوحيد نحو تحقيق الاستقرار والتنمية في العراق والمنطقة.
|